بقلم: عدنان فرزات
كان مشهد «الكم» مراقب دولي الذين وصلوا إلى سوريا لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار ساخراً، وهم يترجلون من سيارة الجيب حاملين معهم حقائبهم وكأنهم في رحلة مدرسية..!
الدفعة الأولى من المراقبين لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، في حال كان في الكف أصبع زائد، أي ستة مراقبين مبدئيين لدولة تبلغ مساحتها أكثر من 185 ألف كيلومتر مربع، أي أنهم لا يكفون لمراقبة عائلتين في قرية تشاجرتا على عين ماء.
وأفراد هذه البعثة مدعاة للشفقة، فالأمين العام للأمم المتحدة صرح من جانبه بأن هذه البعثة غير مسلحة! بينما أعلن الجانب السوري بأنه غير مسؤول عن سلامة هذه البعثة في حال لم يتم تحديد مهلتها أو أولويات تحركاتها، أي كأنما الأمم المتحدة أرسلت البعثة، وقالت لهم «دبروا راسكم».. ثم حتى لو كانوا مسلحين، ما الذي يمكن أن يفعله ستة أشخاص في مواجهة «عقيد الحارة» بــ «شبرية»؟!
البعثة بهذا العدد القليل، والذي إن زاد فسوف يصبح ثلاثين، أصبحت محط سخرية الناس في سوريا، وبدأت النكات تنهال عليها، فهناك كاريكاتير تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، يصور أعضاء هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهم يرفعون أكفهم إلى السماء بعد عجزهم أمام النظام السوري، ويتضرعون بصوت واحد «مالنا غيرك يا الله»، وهو الدعاء الذي يطلقه المتظاهرون في الشارع السوري لإظهار ضعف حيلتهم.
المراقبون الذين لا يكفي عددهم لمراقبة قاعة امتحانات، وفق ما وصفهم الشارع السوري، لا يختلفون عن اللجنة التي سبق أن أرسلتها الجامعة العربية، إلا من حيث الخبرة العسكرية، فاللجنة السابقة كانت أشبه بالباحثين البدائيين عن الكمأة في الصحراء، أي هم وحظهم، أما اللجنة الثانية، فهي أكثر تطوراً بقليل، أي لديها عصا طويلة تنكش فيها التربة بدلاً من أن توسخ يديها بالتراب.
المجتمع الدولي لديه مصطلحات أصبحت بالية، مثله مثل بعض الأنظمة الشمولية التي تردد عبارات الصمود والتصدي والممانعة والأهداف القومية المشتركة.. ومن هذه المصطلحات الأممية عبارة: «الإرادة الدولية»، فقد أصبح هذا المصطلح أشبه بخطاب «رفيق» حزبي وهو يكرر العبارة الأسطوانية: «نحن اليوم في مواجهة الهجمة الإمبريالية الشرسة التي تتعرض إليها أمتنا العربية»، مما يجعلنا نتساءل: هل مجلس الأمن بعثي؟!
بين لجنة الجامعة العربية ولجنة الأمم المتحدة كل شيء تضاءل: الإحساس.. الضمير.. الأمل.. الأخلاق الأممية.. ولم يرتفع سوى… عدد القتلى..!