محمد علي “لن أقبلك وعش حياتك التى تحياها فى أوربا بعيد عنا”
لا ولن نقبل دعوتكم يا محمد علي التى تكشف المخطط الصهيوأمريكى لتفتيت الوطن أيها المدعو محمد على والتى تدعو فيها لتشكيل الحكومة والمشرعين حسب التوزيع الجغرافى .. إنها بداية الدعوة للتفتيت … كنت أرى بقوة تامة قبل دعوتك هذه انك على حق فى كثير مما دعوت له .. ولكن من الان أرفضك .. كشفت حقيقة مؤامرتك وإن كنت تدعى الطهارة فهذه صورك وحياتك الطبيعية التى تتمتع بها وتعيشها فى أوربا … فماذا تريد لنا ؟ هل تريد الصراع بين أبناء الشعب المصرى بين الصعيد فى مواجهة الوجه البحرى وبين الواحات الغربية فى مواجهة سيناء والعريش وبين طنطا والمحلة الكبرى فى مواجهة سوهاج وقنا وبين اسوان فى مواجهة القاهرة وبين الأسكندرية فى حرب مع الغردقة وبين المحلة الكبرى فى حرب مع الفيوم .. إنك تستهدف مع أسيادك عملاء الصهيوأمريكية تأجيج الصراع ونشر العنصرية بين ابناء مصر الوطن الواحد ..
أيها المدعى محمد علي إن وحدتنا الوطنية المصرية هى حياة الشعب المصرى وأمنه وأمانه لم يسمح المجتمع المصرى فى أغلب عصوره التاريخية ومع تطورات الديانة القديمة ، للطائفية أن تقسم وحدته التاريخية ولم يجد أى حزب طائفى مكانا له على الساحة المصرية ، واتحد وتوحد كل المصريين على الوحدة والألفة والمحبة وتوارثوا ذلك عبر أجيال ممتدة تاريخيا ويتعايشون فى معيشة واحدة الجار للجار فى أفراحه وشدته فيقصد بعضهم بعضا ويشد أزره فى مهماته.
تظل الوحدة الوطنية المصرية من الأسس والمقومات الرئيسي للحياة المصرية منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، حيث أقام المصريون- رغم تعدد معتقداتهم – أول دولة مركزية وأمة واحدة موحدة فى التاريخ الإنسانى على يد الملك (مينا) عام 3200 ق.م.ومن الشمال إلى الجموب ومن الشرق إلى الغرب ، وكان قبول واحترام الآخر- المختلف دينياً – ركيزة الوحدة بين الصعيد والدلتا وهو المعروف تاريخياً باسم ” وحدة القطرين” أو “وحدة الأرضين” حيث سُمح ببناء معابد آلهة كل من سكان الصعيد ، وسكان الدلتا على أرض الآخر ، بعدها عرف المصريون “الإله الواحد” وعرفوا بأمة التوحيد الأولى فى التاريخ الإنسانى ، وبزغ الضمير البشرى على حد قول المؤرخ المعاصر الكبير “جون برستيد” فى كتابه السفر عن مصر “فجر الضمير” .
ومع مطلع الرسالات السماوية كانت مصر طرفاً دائماً فى قصة التوحيد بفصولها الثلاثة – وحسب جمال حمدان – كانت لموسى قاعدة ومنطلقاً ، ولعيسى ملجأ وملاذاً ، بينما كانت مع النبى محمد هدية ونسباً، فقد جاء فى الاسلام الحنيف ” لا إكراه فى الدين ” فكان دخول عمرو بن العاص الى مصر بأمر من رسول الله ( ص ) حيث صاغ فى عهد كتبه عمرو بن العاص- و أخرجه الطبرى- عهد الله ورسوله وعهد أمير المؤمنين (بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم فى برهم وبحرهم لا يد خل عليهم شئ من ذلك ولا ينقص) فجاء فتح مصر على يد عمرو بن العاص حاملاً رسالة السلام والاسلام لشعب مصر آمنين على حرية اختيار عقيدتهم اعمالا لأحكام الدين الحنيف بحرية العقيدة.
وقد شرفت مصر وشعبها بتلك الوصية النبوية الشريفة التى أوصى بها رسول الله ( ص ) وهو على فراش المرض ، حينما قال “قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم على عدوكم، وأعوانكم على دينكم “، وأظهرت الكنيسة المصرية والمواطنين الأقباط طوال مراحل التاريخ الروح الوطنية المصرية المدافعة عن الوطن فقد وقف المصريين معا ضد حكم الدولة البيزنطية المسيحية وحاربوا معا مع صلاح الدين ضد الحملة الصليبية, وفشلت محاولات الصليبيين في استمالة الأقباط المصريين إليهم بإدعاء الوحدة في المسيح والعمل معا تحت الصليب.. ورفعت الكنيسة القبطية شعارا ظل معبرا عن موقفها في كل المراحل بعد ذلك وهو أن ارتباطها بمصر وبالمسلمين المصريين أقوي من ارتباطها بكل ما هو أجنبي حتي ولو كان مسيحيا, مادام يريد غزو واحتلال الوطن وكما يؤكد الكاتب رجب البنا تجلى الموقف الوطنى للأقباط أثناء الحملة الفرنسية ـ كما شرحه الدكتور محمد عفيفي ـ فقد رفضت الكنيسة ادعاء المستعمرين أنهم أخوة للأقباط لأنهم مسيحيون, وكان موقف الكنيسة والاقباط يقول ببساطة: بل أنتم مستعمرون ولا يهم بعد ذلك من أي ديانة أنتم.. ونظرت الكنيسة الي الفرنسيين لا علي أنهم مسيحيون بل علي أنهم افرنج وغرباء.. ولم يتعاون مع قوات الاحتلال الفرنسي الا المعلم يعقوب وجماعته ولم يكن هؤلاء يمثلون الاقباط ولكنهم كانوا يمثلون الخونة والعملاء في كل المراحل, وكان موقف المعلم يعقوب خروجا علي موقف الكنيسة وتمردا علي سلطتها, وتشهد المصادر الفرنسية بفشل محاولات قادة الحملة الفرنسية في كسب الكنيسة الي صفها أو جذب الاقباط للتعاون معها.. وكان ذلك صدمة للفرنسيين وعلي عكس ما توقعوا قبل مجيئهم الي مصر, اذ كانت حساباتهم قائمة علي أنهم سيجدون من الاقباط الدعم الأكبر لوجودهم, فوجدوا الاقباط مع المسلمين صفا واحدا في الرفض والمقاومة للاحتلال.
وهذا ما تكرر بعد ذلك مع الاحتلال البريطاني ـ كما أفاض في شرحه الدكتور يونان لبيب رزق ـ فلم ينظر الاقباط للاحتلال علي أساس وحدة الدين, وقد قاومت الكنيسة الإرساليات التبشيرية الغربية, وبعد ان كان الانجليز يعملون علي استمالة الاقباط والكنيسة للتعاون معهم, تحول موقفهم بعد أن تأكدوا من فشلهم في ذلك, وأصبحوا يبادلون الكنيسة العداء, وفي الجزء الثاني من مذكرات اللورد كرومر المعتمد البريطاني14 صفحة عبر فيها عن حقده وخيبة أمله في الاقباط المصريين, فقال ان المسيحيين المصريين مثل المسلمين أعداء للاحتلال منذ اليوم الأول, وكان البطريرك كيرلس الخامس الذي شغل المنصب البابوي53 عاما من1882 حتي1914 قائدا لحركة اصلاحية في الكنيسة وصاحب موقف صلب ضد سياسات الاحتلال البريطاني, وأعلن تجرد المحتلين من المسيحية بالعدوان علي مصر, وكان من أثر ذلك ان أصدر الانجليز قرارا بنفي البابا كيرلس ومعاونيه في الصحراء, وشهدت ثورة1919 التحام الشعب المصري بصورة اذهلت العالم وليس الانجليز وحدهم.. وصدرت أحكام الاعدام والنفي علي قادة الثورة من كل المستويات, وشمل الاعدام والنفي الاقباط والمسلمين دون تفرقة..واستشهد الكثير فى سبيل الثورة على المحتل الإنجليزى فسينوت حنا والذي اختير عضواُ في لجنة قيادة الحزب الوطني عام 1913 و كان أحد قادة ثورة 1919 وهو الذي استشهد حينما حاول إنقاذ مصطفى النحاس باشا من الاغتيال فمات بدلاً منه ، وأعلن مكرم عبيد سكرتير عام حزب الوفد المقولة الشهيرة “مصر ليست وطناً نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا” . سيظل الشعب المصرى مقاوما مهما كان قهر السلطة الظالمة أم يعبر الشعب المصرى الفقير الغلبان بامثلته الشعبية المعبرة عن مقاومته لها :ـــ – يا والى لا تجور .. الولايه لا تدوم ! – يا ظالم لك يوم ! – لا تأمن للأمير ، إذا غشك الوزير – من أكل مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد حين !- ابن الحاكم يتيم !- قالوا للجعان : الواحد فى واحد بكام ؟ قال : برغيف ! – قالوا للأعمى : الزيت غلى قال : فاكهة مستغنى عنها ! – طمعنجى بنى له بيت فلسنجى سكن له فيه ! – إن مات حمار القاضى كل الناس تعزى القاضى وان مات القاضى ماحدش يعزى الحمار !- ــ لو كانت الأسامي بفلوس كان الفقير سمى ابنه خراء ــ أبن مين الي محمول؟ ابن اللي عندها ماكول ، وابن مين اللي ماشي؟ ابن اللي معندهاشي ــ ـــ وألم تعبر الأمثال الشعبية للشعب المصرى عن شخصيته الواعية بدور السلطة والناقد لها :ـــ يا فرعون، إيش فرعنك؟ قال: ملقيتش حد يقف يصدني ــ حاميها حراميها ــ سلموا القط مفتاح الكرار ــ قالوا للحرامي أحلف، قال جالك الفرج ــ يبني قصر ويهدم مصر ــ أنا جمل صلب بس علتي الجمال ــ أخر خدمة الغز علقةـ نوم الظالم عبادة .
فإلى محمد علي إبعد عنا أيها المدعى، لن أقبلك بعد اليوم عش حياتك التى تحياها فى أوربا بعيد عنا وكفاك … هكذا أنت كما تفضحك ممارساتك الحياتية اليومية … فماذا تريد منا ؟ غير ماتريده الصهيوأمريكية من تفكيك وصراع دموى …لأن أقبلك بعد اليوم: عش حياتك التى تحياها فى أوربا بعيد عنا.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة