يبدو ان قرار تعميم جنون القتل والعصبيات واستخدام العنف قد اتخذ ليشمل جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء. وآخر ما ذكر في هذا الاطار، المعلومات التي سربتها اوساط كنسية بارزة في العاصمة السورية عن قيام مسؤولين وكوادر من اجهزة الاستخبارات والامن في النظام السوري بجولة خلال الايام الاخيرة على منازل عدد من الفاعليات والقيادات الزمنية والروحية في الاحياء المسيحية الدمشقية، داعين اياهم الى التسلح وتشكيل فرق ميليشيا استعدادا للتطورات المقبلة في سوريا.
وتضمنت المعلومات ان المسؤولين عن اجهزة الاستخبارات السورية اتخذوا من بعض الاحداث الامنية التي طالت مسيحيين موالين للنظام، مسوغاً للتجول في حي باب توما ذي الكثافة السكانية المسيحية وضاحيتي الطبالة والدويلعة ذات الغالبية المسيحية ايضاً والتي يقطنها الاف القادمين من الارياف السورية، من اجل بث اخبار عن امكان تعرض هذه المناطق لهجمات مسلحة من الثوار، وتالياً لا بد من الاستعداد وتسلم السلاح وتوزيعه وتدريب الاهالي عليه لحماية مزعومة من هجمات عناصر متطرفة كما جرى في العراق سابقاً.
واشارت المعلومات الواردة من العاصمة السورية، الى ان هذه الاشاعات وعمليات التحريض اثارت قلقاً كبيراً لدى فئات واسعة من المسلمين والمسيحيين من احتمال حدوث امور خطيرة في العاصمة السورية وخشية مما يحضر للمستقبل من تطورات دموية. لكن قلق هذه الفئات الواسعة من المجتمع الدمشقي، وفق الاوساط نابع من “خطاب الحرب الجديد الذي لم يعتده الاهالي في هذه المناطق، الذين لم يحملوا السلاح الا في اطار مؤسسات الدولة والانظمة المرعية الاجراء، وتالياً لا يودون حمل السلاح حالياً ولا في المستقبل، ولا يعتبرون انفسهم معنيين بما يتم ترويجه من محاولات لاقحامهم في الصراع الدموي المسلح في سوريا”.
وتتوسع الاوساط الكنسية في المعلومات وشرح موقف مسيحيي العاصمة السورية خصوصاً، وتالياً موقف كل مسيحييها، بأن الرد على جماعة الاستخبارات والنظام جاء سريعاً برفض كل انواع التسلح والتجاوب مع اي دعوة من هذا القبيل، وتكرار الموقف الذي يؤكد ان “مسيحيي سوريا جزء من الشعب السوري يصيبهم ما يصيبه”، وتالياً رفض معظم الفاعليات وغالبية الاهالي الساحقة تلقي اي سلاح، مشددين على اهمية الحوار والعيش معاً، وان ما جرى في لبنان من تقاتل خير دليل على صحة موقف رفض العنف.
وشددت الاوساط الكنسية “البارزة” على انزعاجها الشديد من محاولة الزج بالمسيحيين كمكون سوري اصيل في حمأة النزاع الاهلي.
واشارت الى تحرك واسع قام به عدد كبير من الفاعليات في اتجاه المؤسسات الكنسية ورجالاتها، وسمعوا تأكيداً لرفض حمل السلاح في وجه اي سوري، وان من يردد التعبير عن موقف معين عليه القيام بذلك بطريقة حضارية وسلمية، وبان موقف المسيحيين وتحديداً الروم الارثوذكس الاخلاقي والوطني والتاريخي يتلخص برفض الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد.
لكن اهم ما في مواقف الكنيسة السورية، استنادا الى اوساطها البارزة، انها قررت التصدي لكل ما يتم تسريبه من اخبار ملفقة سواء عبر الانترنت او غيره من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والالكترونية، ومواجهة اي اثارة للنعرات الطائفية. كما ان هناك قراراً واضحاً بالتصدي لكل من يحمل السلاح ضد مواطنيه السوريين، واعتبار كل من يقدم على ذلك مسؤولاً عن أعماله كشخص وفرد وليس كجماعة، وتالياً فان الكنيسة او الكنائس المسيحية لن تسمح بأن يكون هناك اي مشروع مجزرة ضد المسيحيين من خلال الترويج لحمل السلاح ضد هذا الفريق او ذاك.