محمود عباس القيادي الفلسطيني التائه
- إذا كان بلغ من الكبر عتيا ولم يعد قادرا على تحقيق شيء ولا سلطة له بالضفة يخاف عليها: فلماذا لا يرحل عن السلطة ويتركها لجيل قادر على العطاء؟
- على محمود عباس وسلطته أن يرحلوا لأنهم لم يحققوا أي إنجاز للشعب الفلسطيني.. إنها سلطة عديمة الصلاحية!
بقلم: محمد صالح المسفر
لم أعد أعرف ماذا يجري في عالمنا العربي البائس، سورية الحبيبة تحترق، ودمرت تدميرا يكاد يشبه تدمير الزلازل على أيدي قوات النظام السوري وحلفائه.
والبقية إدلب تنتظر مصيرها والعرب يتفرجون، أو أن بعضهم يتآمرون على ذلك الوطن الذي كان «قلب العروبة النابض» فأصبح اليوم مسرحا للعابثين والطامعين والبغاة والحاقدين وجحافل المرتزقة من كل فج عميق.
بالأمس انعقد مؤتمر طهران يضم (روسيا وإيران وتركيا) ليتدارسوا إلحاق الهزيمة الكبرى بالقطر العربي السوري بحجة حماية النظام في دمشق ومحاربة الارهاب، ولي أن أستثني من ذلك القيادة التركية التي كانت في ذلك المؤتمر تحاول عدم الشروع في استخدام القوة في إدلب من أي طرف كان تحت أية ذريعة كانت.
ولا يمكن العدوان على إدلب وتدميرها وبها أكثر من ثلاثة ملايين من البشر المهجرين من كل أصقاع سورية، غياب عربي كامل في ذلك المؤتمر لأسباب وأسباب.
فالسعوديون والاماراتيون منشغلون في حرب طاحنة في اليمن الشقي، يتسابقون على مد نفوذهم وسلطانهم على أرض اليمن «المفيد» (السواحل البحرية والجزر والموارد الطبيعية وطرق التجارة)، وملاحقة المعارضين المسالمين واصحاب الرأي وتنشيط أعمال التجسس على مواطنيهم وقيادات عربية محددة..
مصر «أم الدنيا» منشغلة باصدار احكام بالإعدام على قيادات سياسية وكبت حرية الرأي والتعبير وملاحقة الإسلاميين بدلا من ملاحقة عملاء إسرائيل في داخل مصر والفاسدين المستبدين بأرزاق وحياة الشعب المصري الشقيق.
القادة العرب تركوا العراق لقمة سائغة لايران تفعل فيه وبه ما تشاء، تُسقط حكومة وتُعين حكومة أخرى أكثر عمالة لايران، والأميركان لا يهمهم غير تدمير العراق بحجة محاربة داعش والارهاب. والجزائر كان الله في عونها، فما فيها يكفيها.
* * *
السلطة الفلسطينية أصبحت إحدى الكوارث التي حلت بأمتنا العربية والاسلامية عامة وعلى الشعب الفلسطيني خاصة منذ توقيع اتفاق «أوسلو» المشؤوم عام 1993، يقول محمود عباس في الشهر الثامن (أغسطس 2014) لشخصية خليجية مرموقة:
«نحن أمام قضيتين لا نستطيع حلهما الاولى: المفاوضات مع اسرائيل فشلت، عشرون عاما ونحن نتفاوض على حدود 1967 ولم نتقدم خطوة واحدة، ولذلك قررنا المصالحة مع حركة حماس، وتشكيل حكومة وفاق وطني، اسرائيل رفضت التعامل مع الحكومة المقترحة».
وقال أيضا: «إذا لم يوافقوا سوف نوقف التنسيق الأمني والتعاون مع إسرائيل ونطلب من نتنياهو أن يأتي لاستلام السلطة، ويرجع الوضع الى ما كان عليه قبل أوسلو، خليها تخرب على الكل».
يال الهول! عباس ينشد موافقة اسرائيل على تشكيل حكومة وفاق وطني يشترك فيها كل ممثلي الشعب الفلسطيني.
الثانية: علاقة سلطة عباس مع حماس، يقول: «إنه منذ مجيء السلطة وحماس تعمل على افشالها واسقاطها» يقول: «إن حماس تتآمر عليه ويدبرون انقلابا ضده في الضفة الغربية وهذه المعلومات جاء بها مدير المخابرات الاسرائيلية».
وقال: «أنا بلغت من الكبر عتيا، ولست قادرا على تحقيق اي شيء، لم أعد أحتمل، كيف ما تدورها مش قادر أصل لأي نتيجة، لا يوجد لدينا سلطة في الضفة الغربية».
هذه المعلومات من فم عباس وسؤالي لعباس: اذا كنت بلغت من الكبر عتيا، ولم تعد قادرا على تحقيق اي شيء، وليس عندك سلطة في الضفة تخاف عليها فلماذا لا ترحل عن السلطة واتركها لجيل قادر على العطاء؟
* * *
محمود عباس يعيش أوهام عمره، في عهده توسعت دائرة المستوطنات الإسرائيلية، وزادت انتهاكات الجيش والأمن الإسرائيليين في الضفة ضد المواطنين الفلسطينيين خطفا وقتلا وهدم منازل، واعتقالات في وضح النهار وعلى مقربة من مقر ما يسمى مقر الرئيس الفلسطيني (المقاطعة) وقواته الامنية.
الجدار العازل أقيم، وفتوى محكمة العدل الدولية بعدم شرعية بناء ذلك الجدار بيده، ولم يسع الى تدميره بكل الوسائل المتاحة وهي كثيرة، اعترفت إدارة ترامب أن مدينة القدس عاصمة إسرائيل الأبدية ولم يأخذ أي خطوة لمقاومة ذلك القرار اللهم إلا مقاطة أميركا، وكأنه جمهورية الصين بما لها من ثقل دولي وقوة رادعة.
خلال شهر أغسطس الماضي اعتقلت القوات الاسرائيلية 484 مواطنا في الضفة الغربية قرب «المقاطعة» مقر عباس الاداري، ولم تفعل قواته الامنية شيئا لحماية الفلسطينيين، واقتحم عشرات ومئات المستوطنين الصهاينة المسجد الأقصى، وليس هناك رد فعل سلطوي. وزير الزراعة الاسرائيلي اقتحم المسجد الاقصى بالامس وفي معيته 150 صهيونيا.
بالأمس ألغت الإدارة الأميركية حصتها في ميزانية «أونروا» ومساعدات مستشفيات القدس، وبالأمس اغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وعباس وسلطته وحواريوه في رام الله على الارائك متقابلون بلا حراك.
غزة تحترق، وتغوص الى الأعماق بحثا عن دواء وكهرباء وماء نقي وآمن، ويمعن الرئيس عباس في حصارها بالتعاون مع القوات المصرية وإسرائيل وكل الأشرار.
بالأمس قدمت دولة قطر مبلغ عشرة ملايين دولار لأهل غزة لقطاع الكهربا والماء والدواء ومنع محمود عباس إيصالها أو السماح بإيصالها إلى أهل غزة.
بل وطلب من السيسي تشديد الحصار واغلاق المعابر وفتح منافذ أخرى ليزيد الضرائب على أهل غزة، وكان ذلك بالتعاون مع إسرائيل في إغلاق معبر «إيريز» المؤدي إلى الضفة الغربية كليا.
آخر القول: على محمود عباس وسلطته أن يرحلوا لأنهم لم يحققوا أي انجاز للشعب الفلسطيني.. إنها سلطة عديمة الصلاحية.
- د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.
المصدر: صحيفة “الشرق” – الدوحة