مشاكل مجتمعاتنا العربية إلى أين؟! (3)

أحمد عزت سليم17 أكتوبر 2019آخر تحديث :
مشاكل مجتمعاتنا العربية

مشاكل مجتمعاتنا العربية إلى أين؟!

(3)

حالة الارتداد الرجعى

تعيش المجتمعات العربىة الآن حالة إجتماعية تعتمل وتختلط فى مختلف العناصر البشرية المشكلة لمؤسساتها التى يتكون منها بنيانها الاجتماعى بعد انتشار التيارات الدينية ومحاولة العودة إلى ما يسمونه طراز الأسلاف، وادعاءات تمايز صفات أفراد هذه التيارات بانساقها المحافظة الشكلية والنوعية والمضمونية والسلوكية عن بقية أفراد المجتمعات العربىة وخاصة وكنموذج بعد وصولها لسدة الحكم كما حدث فى مصر وسقوطها السريع  وبما تدعيه من تفوق عنصرى يمييزها عن الآخرين، وبما تدعيه من امتلاك الإيمان الدينى المطلق وحدها وبما يسمح لها وحدها بالسيادة والحكم ومعارضة الحداثة والإصلاح والتطور بحكم تمسكها بالأسس والأساليب والمبادىء والقيم والمعايير القديمة ذات التكوين والأساس الدينى الأحادى التفسير والذى تدعى وحدها إمتلاكه والتى تعود إلى عصور سالفة وعتيقة، ومن خلال إدعاءاتها أنها تمثل استمراريتها ولهذا تسعى إلى إعادة قوتها ونفوذها فى واقع الحياة الاجتماعية بشكلياتها وآلياتها القديمة، وبما تعتقده من أن معظم المشاكل بكل أنواعها تنشأ من عدم العودة إلى هذه الأسس التى تحتكر هى وحدها تمثيلها وكما تعود بالإضافة إلى ذلك -من وجه نظرها ورؤيتها- إلى المبالغة فى الديمقراطية التى تحابى الجماهير وأنظمة الحكم التى تصفها بالأنظمة العلمانية المدنية الكافرة، وتعتمل في أفرادها بشكل صراعى كبير ماهية وطبيعة المراحل التى احتوتها نظرية المفكر الإيطالي فيكو الدائرية لتطور المجتمعات وخاصة المرحلتين الأولى والثانية وهما:

-المرحلة الدينية أو الإلهية: وفيها يرجع الناس كل شيء إلى الآلهة- المرحلة البطولية: وفيها يرجعون كل شيء إلى العظماء والأبطال، وتقزمت بقوة المرحلة الثالثة وهى المرحلة الإنسانية: والتى تصبح الجماهير فيها هي المحرك الحقيقي لكل شيء، وفى هذا الإطار نجد المؤسسات والجمعيات الدينية لا حراك فى الخطاب الدينى لها والذى من المفترض أنه  يتفق مع الحالة الوطنية ومع أمال الإنسان فى التحرر والتقدم والتطور فاقتصر الوعظ  والعمل على السمع والطاعة فحسب وحتى بأليات مر عليها قرون طويلة لم يعد لها وجود فى المجتمع وتشيع حالة الغياب والتحجر والخوف والتردد فى المجتمع ومن ثم افتقاد نمو الاعتماد المتبادل وانتفاء تناقص فرص قيام الحرب وازدادت الحالة الحدة مع زيادة فاعلية المرحلة الإلهية بتصاعد حالة التكفير والتفجير والوصول إلى درجة عبادة الإسلاف ودون إعمال البصيرة والفكر والعقل النقدى والذى دعا إليهم الإسلام لإعمالهم فى الحياة {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }المؤمنون80، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }القصص72، {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } الأنعام 50.

ويتم نفي ذلك كله، ومن ثم إعطاء أفراد الجماعات الإرهابية  المبررات الشرعية -التلفيقية-  ليدعوا أنهم ممثلين للآلهة ولتدخل القوة الإلهية ومالكين للماضى والحاضر والمستقبل والقيمة والمعيار، بل ومالكين للغيب وكممثلين وحدهم للنص والشرع والشرعية، وأصحاب الحق والفصل بين الخير والشر والقدرة على توقيع الجزاء التكفيرى على الفرد والمجتمع بكل ما يشمله، بل وسابقين لهذه القوة الإلهية فى تنفيذ هذا الجزاء، وتلك الحالة التكفيرية التى تشهدها مجتمعاتنا الآن وتعمل كمقدمات عميلة تستهدف التدخل الأجنبى وتدمير الوطن فى الحروب الداخلية وكما فى النموذج اليمنية والعراقية والليبية والسورىة ومحاولة تطبيقة فى مصر من خلال المخططات العميلة للتيارات التكفيرية والمتأسلمة فى مصر وكما تشهدها الأحداث فى سيناء على سبيل المثال لا الحصر.

المقال الثالث من سلسلة مقالات حول مشكلات المجتمعات العربية، وللاطلاع على المقالين الأوليين، الأول من هنا، الثاني من هنا

موضوعات تهمك:

استخدام شركات الموضة العالمية للتجسس

تدنيس القرءان الكريم.. محطات خطها الغرب بمداد من الطائفية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة