ماهو الإستمثال في تربية الأبناء؟
يقودنا الكلام على الأمور التي تقوي عملية استمثال طفل لأمه أو لأبيه أو لغيرهما من الكبار، فمعرفة ما يقوي هذا الاستمثال وما يضعفه هام لتربية أولادنا على الإسلام، إذ لو حرصنا على التخلق بأخلاق الإسلام بكل شؤوننا مع أطفالنا، وفي الوقت نفسه استطعنا أن نجعل استمثالهم لنا على أشده، فإن أخلاق الإسلام ستصير جزءاً من تصورهم للمرأة المثالية والرجل المثالي، الذي تتوق أنفسهم إلى التشبه به وتحقيقه في أنفسهم، كل بحسب جنسه.
وبالمقابل، فإن كانت هنالك عوامل تضعف استمثال أولادنا لنا، وبالتالي تجعلهم يستمثلون آخرين غيرنا، ربما كانوا بعيدين عن أخلاق الإسلام وهديه، فإن عدم انتباهنا لتلك العوامل، يهدد تربيتنا لأولادنا على الإسلام تهديداً كبيراً.
والاستمثال عملية نفسية طبيعية هامة في التربية، من خلالها يتربى الطفل بشكل تلقائي، مثلما يأكل، ويشرب، ويتنفس، وينمو، ويتعلم الكلام والمشي.
وهي أبعد أثراً في النفس من مجرد الاقتداء والتأسي، الذي هو عملية شعورية، تحتاج إلى الإرادة، والانتباه إلى ما يجب الاقتداء فيه، ومن يجب الاقتداء بهم، أي: هي عملية تحتاج إلى قدر من النضوج العقلي، ومن الفهم والاستيعاب.
أما الاستمثال، فهو عملية نفسية لا شعورية إلى حد كبير، يقوم بها عقل الصغير، قبل أن يكون قادراً على فهم أي شيء عن الاقتداء والتأسي، وعن القيم والأخلاق، بالشكل الذي يفهمها الكبار به.
وما يتم تعلمه لا شعورياً ينغرس في النفس، ويكون أثره قوياً فيها، وباقياً مدى الحياة، ما لم يتم تعلم لا شعوري معاكس له، وقوي مثله… لذا كان لا بد لنا من العمل، على تقوية استمثال أولادنا لنا، واستمثالهم لمن نرضى دينه وخلقه من الآخرين، وإلا فإن أولادنا، إن لم يستمثلونا ويستمثلوا من نرضى، استمثلوا غيرنا ممن لا نرضى .
والوعظ والإرشاد لا يقاوم الاستمثال المغروس في النفس في اللاشعور منها، وكلنا يرى كيف أن الوعظ والإرشاد يفعل القليل جداً في المراهقين، الذين استمثلوا في حين غفلة من أهلهم أبطال الرياضة، أو مشاهير المغنين، والممثلين، وعارضات الأزياء.. فترى المراهق يشعر بالرضى والسعادة، عندما يعيش مقلداً للاعب كرة مشهور، أو مغن ذائع الصيت، فيلبس مثله، ويقص شعره مثله، ويقلده في كل ما يعرفه عنه.
وكذلك المراهقة، التي تلبس وتتبرج مثل ممثلة شهيرة، فتحاول أن تصوغ نفسها، نسخة عن تلك الممثلة في كل شيء.
ويُكثر الأبوان من الوعظ والإرشاد، لكن الجدوى قليلة، لأن هوى الفتاة وهوى الفتى، صارا في اتجاه آخر، انزرع في نفس كل منهما وتأصل، منذ الطفولة.
وكما يستمثل الأطفال آبائهم وأمهاتهم والكبار الآخرين، فإنهم يستمثلون الأطفال الأكبر منهم بوضوح، أي بسنة أو أكثر، أو بصف مدرسي أو أكثر.. وهذا ينبهنا إلى الدور التربوي، الذي يقوم به الأخ أوالأخت الأكبر دون أن يشعرا.. وبالمقابل الأكبر لا يستمثل الأطفال أطفالاً أصغر منهم بوضوح الأكبر فالاستمثال عند الطفل يتم باتجاه واحد من الصغير للكبير.
موضوعات تهمك:
كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا
كيف نجعل أبناءنا كما نحب أن يكونوا؟
التقاليد البالية تعلم الخنوع والذل
هل تقاليدنا فعلا تقاليد اسلامية؟