في مفاجأة كبيرة للكثيرين، فاز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية للعام الحالي 2024، ممثلا عن الحزب الجمهوري، على حساب منافسته، الديمقراطية كامالا هاريس، ليعود إلى “البيت الأبيض” من جديد بعد أربع سنوات من خسارته أمام الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات 2020.
هذا الفوز يمثل لحظة فارقة في تاريخ السياسة الأمريكية، ويعيد ترامب إلى واجهة الساحة السياسية بعد سلسلة من الجدل والانقسامات التي شابتها الانتخابات التي جرت في نوفمبر 2024.
المحتويات
نتيجة الانتخابات:
تم الإعلان عن فوز ترامب بعد منافسة حادة مع “هاريس”، حيث كان يسعى الديمقراطيين، لاستكمال المسيرة بولاية ثانية، ورغم التوقعات السابقة التي تشير إلى حالة من الاستقطاب السياسي الحاد، استطاع ترامب أن يحشد قاعدة من المؤيدين الأكبر في الولايات الحاسمة مثل فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا وميشيغان، وهي الولايات التي كانت قد منحت بايدن فوزًا ضيقًا في 2020.
بحسب نتائج التصويت الرسمية، حصل ترامب على (270+) صوتًا في المجمع الانتخابي، متفوقًا على هاريس التي حصلت على (260+)، مع تسجيل بعض المفاجآت في الولايات التي كانت تُعتبر “مستنقعات” للمنافسة التقليدية بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري.
أسباب فوز ترامب بالانتخابات، وماذا ينتظر العالم منه؟:
الاستجابة للاقتصاد الأمريكي: شهدت الولايات المتحدة الأمريكة، خلال السنوات الأربع الماضية، حالة من الركود الاقتصادي نتيجة تداعيات جائحة كورونا “كوفيد 19″، والتضخم المتزايد، وارتفاع أسعار الطاقة، حيث استغل ترامب هذه الأزمة للتأكيد على فشل إدارة جو بايدن في التعامل مع هذه القضايا، وركز على وعوده بإعادة تشغيل الاقتصاد، والحد من البطالة، وتعزيز التصنيع المحلي.
القضايا الاجتماعية والاحتجاجات: مثلما فعل في انتخابات 2016، تمكن ترامب من تحفيز الناخبين البيض والمجموعات المحافظة، مستغلًا المخاوف من التغيرات الاجتماعية السريعة، والهجرة غير الشرعية، وأجندات اليسار المتطرف التي تزايدت في السنوات الأخيرة. انتقد ترامب الحركات الاحتجاجية، خاصة تلك المرتبطة بالعدالة الاجتماعية، وجادل بأن البلاد بحاجة إلى “إعادة النظام” بعد ما وصفه بـ”الفوضى”.
الأزمة الدولية: جاءت الانتخابات في وقت حساس، حيث استمرت التوترات الدولية، خاصة في الشرق الأوسط و أوكرانيا. قدّم ترامب نفسه كبديل أقوى من بايدن في التعامل مع التهديدات الخارجية، مع التركيز على الحاجة إلى “السيادة الأمريكية” وعدم التدخل في النزاعات الدولية إلا إذا كان ذلك يخدم المصالح الأمريكية بشكل مباشر.
الاستقطاب السياسي والشعبوية: ترامب، المعروف بأسلوبه الشعبوي والعدائي تجاه المؤسسات التقليدية، وجد نفسه أكثر تقبلاً بين الناخبين الذين شعروا أن النظام السياسي الأمريكي قد فشل في تمثيل مصالحهم، حيث كانت رسالته مؤثرة للغاية في الطبقات الشعبية والناخبين المحافظين الذين يرفضون ما يعتبرونه “التحالف السياسي” الذي يجمع بين الديمقراطيين والنخبة الاقتصادية.
ردود الأفعال على نتيجة الانتخابات:
في الوقت الذي احتفل فيه أنصار دونالد ترامب بفوزه، كانت هناك انتقادات حادة من جانب الديمقراطيين وبعض شخصيات المجتمع المدني، الذين وصفوا الانتخابات بأنها “تقسيمية” و”محورية في دعم الشعبوية”، خاصة في ظل الانتقادات المتواصلة لترامب بشأن اتهامات فساد وإساءة استغلال السلطة في فترة رئاسته الأولى، بالإضافة إلى التهم المتعلقة بـ”التحريض على الهجوم على الكونغرس” في 2021.
مستقبل السياسة الأمريكية بعد فوز ترامب:
مع فوز ترامب، يصبح من المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة عودة للخطاب الحاد والمواقف المثيرة للجدل التي ميزت فترته الأولى في البيت الأبيض، حيث يتوقع المحللون السياسيون أن يعيد الرئيس الأمريكي المنتخب تشكيل حكومته لتكون أكثر انحيازًا للأيديولوجية اليمينية، مع تعزيز القوة الاقتصادية الأمريكية، وتقليل تدخل الحكومة الفيدرالية في قضايا الصحة والتعليم، واستمرار تقليل العلاقات مع الحلفاء التقليديين في الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي “ناتو”.
وعلى الجانب المحلي، قد يسعى ترامب إلى تصعيد قوانين الهجرة، وتوسيع نطاق الرقابة على وسائل الإعلام، وفرض سياسات أكثر تشددًا على الحقوق المدنية التي يعتقد بأنها تُستخدم ضد القيم الأمريكية التقليدية.
الانتخابات القادمة:
مع فوز ترامب في انتخابات 2024، سيظل المشهد السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية محط أنظار العالم، خصوصًا في ظل الانقسامات الحزبية العميقة التي تعيشها البلاد، حيث أن العديد من الخبراء يعتقدون أنه سيواجه تحديات هائلة في تحقيق وعوده، خاصة مع تزايد المعارضة من داخل الحزب الجمهوري نفسه، بالإضافة إلى القضايا القانونية التي قد تلاحقه.
وأخيرا، بينما يستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، يترقب الأمريكيون والعالم بشكل عام ما إذا كان هذا الفوز سيعني بداية لعهد جديد من الانقسامات السياسية، أو أنه سيكون بمثابة فوز سيعزز من استقرار الولايات المتحدة في مواجهة التحديات العالمية.
إقرأ أيضا:
