من غير المفهوم أن تصبح مصافحة سفير إسرائيل شرطا واجبا على وزراء الحكومة كي يستمروا في مناصبهم، وهو أمر يتنافى مع المنطق!
هل ستصبح زيارة سفير إسرائيل بالمنامة بطاقة تطويب للمسؤولين، لدوام مناصبهم وإذا كان هذا مع سفير دولة العدو فما رسالة البحرين لشعبها، والشعوب العربية؟
تقلب المعادلة الجديدة تقاليد سياسية تجعل سيادة البحرين واحترام قرارات شخصية حكومية وازنة أقل أهمية من لقاء عارض وغير مخطط له مع سفير دولة تعتبرها الشعوب العربية خصما وجوديا.
قرار الوزيرة بالتواجد في مكان تصادف فيه وجود سفير إسرائيل أمر يتعلق بها كشخص قبل أن تكون مسؤولا بالحكومة، أو عضوا بالعائلة الحاكمة، ولا يدخل في عملها كوزيرة ولا يتعلق بالثقافة والآثار بالتأكيد.
* * *
أقال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، من منصبها كرئيسة لهيئة البحرين للثقافة والآثار (وزيرة الثقافة) بعد حادثة فسّرت، من قبل الملك، على أنها تجنب لمصافحة سفير إسرائيل إيتان نائيه، خلال عزاء والد السفير الأمريكي في المنامة.
يتعلّق الأمر إذن بواقعة كانت الوزيرة فيها تقوم بواجب العزاء، وهو حدث يفترض ألا يكون بروتوكوليا بحتا، وإلا كانت الوزيرة قد أعلمت، مسبقا، وهذا يعني أن وجود السفير الإسرائيلي في المكان كان عارضا وغير مقصود.
كل هذا يعني أن قرار الوزيرة بالتواجد، أو عدم التواجد، في مكان تصادف فيه وجود سفير تل أبيب، أو غيره، هو أمر يتعلق بها أولا، كشخص، قبل أن تكون مسؤولا في الحكومة، أو عضوا في العائلة الحاكمة، وهو أمر لا يدخل في نطاق عملها كوزيرة ولا يتعلق بالثقافة والآثار بالتأكيد.
قرار العاهل البحريني، يعني في جملة ما يعنيه، أن تجنب لقاء السفير الإسرائيلي، حتى لو حصل صدفة، ومن دون سياق بروتوكولي، وفي حدث شخصي هو العزاء بوفاة والد سفير، هو لا يمكن رفضه، حتى لو كان من يرفضه شخصا من العائلة الحاكمة نفسها، وبمرتبة وزيرة الثقافة، التي تملك مصداقية كبيرة في منصبها وعملها وتحظى بعلاقات وثيقة مع الكثير من المثقفين البحرينيين والعرب والأجانب.
مصافحة سفير إسرائيل الهابط حديثا إلى المنامة، في هذه المعادلة الجائرة، أهم من مي آل خليفة، ومن العشرين عاما التي قضتها الوزيرة المرموقة في خدمة الشأن الثقافي والإعلامي في البحرين، ووضعها لبلادها ضمن دائرة الضوء والاحترام والفاعلية العالمية.
تقلب هذه المعادلة التقاليد السياسية، التي تجعل سيادة البحرين، واحترام قرارات شخصية حكومية وازنة، أقل أهمية من لقاء عارض وغير مخطط له مع سفير دولة تعتبرها الشعوب العربية خصما وجوديا للفلسطينيين، والعرب، والإنسانية.
يتوقع طبعا أن تراعي سلطات المنامة إجراءات التطبيع الرسميّة مع إسرائيل، لكن غير المفهوم أن تصبح مصافحة سفير إسرائيل شرطا واجبا على وزراء الحكومة كي يستمروا في مناصبهم، وهو أمر يتنافى مع المنطق البسيط، وخاصة لو جرت مقارنة هذا الفعل مع ما درجت عليه الحكومات الإسرائيلية، من حوادث تدل على استخفاف وعدوانية مع مسؤولي الدول الكبرى والصغرى، سواء كانوا رؤساء أو رؤساء حكومة أو وزراء، ومنها على سبيل المثال، ما حصل من اشتباك مع بولندا، وأدى لسحب السفراء.
ماذا تتوقع سلطات البحرين بعد هذه الحادثة، وهل ستصبح زيارة سفير إسرائيل في المنامة، بطاقة تطويب للمسؤولين، تسمح لهم بالدوام في مناصبهم، وإذا كان هذا الحال مع سفير دولة تعتبر عدوة، فما هي الرسالة التي توجهها البحرين لشعبها، وللشعوب العربية؟
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك:
السعودية تدْخل «عصْر التطبيع»: إسرائيليون في قلْب الحرَم المكي