لا يهمّ كثيرا البحث عن “دم هتلر” وأصله وفصله كما يفعل لافروف، لتبرير سياسات بلاده الاحتلالية في أوكرانيا.
المهم هو ما تقوم به إسرائيل لتبرير أشكال الاستيطان لأراضي فلسطين ومقدساتها، والتجبّر العسكري والأمني الإسرائيلي على بلادنا وحقوقنا.
رغم عنف الاشتباك الروسي الإسرائيلي لفظيا، الواضح أن الطرفين يعتمدان على مفاهيم وأيديولوجيات عنصرية تبرر الاحتلال والاستيطان والقمع وتهشيم حقوق الشعوب.
* * *
ارتفعت، فجأة، حدة التصريحات الروسيّة ضد إسرائيل وذلك خلال مقابلة أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للتلفزيون الإيطالي ردا على سؤال حول تبرير بلاده غزوها لأوكرانيا بدعوى “القضاء على النازية” في أوكرانيا بينما رئيس البلاد يهودي.
رد لافروف كان إنه يعتقد أن زعيم الحركة النازية الألمانية، أدولف هتلر، “كانت له أصول يهودية”، وأن “حكماء من اليهود يقولون إن أكبر معاد للسامية هم اليهود أنفسهم”.
قادة إسرائيل، رأوا في تصريحات لافروف هجوما مركّبا من نوع غير مألوف كونه يقترح أن كون المرء يهوديا، أو من “دم يهودي”، لا يجعله محصنا من الأيديولوجية النازية، التي تقسم البشر إلى أعراق أعلى وأدنى، كما أن تصريحات لافروف تساوي، نظريا، بين فولوديمير زيلنسكي، رئيس أوكرانيا اليهودي، وهتلر، رمز كراهية اليهود.
يعلن هذا الهجوم، عمليا، عن انتهاء الهدنة الهشّة بين موسكو وتل أبيب، ويغلّب اتجاه وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، الذي يحاول الاقتراب ببطء من المواقف الغربية، على توجّه رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي طرح نفسه، في بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا، كوسيط، وعرض خدمات بلاده لتحقيق تسوية بين كييف وموسكو.
رغم الاختلاف حول الرواية التاريخية التي اعتمدها لافروف لـ”دم هتلر” اليهودي، فقد كشف تصريحه أن محاججة بعض الشخصيات الرسميّة الإسرائيلية للأمر، لا تقل ضعفا عن الحجة الروسية، على شاكلة ما فعل داني دايان، رئيس موقع “ياد فاشيم” لإحياء ذكرى المحرقة، والذي قال إن القول إن هتلر من أصل يهودي “لا أساس له على الإطلاق”، فإحالة المواقف السياسية إلى “الأصل العرقي”، طرح يذكّر بالأيديولوجيا النازية، ولا يهمّ إن جاء الطرح من لافروف أو دايان.
وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، رأى أن تصريحات نظيره الروسي تظهر “معاداة السامية المتجذرة لدى النخب الروسيّة”، وأن “روسيا اليوم مليئة بالكراهية تجاه الدول الأخرى”!
لكنّ ما لم تقله تصريحات كوليبا، أو غيره من المسؤولين الغربيين الكبار، أن ممارسات إسرائيل، بالنسبة للفلسطينيين، وللشعوب العربية، تشبه، إلى حد كبير، ما يعانيه الأوكرانيون من روسيا، سواء في امتلائها بالكراهية، أو في احتلالها لأراضي الشعوب الأخرى، أو في أيديولوجيتها الاستعلائية على الأقوام والأديان الأخرى.
لا يهمّ الفلسطينيين، والعرب، كثيرا البحث عن “دم هتلر” وأصله وفصله، كما يفعل لافروف، لتبرير سياسات بلاده الاحتلالية في أوكرانيا، وما يهمّهم هو ما تقوم به إسرائيل لتبرير أشكال الاستيطان لأراضيهم ومقدساتهم، والتجبّر العسكري والأمني الإسرائيلي على بلادهم وحقوقهم القومية والدينية.
رغم العنف اللفظي الكبير الذي يمثله الاشتباك الروسي الإسرائيلي، فالواضح أن كلا الطرفين يعتمدان على مفاهيم وأيديولوجيات عنصرية تبرر الاحتلال والاستيطان والقمع وتهشيم حقوق الشعوب الأخرى.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك:
البنتاجون: روسيا تتعلم من أخطائها بأوكرانيا وأسابيع مقبلة حاسمة