مخيم الركبان.. مثلث موت الضمير العالمي
- فصائل سياسية وعسكرية لم تحرك ساكناً ولديها أوراق كثيرة تستطيع الضغط بها على القتلة وسدنتهم.
- العالم صمت على النظام وبارك جهوده ونرى دولاً كبرى تهتز أركانها حين يتدخل المجتمع الدولي ضدها.
- ما كان للمجرم القاصر القاتل أن يفعل هذا ولا شيئا منه، لولا الدعم العالمي له.
بقلم: أحمد زيدان
الموت البطيء الذي يعاني منه عشرات الآلاف من ساكني مخيم الركبان على الحدود السورية – الأردنية على مدى أشهر لا يزال حديثاً محرّماً لوسائل الإعلام الدولية.
وذلك ما دام أصحابه يطالبون بحرية في بلد تحكمه عصابة طائفية مؤتمرة بأوامر احتلالات مزدوجة خارجية، وبالتالي تحظى بحماية وحصانة دولية قلما نالتها عصابة حاكمة ربما على مدى التاريخ.
الصور المفزعة، والعيون المحدقة بوجوهنا جميعاً، القادمة من مخيم الركبان هي أفظع من كل ما نسمعه عن حالة المخيم، إن كان حالة المياه المزرية، والتي تفضح التخاذل العالمي والعربي، أو حالة المرضى الذين يتم نقلهم بالعربات البدائية التي تجرها الأيادي البشرية، أو تجرها الحيوانات..
لعلها تجد رأفة ورحمة ممن يقف على الحدود الأردنية، بعد أن فقدوا الأمل بإنسانية وبشرية من يتحكم بالحدود السورية من العصابة الطائفية، ولكن لا مجيب.
وسائل الإعلام العالمية لديها ما يشغلها عن مأساة عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة، فقد عجزت كل وسائل الإعلام العالمية عن دخول مخيم الموت، كون الدخول سيفضحنا جميعاً قبل أن يفضح العصابة الطائفية التي لم يعد لديها ما تخجل منه، وألقت بكل سهامها الإجرامية في وجه بشرية لم يبقَ منها إلا الاسم!
فمن ألقى البراميل المتفجرة على مدنيين ومشافٍ وأسواق لسنوات، ومن استقبل بالأحضان احتلالات أجنبية مدمرة لقتل من يفترض أن يكون شعبه، ومن استخدم الكيماوي وكل الأسلحة المحرمة لن يُخجله شيء، لا سيما وقد حظي بدعم دولي غير مسبوق.
يترافق هذا مع صمت الائتلاف السوري المعارض وهيئة التفاوض على جريمة سجّلها التاريخ، في الوقت الذي يشغلون أنفسهم بمفاوضات سرابية، بل ويجمّلون وجه القاتل وسدنته.
في حين كان الأولى أن يتحدى هؤلاء العالم كله بالتوجه إلى المخيم والتهديد بوقف جميع أشكال التعاون مع المجتمع الدولي، ما لم يفك الحصار عن المخيم، ولكن شيئاً من هذا لم يحصل، وهو ما يؤكد صواب من رفع شعار جمعة «هيئة التفاوض لا تمثّلنا».
فكل أشكال التفاوض التي حصلت وتحصل، لم يصب ماؤها إلا في طاحونة العصابة الطائفية من تسليم البلدات والقرى والمواقع، والقائمة تطول، وكل من لديه أدنى عقل سيجد بالمراجعة البسيطة ألف دليل ودليل على ما نقوله.
وفي الوقت الذي يئن عشرات الآلاف من ضحايا مثلث الموت في مخيم الركبان، نرى افتتاح معبر نصيب مع القتلة والمجرمين، لتتدفق البضائع مغموسة بدماء مليون شهيد وملايين المشردين والمعتقلين، وهذا لن يمر دون عقاب إلهي طال الزمن أو قصر.
الدفاع المدني التابع للثورة السورية كان الأكثر تمثيلاً وتفاعلاً مع مخيم الموت، حين طالب المجتمع الدولي بفتح الطرق من أجل دخول كوادره لمساعدة سكان المخيم.
لكن لا مجيب، ما دام المحتل يطالب بطرده من سوريا كلها، على أساس أنه إرهابي ومجموعة إرهابية، يقابل هذا للأسف صمت الفصائل السياسية والعسكرية التي لم تحرك ساكناً، وهي التي لديها أوراق كثيرة تستطيع من خلالها الضغط على القتلة وسدنتهم.
باختصار، ما كان للمجرم القاصر القاتل أن يفعل هذا ولا واحد بالمائة منه، لولا الدعم العالمي له، فقاتل الشام لم يعد بشار حافظ الأسد ولا والده ولا طائفته، وإنما قاتلها هو العالم الذي صمت عليه وبارك جهوده، ونحن نرى دولاً كبرى تهتز أركانها حين يتدخل المجتمع الدولي ضدها.
- د. أحمد زيدان صحفي وإعلامي سوري.
المصدر: «العرب» القطرية