عباس تعهد بأنه لن يسمح بـ”العنف والإرهاب ضد المستوطنين طالما أنه في الحكم” على حد وصفه.
توقيت اللقاء يدلل على شعور بالخطر يتولد لدى قيادتي السلطة والاحتلال من حالة مقاومة تتشكل وتتطور داخل الضفة الغربية المحتلة.
ما خرج به عباس من لقاء غانتس تسهيلات خدمية ستفيد بالدرجة الأولى مقربين من السلطة ولم يتطرق اللقاء لمطالب حقوقية سياسية وأمنية للفلسطينيين.
* * *
بقلم: علي سعادة
بدت لي زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس في المنزل الذي يحتله شرقي “تل أبيب” كما لو كان وزير بلديات أو وزير عمل فكل ما خرج به من اللقاء هو عبارة عن تسهيلات خدمية ستعود بالفائدة بالدرجة الأولى على المقربين من السلطة. ولم يتطرق اللقاء إلى أية مطالب حقوقية سياسية وأمنية للفلسطينيين.
الرئيس عباس لم يطالب بوقف جرائم المستوطنين ضد القرى والمدن الفلسطينية، لم يضغط باتجاه منع عمليات الإعدام الميداني التي ينفذها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، ولم يتحدث حول الانتهاكات الصهيونية بحق الأسيرات وبحق الأسرى، لم يطالب بتعويضات عن الأراضي الزراعية والممتلكات التي أتلفت وسرقت من قبل المستوطنين.
كل ما حصل عليه كان عن عبارة عن منح و”إكراميات” تكرم بها غانتس على سياسي يفترض أنه يقود حركة تحرر وطني لحماية الشعب والأرض.
صحيفة “هآرتس” العبرية قالت إن غانتس أقر سلسلة “تسهيلات” شملت تسوية أوضاع 6 آلاف فلسطيني لا يحملون الهوية الفلسطينية في الضفة الغربية، وتقديم موعد دفع أموال المقاصة بقيمة 100 مليون شيقل.
كما تشمل منح 3500 فلسطيني الهويات الفلسطينية من سكان قطاع غزة.
واتفق كذلك على منح 600 تصريح رجال أعمال لرجال أعمال فلسطينيين، ومنح 500 منهم تصريح إدخال مركبات إلى “إسرائيل”، وكذلك منح عشرات بطاقات الـ VIP لمسئولي السلطة.
كما جرى الحديث عن خطوات أخرى بما بذلك تخفيض ضرائب الوقود والقيام بتجربة لإدخال حاويات تجارية عبر معبر الكرامة مع الأردن، وإقامة قاعدة بيانات جمرك.
غانتس لم يقدم هذه “الأعطيات” مجانا فقد استضاف “أبو مازن” من أجل الاتفاق على تهدئة الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية المحتلة، ومنع تدهور آخر للأوضاع.
إذ تشهد الضفة الغربية المحتلة أخيرا تصاعدا في المواجهات بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى. في وقت، تصاعدت فيه هجمات المقاومة الفلسطينية.
عباس قدم من جانبه تنازلات أمنية كبيرة فقد كشفت وسائل إعلام عبرية، عن تفاصيل اللقاء الذي جرى عباس وغانتس.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية “كان”، أن عباس تعهد بأنه لن يسمح بـ”العنف والإرهاب ضد المستوطنين طالما أنه في الحكم” على حد وصفه.
وأشارت الهيئة الإسرائيلية، إلى أن عباس أكد لغانتس أنه لا يمكن التنازل عن التنسيق الأمني تحت أي ظرف. وذكرت أن عباس، قال إنه ينبغي بذل أقصى جهد من أجل خفض الاحتكاك في الضفة الغربية المحتلة حسبما ذكرت مصادر فلسطينية.
الكاتب والمحلل مصطفى الصواف يرى أن توقيت اللقاء يدلل على أن هناك شعور بالخطر يتولد لدى قيادتي السلطة والاحتلال من حالة مقاومة تتشكل وتتطور داخل الضفة الغربية المحتلة مما يهدد الطرفين. ويرى الصواف لوكالة “صفا” أن عباس يريد استباق الأمور قبل أن تتطور وتنضج هذه التشكيلات المقاومة ويُصعب تطويقها والقضاء عليها.
القوى الوطنية الفلسطينية والمقاومة رأت في الاجتماع انحرافا خطيرا عن الإجماع الوطني وتجاوزا لإرادة الجماهير المنتفضة في وجه الإرهاب اليهودي والاستيطاني الذي لم يُبق منطقة بالضفة والقدس إلا وجعلها هدفا لمشاريع الضم الاستعماري، وما هو إلا محاولة في سياق مؤامرة خطيرة. بحسب بيان لفصائل فلسطينية.
اللقاء المفاجئ سيرفع من حجم التوتير في الضفة الغربية ويزيد من عزلة السلطة ت قيادتها وربما لن ينجح في وقف إشارات تشير إلى انتفاضة جديدة.
* علي سعادة كاتب صحفي أردني
المصدر| السبيل الأردنية
موضوعات تهمك: