ما قلتُهُ لي .. أيها البحر (شعر فصحى)

الساعة 2527 يناير 2019آخر تحديث :
ما قلتُهُ لي .. أيها البحر

شعر: عماد القضاوي

ما قلتُهُ لي .. أيها البحر

الأحزانُ سوءةٌ ، ما تعودت أن أواريها بمفردي

والكآبة حينما كانت تمرر هواءها أمامي

وتسلك سبيلها لرئتي ، كنت أستدير

وأستغشي ثيابي

أتساءل عن الشوارع التي مهدتها لكِ داخلي

وعَجَزَت عن احتمال أوجاعها،

بينما الهوام تحتفي بوحدتها

على موائدَ من الفراغ المقيت .

كان الشتاءُ يعصر ملابسَه على جسدي النحيل

وقلبي المرتجفُ

يلهث كجوادٍ في مضمارٍ ضيق،

لماذا لم تفلح الأرضُ

أن تشربَ ما كدر علاقتِنا

في الآونة الأخيرة؟

حين سلمنا جسديْنا لحشائش الحديقة ، وانتظرنا

لتتركَ روحيْنا أصفى من ماءٍ مقطر!

لماذا لم تضئ نجمةٌ

وضعتها بكفيكِ ذات مساء؟

ذكرياتنا،  مشاهدُ باهتةٌ على جدران متآكلة

في بناية قديمة ،

إلا أنني جعلتها أطلالىَ  التي أُبكيها

كلما رقد الليلُ تحت صفصافته الحزينة

لم أصدق ما قلته لي.. أيها البحر

وأنا أقف وحيدا، شاخصا ببصري ناحيتك :

الجسدُ الذي يسكنه قلبُ عصفور غض ؛

لا يمكنه أن يرى كل شئ، والنقاء ُخرافة ٌ

تختبئ داخل زجاجة شفيفة .

كيف لم أفهمْك ؟ !

حين خلفنا أسئلةً مبللةً على شاطئك

فما نبتت كبيوتٍ رمليةٍ ،

ولا حلقت فوقها فراشة ٌ

خرجت لتفتشَ عن نقطةٍ شاردة ٍمن الضوء!

الأسماك ُغيّرت ألوانها

والسماءُ المطبقةُ هناك ، أخذت منحنىً غريبا !

لا تزال الريحُ تعزف على آلاتها

المصنوعةِ من الماء لحناً من الضجيج .

أقفزُ الآن إلى داخلك

لا أحد غيرُك

خذ قلبيَ الملائكي ـ وأنت الواسعُ العميق ـ

واعطنى آخرَ من الطين

اعطنى شوائبي / نزواتي / بكائي

قسوتي حين أحتاج إليها

وعينين ضبابيتين

الأجنحةُ لا تليقُ بكائنٍ ترابيّ

ضع في صدري من الظلمة ما يكفى

لأمشى مطمئنا على قدميّ

هبني من حكمةِ الموج لأصطفى النفائسَ لنفسي،

والزبدُ يذهبُ جفاء،  ردّني الآن للحياة

لأبصرَ حين تطلُ الشمسُ برأسها من  نافذتي؛

حلما ينبتُ على غصنِ وردةٍ

كنتُ ألقيتُ بذورها قبل أن أنام

 

اقرأ/ي أيضا: العفاريت “قصيدة بالعامية المصرية”

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة