“مريد البرغوثي” هكذا أعلن الشاعر تميم البرغوي عن وفاة والده مريد، خلال الساعات الماضية، حيث اكتفى بكتابة اسمه مجردا في منشور على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك كما أقدم على تغيير صورته إلى اللون الأسود حدادا على والده، قبل أن تعلن العاصمة الأردنية عمان صباح اليوم وفاة الشاعر الفلسطيني الكبير عن عمر ناهز الـ77 عاما.
نوبة من الحزن انتابت محبي الشعر والأدب، وأيضا داعمي القضية الفلسطينية، التي فقدت أحد أهم أصواتها خلال الأعوام الماضية.
من هو مريد البرغوثي
البرغوثي شاعر وكاتب، زوج الروائية واستاذة الجامعة الراحلة رضوى عاشور ووالد الشاعر واستاذ العلوم السياسية تميم البرغوثي.
ولد مريد البرغوثي في قرية دير غسانة قرب رام الله وقضى معظم حياته في المنفى بعيدا عن وطنه، وهي قصة طويلة حكاها في مذكراته الشهيرة “رأيت رام الله”، التي أكسبته جمهورا كبيرا، وقد اعتبرت إحدى الروايات الهامة للتهجير، واعتبرها الكاتب الفلسطيني إدوارد سعيد واحدة من أفضل الروايات عن تهجير الفلسطينيين من بيوتهم.
ولد مريد عام 1944 قبل النكبة بأربع سنوات، قبل أن تقع النكبة وتسرق بلاده ويغادرها مجبرا مع أسرته إلى الأردن، سافر مريد إلى مصر في عام 1963، قبل أن يلتحق فيها بكلية الآداب ويدرس اللغة الإنجليزية وآدابها عندما اندلعت حرب 1967، وبقي خارج مسقط رأسه لمدة طالت إلى 30 عاما، حيث اقتلع من بلده كما ذكر.
للشاعر الراحل العديد من الدواوين أولها الطوفان وإعادة التكوين، ثم فلسطيني في الشمس، وأيضا له ديوان نشيد للفقر المسلح، وسعيد القروي وحلوة النبع، والأرض تنشر أسرارها، وطال الشتات، ورنة الإبرة، وعندما نلقتي، ومنطقة الكائنات، ومنتصف الليل.
عمل مريد البرغوثي في السياسة حيث كان ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية لفترة طويلة إلا أن اتجاهها في أوسلو وغيرها من المسارات التي كادت تجهز على القضية الفلسطينية جعلته يبتعد عن الأحزاب السياسية، ويستمر في الكفاح من خلال الشعر والأدب، حيث كانت أغلب كتابتها واشعاره التي لاقت رواجها كبيرا عن قضيته الأم، قضية كل الفلسطينيين.
استقر مريد في القاهرة مع زوجته الراحلة رضوى عاشور وأنجب منها ابنه تميم البرغوثي، وقد أبعد عن زوجته وابنه لأسباب سياسية بحتة، حيث انتقد اتفاقية كامب ديفيد إبان حكم أنور السادات ليبعده الأخير إلى الأردن ويبقى بعيدا عن عائلته لسنوات.
كانت عائلة مريد البرغوثي مثالا للكفاح والنضال والصبر، وكانت أيقونة ثورية فريدة يقتدي بها ويحبها الآلاف من الشباب العرب، ممن عاشوا حكاية تلك الأسرة في الكتب وفي الواقع، وفي اشعار مريد وابنه وروايات رضوى.
عاش مريد آخر أيامه في العاصمة الأردنية وفيها قضى نحبها لاحقا بزوجته رضوى عاشور ومخلفا وراءه كفاح لا ينضب، وحزن لا ينتهي.
#مريد_البرغوثي: قصيدة "أنتِ وأنا"
إلى #رضوى_عاشور pic.twitter.com/lsUHnfssLH— مريد البرغوثي (@MouridBarghouti) July 23, 2020
نعي مريد البرغوثي
نعى مريد الآلاف من مريديه ومحبيه في كافة أنحاء العالم، وانهالت التعليقات والمنشورات والتدوينات التي أرسلت الرحمات تترى عليه في مثواه الأخير، وكتب الآلاف من محبيه مقتطفات من أشعاره ونثره، سواء للفلسطينيين أو لزوجته الراحلة رضوى عاشور، متمنين له الرحمة والسلام ولابنه وكل من يحبه الصبر والسلوان.
وكتب احد الناعين: “(أنا أكبر من إسرائيل بأربع سنوات، والمؤكد أنني سأموت قبل تحرير بلادي من الاحتلال الإسرائيلي. عمري الذي عشت معظمه في المنافي تركني محملًا بغربة لا شفاء منها، وذاكرة لا يمكن أن يوقفها شيء) رحم الله مريد البرغوثي وأسكنه فسيح جنانه”.
بينما كتبت الصحافية منى حوا: “رحل #مريد_البرغوثي الذي نسج قصتنا بقوله “أنا أكبر من إسرائيل بـ4 سنوات، والمؤكد أنني سأموت قبل تحرير بلادي من الاحتلال. عمري الذي عشته في المنافي تركني محملًا بغربة لا شفاء منها، وذاكرة لا يمكن أن يوقفها شيء.” رحل اليوم عنّا “دون مداخل الوطن الذي تعطي الحجارةَ والصغار مشاتله”.
وكتب زاهي وهبة: “التقيته في فيء الصداقة والقصيدة وهوى #فلسطين، تشاركنا ندوات وأمسيات وحوارات متلفزة في الشِّعر والحياة والوطن السليب.
مضى مريد شوقاً إلى رضواه ورفيقيه ناجي وغسان تاركاً قصيدته بوصلة نحو شمس البلاد وَجِهتها الواضحة. وداعاً #مريد_البرغوثي”.
بينما نعته الإعلامية ديمة الخطيب قائلة: “رحيل الشاعر الفلسطيني والصديق الغالي مريد البرغوثي خسارة كبيرة إنسانياً وأدبياً وشعرياً وثقافياً وفكرياً ووطنياً.. حزني أعمق من أن أصفه مريد كان أول شخص بعد والدي يشجعني حين قال لي: أنت كاتبة فاكتبي رحم الله مريد وألهم ابنه تميم الصبر في هذه المحنة الكبرى لا كلام يسعفني”.
بينما كتب الكاتب الصحفي ياسر الزعاترة تدوينة قال فيها: “وفاة الشاعر والأديب الفلسطيني الكبير مريد البرغوثي (76 عاما). كان من عمالقة الشعر دون شك، ولكن دون ضجيج، ولا علاقات عامة. حمل قضيته بلإخلاص، وكان من أصحاب المواقف، بجانب الإبداع، وكذلك حالة زوجته الروائية المصرية الراحلة رضوى عاشور. رحمه الله ورحم زوجته، ورحمنا أجمعين.”.
وكتب حشر المنذري: “رحل عن عالمنا اليوم الأديب الفلسطيني #مريد_البرغوثي. قرأت كتابه رأيت رام الله، وفيه أمثولة الحق الفلسطيني وحجم الظلم الذي تعرض له شعب بأكمله بين شهيد وأسير ونازح ولاجئ. اسئلة الوطن، المنفى، العودة! ولكن الحقيقة المؤكدة أن مريد ولد في رام الله عام ١٩٤٤، أي أنه أكبر من كل اسرائيل”.
وكتب الكاتب الصحفي أيمن الصياد: “ها قد غادرنا #مريد_البرغوثي بعد أن أعياه البحث عن الوطن. رحم الله الصديق الصدوق.. وصادق العزاء لكل من أحب (الوطن)، ولابنه العزيز؛ فارس الكلمة”.
موضوعات تهمك: