هذا الاتفاق في ظل أزمات أوكرانيا وهونغ كونغ وتهديدات الصين لتايوان يشكل أرضية لمواجهة شاملة شرقية غربية.
مع تسارع انسحابية أمريكا برز تساؤل: هل يمكن أن تنحي روسيا والصين خلافاتهم لتحقيق هدف مشترك وإنهاء الاحتكار الأمريكي للنظام الدولي؟
أكدت الصين دعمها لروسيا اقتصادياً بمواجهة عقوبات غربية محتملة وأكدت روسيا دعمها لمبدأ الصين الموحدة التي تؤكد على سيادة الصين على تايوان .
الاتفاق الموقع مؤخراً بين رئيسي البلدين يمثل نقلة استراتيجية في العلاقة، في وثيقة ضخمة وطويلة الأمد توافق الطرفان على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها معا.
* * *
بقلم: ماجد محمد الأنصاري
منذ نهايات الحرب العالمية الثانية ونجاح ماو تسي تونغ في تأسيس نظام حكم شيوعي في الصين ظلت العلاقات مع موسكو في مد وجزر مستمر، ستالين لم يكن من المؤمنين بماو وعامله باحتقار، في الحرب الكورية كان رفض ستالين إنهاء الحرب سبباً في تضحية كان حجمها قرابة مليون قتيل في حرب كانت هدفها من وجهة نظر موسكو إبقاء الولايات المتحدة منشغلة في شبه الجزيرة الكورية عن مواجهة موسكو في الغرب.
ورغم التطور الإيجابي في العلاقة بعد تولي خروتشوف إلا أن التوتر عاد سريعاً مع تطور الخلافات حول مختلف القضايا الدولية، وبعد وفاة ماو والانقلاب الجزئي على نظامه من بعده زادت البون اتساعاً.
وكان سقوط الاتحاد السوفييتي هو المسمار الأخير في العلاقة بين البلدين ولم يعد بعدها من سبب يدفع لتحالف بين الطرفين، استمر الوضع على هذه الحال مع توافق أحياناً حين يتعلق الأمر بمواجهة الغرب.
مع تسارع انسحابية أمريكا ظهر تساؤل جديد، هل يمكن أن يزيح الروس والصينيون خلافاتهم لتحقيق هدف مشترك وهو إنهاء الاحتكار الأمريكي للنظام الدولي؟
لسنوات عديدة كان يبدو أن تحالفاً بين الطرفين بعيد المنال، لكن الاتفاق الذي وقع مؤخراً بين رئيسي البلدين مثل نقلة استراتيجية في العلاقة، في وثيقة ضخمة وطويلة الأمد توافق الطرفان على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها معاً.
أكدت الصين دعمها لروسيا اقتصادياً في مواجهة عقوبات غربية محتملة وأكدت روسيا دعمها لأطروحة الصين الموحدة التي تؤكد على سيادة الصين على تايوان.
الوثيقة ضمت تفصيلاً لتطوير العلاقات الأمنية والعسكرية واتفاقات مهمة حيال الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة. بشكل عام يمكن لقارئ الوثيقة القول أنها تمثل انطلاقاً لمارد ثنائي الرأس يمكنه مواجهة الرجل الأمريكي المريض.
رغم ما تضمنته الوثيقة إلا أنها ليست بعيدة من وثائق سابقة وقعت من قبل البلدين، هذه الوثائق كذبتها الخلافات بين البلدين. اليوم هذا الاتفاق في ظل أزمات أوكرانيا وهونغ كونغ وتهديدات الصين لتايوان يشكل أرضية لمواجهة شاملة شرقية غربية.
وفي حال صمدت الاتفاقية على الأرض وحدثت المواجهة في أوكرانيا فلا يستبعد أن تكون سبباً في تعزيز رغبة الصين في التصعيد ورغبة روسيا في التمادي.
هذه الاتفاقية تمثل الكابوس الأخطر بالنسبة لواشنطن، وسياسة التفريق بين الطرفين التي حاولت إدارة بايدن توظيفها فشلت فشلاً ذريعاً، مع بداية المناوشات في أوكرانيا عند كتابة هذا المقال أصبح هذا التحالف الآن العنوان الأبرز لتراجع الولايات المتحدة والتحول نحو عالم متعدد الأقطاب.
* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر.
المصدر| الشرق – الدوحة
موضوعات تهمك: