مازوخية العرب .. كيف يسحقون أنفسهم؟

سامر السيد30 مايو 2019آخر تحديث :
مازوخية العرب .. كيف يسحقون أنفسهم؟

مازوخية العرب .. كيف يسحقون أنفسهم؟

يصنف كل عربي في في كل شبر عربي -حتى السوريين في الداخل أنفسهم-، ما يحدث في إدلب وغيرها مجرد بما يطلقون عليه “هناك” بمنأى وبعد رهيب عنهم، حيث يقف كل منهم ليدقق النظر ويمعنه في ما هو تحت قدميه، كما يدقق النظر أكثر في حذاءه.

“هناك” حيث محافظة إدلب التي تلاقي يوميا كافة أنواع التهديد والقصف، يسكنها أربعة ملايين عربي، يرزخون تحت نيران المافيا الأسدية الطائفية، والاحتلال الروسي والإيراني للبلاد والعباد، وأعداد يومية من البراميل المتفجرة والصواريخ وغيرها من الأسلحة التدميرية التي يتم تجريبها في الأطفال منذ بدء الحملة العسكرية الأسدية ومعاونيها على الشعب السوري.

في كل موعد إفطار وسحور طوال شهر رمضان تطالعنا صور لنتائج العمليات العسكرية الروسية الوحشية ضد المدنيين في إدلب في ظل مساعهم للسيطرة عليها كآخر معاقل الثورة السورية التي قتل الأسد وأعوانه كل شئ من أجل إخمادها.

صور لأطفال وشبان نفذت بأجسادهم الهزيلة مجازر وحشية، تطالع من بقي لديه أدنى اهتمام بالوضع الإنساني في سوريا، حيث أنه في الوقت الراهن تلاقي جرائم الأسد وعصابته وأعوانه مهادنة غير مسبوقة، وعدم رواج لجرائمه من قبل “الإنسانيين” كما كان في السابق، ولكن لا أحد يهتم أو يحاول أن يهتم، ومن يجدها أمام نظره مصادفة يطويها مبعدا نظره عنها لأنه ويالوقاحته “يتعبه المنظر”!.

مازوخية العرب .. كيف يسحقون أنفسهم؟

أين العرب؟!

لا تطالع أيا من العواصم العربية إلا وتجد الصمت هو سيد الموقف، لا أحد يهتز له شعرة، لا حركة لا بشر يعلم ما يشعر به جاره في الطابق المجاور، وليس في إدلب، أعميت أبصارهم إلا من شبرا أمام القدم ومثله خلفه، الجبن الاقتصاد الطعام الشراب الأطفال، كل تلك المفردات التي أودعت – علىغريزيتها وعمقها وقيمتها العظيمة- كمحرك للانسحاق الصامت دون تحرك وإن كان الحفاظ على كل تلك المعاني والمرادفات لا يكون إلا بنفض الأوهام والأفكار الجبانة التي زرعتها السلطات المافياوية عنا.

مازوخية العرب .. كيف يسحقون أنفسهم؟

لا تعرف أين تجد العربي الحقيقي الآن، النخوة الشجاعة الإيثار التضحية، تلك الصفات العربية الأصيلة التي تناسوها حتى أصبحنا نظنها أساطير الأولين، لم يعد لها أثر إلا فيما ندر في الوقت الراهن.

أي لعنة تلك التي تصيب الإنسان في شرفه! أي لعنة يمكن أن يتعايش معها كل من هو عربي في يومه وليلته في حياته وعيشته من المهد للحد دون أن يحرك ساكنا أو يشعر برمق ما من الخزي والعار، أي قتل للهوية والمبادئ وحتى طبائع البشر وغرائزهم، ثم تقتل إنسانيتهم رويدا رويدا، ليتجلي إنسان غير ذي معنى في دائرة من الأشغال الحيوانية!

الحكام العرب بواد صفقة القرن والأموال والشق الاقتصادي، وبعضهم في مواخير العهر والخمر، والبعض الآخر لا صوت له، والشعوب في حالة من الإغماء والسكر، في ظل المفاضلة بين الثريد والفول. أو حتى منشغل بسفاسف الأمور وتوافهها، فالعربي في القاهرة يتحدث عن فرعونيته، واللبناني عن فينيقيته، والفلسطيني عن فلسطينيته، ولا أحد يتحدث عن العروبة، وآخرون يتسائلون هل نحن مسلمون أم عربا؟ وآخرون هل نحن عربا أم مسلمون؟ هل نحن أحفاد رجال قبائل أم مستعربين؟ ولا أحد يسأل السؤال الحقيقي، كيف ننجو؟

في خضم المأساة وفي ظل عشرات الآلاف من الضحايا في سوريا واليمن وفلسطين وغيرها من المآسي العربية، لم أجد عربي واحد يعي الخطر، لم يطرح السؤال الحقيقي، ومن لم يطرح السؤال الحقيقي سيجد نفسه، بعد عدة سنوات قريبة، في خضم السؤال الحقيقي مثل الإدلبيين تماما، ولكن بعد فوات الأوان.

العربي اليوم مصاب بمرض نفسي خطير، مرض المازوخية، يعرف العربي ذلك، يفهم المرض جيدا، ويشخص حالته، ويتمسك بمرضه في أن يتفنن في اغتصاب نفسه!

موضوعات تهمك:

نجحت القرود الطائفية في السيطرة على سوريا ولكن ماذا عن التيوس؟

لماذا يتاجر بشار الأسد بأثداء زوجته؟!

الغوطة.. وحشية لا تتوقف وروسيا تفرض ماتريد على الجميع 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة