مع انطلاق جولة مشاورات جديدة بين رئيس الحكومة المغربية المكلف سعد الدين العثماني والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، اتفق المتابعون على أنها حققت تقدما سريعا، وأسست
لمرحلة جديدة لا تعني العودة لنقطة الصفر، لكن يميزها تفكك التحالف الحزبي بين الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار.
وبينما لاحظ البعض أن هذه المشاورات كشفت عن جهد تواصلي، إلا أن مراقبين يعتبرون أن مهمة العثماني لن تكون سهلة بالنظر للشروط والقواعد التي يفرضها حزبه وعودة حزب الاستقلال لواجهة التوازنات الخاصة بتشكيل الحكومة.
جهد تواصلي
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط حسن طارق أنه إذا ما تم استثناء الجهد التواصلي و”لمسة اللياقة التي تعبّر عن أسلوب جديد يتم إضفاؤه على الجانب الشكلي” من هذه المفاوضات، فإنه لا يمكن تصور أنها حملت جديدا ذا أهمية كبرى من الناحية السياسية ما دامت الأطراف المعنية لم تدخل بعد في صلب الموضوع.
وقال طارق للجزيرة نت إن أمام العثماني إشكاليات واضحة منها تفويض حزب العدالة والتنمية الذي “يجعله مرتبطا بالمسار نفسه الذي سبق أن مر به بنكيران، إلى جانب موقف حزب الاستقلال الذي لا يزال عند قرار مجلسه الوطني القاضي بالمشاركة في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية”.
وبخلاف طارق فإن المحلل السياسي خالد يايموت يرى أن مشاورات العثماني أمس مع جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان حققت تقدما سريعا وغير منتظر، “فمن جهة تفاعلت الأحزاب بشكل سريع مع العثماني، ومن جهة ثانية ظهرت بوادر إعادة بناء التحالفات، الشيء الذي يفسر إمكانية دخول حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة”.
تغير جذري
ويقول يايموت للجزيرة نت إن النتائج الأولية للمشاورات تشير إلى تغير جذري لتعامل الأطراف السياسية المغربية مع حزب العدالة والتنمية، والأحزاب التي عرقلت تشكيل حكومة بنكيران.
واعتبر أن استقبال العثماني للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري شكّل أول تواصل سياسي رسمي بين الحزبين المتصارعين، كما أن حزب الاستقلال عاد لواجهة التوازنات السياسية الخاصة بتشكيل الحكومة.
أما رئيس “مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية” محمد بودن فقال إن العثماني حاول “بمقوماته الشخصية ومرونة مواقفه” أن يستحضر شروط حزبه وأحكام الظرفية وضيق الزمن التفاوضي.
وأضاف “يظهر أن العثماني وزع الأدوار على فريقه التفاوضي بما يؤسس لبداية مرحلة جديدة لا تعني العودة لنقطة الصفر، بل قد تعني مراجعة المنهجية التي ستجنبه المقاومة، وتؤسس لتسامح سياسي بين أطراف مغايرة كحزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة”.
نتائج أولية
وحول النتائج الأولية لهذه المشاورات، قال يايموت إن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده الملياردير عزيز أخنوش “لأول مرة يحسم موقفه من المشاركة في الحكومة دون أن يضع شروط معلنة، ذك أنه كان يتحدث باسم تحالف يجمع حزبه وحزب الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية”.
وأضاف “الظاهر أن حزب الاتحاد الاشتراكي هو أكبر الخاسرين من تفكك التحالف الحزبي بينه وبين التجمع الوطني للأحرار”.
ووفق بودن فإن عدم فرض شروط من بعض الأحزاب جعل أمر المفاوضات مبدئيا مطمئنا وغير مطبوع بالعسر، حيث يلاحظ أنه تم التخفيف من حدة الاشتراطات والاعتراضات، وتم تثمين منهجية الانفتاح على كل الأحزاب الممثلة في مجلس النواب.
وأجرى العثماني أمس رفقة ثلاثة من أبرز قيادات حزبه مشاورات سياسية بخصوص الوضع السياسي الذي تمر منه البلاد بعد أزمة تشكيل الحكومة.
فقد بدأ العثماني مسلسل المشاورات مع حزب الاستقلال (46 مقعدا)، وحزبي التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا) والاتحاد الدستوري (19 مقعدا)، وحزب الأصالة والمعاصرة (102 مقعد)، وحزب الحركة الشعبية (27 مقعدا)، ثم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (20 مقعدا)، فحزب التقدم والاشتراكية (12 مقعدا).
الجزيرة