أدانت الحكومات العربية في العلن تصريحات الرئيس ترامب بشأن القدس، ولكن انتقادات وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمؤيدة للحكومة في جميع أنحاء العالم العربي كانت صامتة تماما.
قام الرئيس ترامب الشهر الماضي بالاعتراف بأن القدس عاصمة لإسرائيل، قام ضابط في المخابرات المصرية باجراء عدة مكالمات هاتفية إلى العديد من القنوات والمضيفين للبرامج الحوارية في كبرى القنوات المصرية المؤثرة في الرأي العام المصري.
وصرح الضابط أشرف الخولي للمضيفين بأن “مصر، شأنها في ذلك شأن جميع إخواننا العرب، ستنكر هذا القرار علنا”.
وقال الخولي إن الصراع مع اسرائيل لم يكن في مصلحة مصر الوطنية. وقال للمضيفين انه بدلا من ادانة القرار، يتعين عليهم اقناع المشاهدين بقبوله. واشار الى انه يتعين على الفلسطينيين يقتنعوا بالضفة الغربية التى تضم حاليا السلطة الفلسطينية في رام الله.
تسائل الكابتن خولي مرارا وتكرارا في أربعة تسجيلات صوتية لمكالماته الهاتفية التي حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز، “كيف تختلف القدس عن رام الله، حقا؟” ثم قال موافقا على مضيف واحد فقط:”بالضبط هذا هو”، انه السيدعزمي مجاهد، الذي أكد صحة التسجيل.
على مدى عقود، كانت دول عربية قوية مثل مصر والسعودية تنتقد علنا معاملة إسرائيل للفلسطينيين، في حين أن تستمر اسرائيل باحتلال الاراضي التي يدعي الفلسطينيون أنها وطنهم.
ولكن الآن وبحكم الأمر الواقع فقد تم التحالف ضد خصوم مشتركين مثل إيران والإخوان المسلمون ومسلحي الدولة الإسلامية وثورات الربيع العربي ، ويرسم القادة العرب تصور لتعاون وثيق لم يسبق له مثيل مع اسرائيل عدوهم لمرة واحدة فقط، مما ينتج عنه تناقض صارخ بين مايقولونه في العلن وما يقولنه على المستوى الخاص.
وحطم قرار السيد ترامب فرضية مركزية عمرها خمسون عاما من محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة، وتحدى عقود من المطالب العربية لتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية، مما أثار مخاوف من رد فعل عنيف عنيف في الشرق الأوسط.
واعربت الحكومات العربية عن اعتقادها بالتعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية. مما دفعهم لادانة ذلك القرار في العلن.
وأفادت وسائل الإعلام المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي احتج شخصيا للسيد ترمب. رفض الزعماء الدينيون المصريون المقربون من الحكومة لقاء نائب الرئيس مايك بينس، وقدمت مصر قرارا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب بنقض قرار السيد ترامب. (اعترضت الولايات المتحدة على القرار، على الرغم من أن الجمعية العامة اعتمدت قرارا مماثلا، بعد أيام).
كما ان الملك سلمان في المملكة العربية السعودية”، التي يمكن القول انها الدولة العربية الاكثر نفوذا قد ندد في العلن بقرار السيد ترمب.على الرغم من أن المملكة قد أشارت بهدوء بقبولها أو حتى الموافقة الضمنية على مطالبة إسرائيل بالقدس. وقبل أيام من إعلان السيد ترمب، حث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بشكل خاص، على قبول رؤية راسخة لإقامة الدولة بدون عاصمة في القدس الشرقية، وذلك وفقا للمسؤولين الفلسطينيين والعرب والأوروبيين الذين استمعوا إلى لما ذكره السيد عباس للأحداث عن ذلك.
وبينما اشتبك المتظاهرون الفلسطينيون مع الجنود الإسرائيليين في الضفة الغربية احتجاجا على حركة الرئيس ترامب بشأن القدس، كان ضابط المخابرات المصرية يعمل بهدوء لإقناع المصريين بقبول القرار.
وقد اعترضت السعودية علنا على تلك التقارير.
وقد استمع جميع المضيفين ونفذوا “لنصيحة” الضابط أشرف الخولي ، كما أن معظم الأصوات الأخرى في وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمؤيدة للحكومة في جميع أنحاء العالم العربي كانت صامتة أيضا، ولم تتفاعل ولا حتى عاطفيا مع وضع القدس. إن مثل هذا الرد كان من شأنه أن يكون أمرا لا يمكن تصوره حتى قبل عقد من الزمان، وأقل بكثير جدا خلال الفترة ما بين عامي 1948 و 1973، عندما خاضت مصر وحلفاؤها العرب ثلاث حروب ضد إسرائيل.
ودعا شبلي تلحمي، الباحث في المنطقة في جامعة ميريلاند ومؤسسة بروكينغز، قبول الدول العربية للقرار “التحويلي”.
وقال “لا اعتقد انه كان سيحدث قبل عقد من الزمن لان القادة العرب كانوا سيوضحون انهم لن يعيشون معه”. وبدلا من ذلك، قال إنهم قلقون بشأن استقرارهم، وأشار القادة العرب إلى أنه “سوف نجد وسيلة للتعامل معه”-، وأيضاً “مع البيت الأبيض الذي هو على استعداد المستعد لكسر مع ما كان محرما في السياسة الخارجية الأمريكية “. في حين انهم قد لا يحبون هذا القرار.
ولم يرد اثنان من المتحدثين باسم الحكومة المصرية على طلبات التعليق على هذه المادة. كما تعذر الوصول إلى كابتن خولي.
تلعب البرامج الحوارية التلفزيونية دورا تكوينيا في تشكيل النقاش العام في مصر، وكثيرا ما تقوم أجهزة الاستخبارات المصرية بإطلاع مقدمي البرامج على الرسائل التي تنقلها إلى الجمهور. يفضل المضيفون عادة وصف المحادثات كصحفيين يتحدثون إلى المصادر.
وبالإضافة إلى الدعوة التي المكالمة التي تم توجيهها للسيد مجاهد فقد تم تقديم ثلاثة تسجيلات صوتية أخرى لمحادثات هاتفية مماثلة مع الوكيل الاستخباراتي نفسه، كابتن خولي، إلى صحيفة التايمز من قبل وسيط داعم للقضية الفلسطينية ومعارضة للرئيس السيسي. ولا يمكن تحديد أصل التسجيلات.
وقال السيد مجاهد في مقابلة أنه اتفق مع كابتن خولي استنادا إلى تقييمه الشخصي للحاجة إلى تجنب اندلاع العنف الجديد، وليس بناء على أوامر من جهاز المخابرات.
“”
المادة الأصلية للتقرير نشرت لأول مرة في صحيفة نيويورك تايمز
“”