بقلم: طارق الحميد
سبق أن قلنا إن حديث طاغية دمشق مع التلفزيون الإيراني الرسمي يعني أن الأسد بات يعي أن ليس له إلا إيران، لكن الأسد لم يتوقف من يومها عن الأحاديث الإعلامية، فمن حواره ذي الثلاث حلقات مع صحيفة «جمهوريت» التركية، إلى حواره الأخير مع إحدى المحطات الألمانية التلفزيونية!
وحديث الأسد الأخير للمحطة الألمانية يدل على أن طاغية دمشق بات يشعر بأنه في ورطة حقيقية، وإلا كيف يقدم على إجراء ثلاث مقابلات إعلامية في أسبوع واحد؟! والطريف في حوار الأسد الأخير مع المحطة الألمانية أنه لم يتعلم أبدا من حواره الشهير مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في أوائل عام 2011 حين تشفى بذلك الحوار في الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وقال الأسد وقتها إن مبارك يواجه نهاية حتمية لسياساته الخارجية، وكانت المفارقة أن الثورة السورية اندلعت بعد حواره الشهير ذلك، الذي تشفى به في مبارك، واليوم، وبعد مرور أكثر من عام على ذلك الحوار الشهير، يعود الأسد للتشفي مرة أخرى في الرئيس المصري السابق مبارك، ويقول إن محاكمته تثير الأسف، وإنه، أي الأسد، ليس مثل مبارك، حيث يقول: «لكي يخاف المرء فإنه يجب أن يقارن ويسأل: هل هناك شيء مشترك؟»، مضيفا أن «الوضع مختلف تماما، ولا يمكن مقارنته، ولا يمكن أن يشعر المرء بالخوف، لكنه قد يشعر بالأسف، أو الشفقة»!
وهذا تذاك مفضوح من قبل الأسد، وشماتة أخرى في الرئيس المصري السابق، فما يريده الأسد حين قال: «لكي يخاف المرء فإنه يجب أن يقارن ويسأل: هل هناك شيء مشترك؟»، هو القول بأن موقفه من «الممانعة» يختلف عن موقف مبارك، وإن من شأن ذلك أن يحميه، لكن هذا حديث لن يروق اليوم إلا لـ«الشبيح» حسن نصر الله، لا للشعب السوري الذي قتل منه إلى اليوم قرابة 17 ألف قتيل، بين رجال ونساء وأطفال، علما بأن طاغية دمشق محق حين قال إنه ليس مثل مبارك، فالرئيس المصري السابق لم يقتل شعبه كما فعل الأسد، ولم يستقو بإيران، أو حزب الله، ليبقى بالحكم، ولم يواصل العناد، أو الانفصام، عن الواقع من أجل أن يبقى في الحكم، بل إنه استجاب وتنحى دون إحراق المدن المصرية، ودون افتعال حرب طائفية، أو خلافه، ليبقى في سدة الحكم، ورغما عن رغبة الشعب المصري!
ولذا؛ فإن الأسد سيكون محظوظا لو انتهى نهاية محمد حسني مبارك، بل هي أقرب إلى المعجزة، وحتى لو انتهى الأسد بالخروج إلى موسكو، التي اعتبرت فكرة منحه اللجوء السياسي مجرد دعابة، بل إن روسيا أعلنت وقف تزويده بالأسلحة، أو حتى لو انتهى الأسد إلى مكانه الطبيعي؛ وهو إيران، فإن أبلغ عقاب للأسد هو أن يعيش ليرى، ويسمع، كيف، وكم، يكرهه السوريون، ناهيك بباقي العرب، وكيف ستكون سوريا أفضل بكثير من حالها اليوم تحت حكمه، وبالطبع فالمرء لا يعلم الغيب، لكن بكل تأكيد إن طاغية دمشق سيكون محظوظا لو انتهى نهاية مبارك!