بعد إنتهاء مؤتمر برلين الدولي بشأن ليبيا والمشكل من دول ممثلة على أعلى مستوى، حيث شارك به كلا من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى تركيا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي بالإضافة إلى جامعة الدول العربية.
وعلى الرغم من أن المؤتمر اتفق على وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية المتنازعة والعمل على بدء التأسيس لحل سياسي للنزاع القائم بين قوات حفتر وقوات الحكومة الوطنية الشرعية المعترف بها دوليا، بينما تمت الدعوة في البيان الختامي إلى تشكيل حكومة موحدة في ليبيا بين طرفي النزاع في البلاد، بالإضافة إلى تشكيل لجان مختصة بمراقبة الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في ليبيا وذلك برعاية أممية وهو ما أعلنه المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، الذي أكد البدء في تشكيل ثلاثة لجان متكاملة لبحث الأوضاع الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية مؤكدا الأولوية للوضع العسكري والأمني.
وأشار سلامة إلى البدء في إجراءات تشكيل لجنة أمنية عسكرية مكونة من ضباط من الطرفين مشيرا إلى حصوله على أسماء الضباط من الطرفين أمس مكونة من مجموعة 5+5 حيث خمسة ضباط من كل طرف، بالإضافة لتشكيل لجنة سياسية مكونة من 13 عضوا في مجلس النواب و13 من جلس الدولة.
مؤتمر برلين لصالح من؟
قالت تقارير صحفية أن الوضع في ليبيا يشبه إلى حد كبير الأوضاع في سوريا، حيث يمكن للطرف صاحب المبادرة في إرسال قواته للتدخل المباشر السيطرة على الأوضاع في ليبيا لصالحه، إلا أن تركيا أشارت اليوم في حديث لرئيسها انه لم ترسل بعد قوات إلى ليبيا بل مجموعة من الخبراء العسكريين والمستشارين والمدربين.
وعلى الرغم من أن المؤتمر الذي عقد أمس قد قدم هدنة طويلة الأمد بين طرفي النزاع ووضع أساس لإمكانية حل سياسي للأزمة الليبية، إلا أنه يعد قد منح الوقت إلى قوات حفتر من أجل التقدم بشكل استفزازي لتعطيل عمل الموانئ الرئيسية في البلاد في وجه عملية تصدير النفط الذي يشكل المصدر الرئيسي لعائدات الدولة الليبية، وخلال عمل المؤتمر قالت مصادر أن قوات حفتر أغلقت أيضا أنابيب تصدير النفط في ليبيا خلال انعقاد مؤتمر برلين وهو ما يعني خطوة تصعيدية جديدة من قبل حفتر للضغط على حكومة الوفاق الوطني.
ومن المعروف بشكل كامل أن العمليات القائمة في ليبيا مدعومة بتدخلات قوى إقليمية ودولية هدفها بالأساس ثروات الدولة الغنية بالنفط وحقوق الدول التي تجمعها مع ليبيا حدود بحرية والغنية هي الأخرى بحقول الغاز الطبيعي، فيما يسعى حفتر للسيطرة على مصادر العائدات النفطية والأموال، بينما يريد على الأقل مشاركة حكومة الوفاق “كعكعة” النفط بالحصول على عائد باعتباره يحكم مناطق من البلاد ويريد الحصول على امتيازات مادية قوية.
الحركة التي قام بها حفتر استفزت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا ما دفع رئيس المجلس الأعلى للحكومة فايز السراج لمهاجمتها بشكل واضح وصريح، مؤكدا أنه يحترم دعوة مؤتمر برلين لوقف إطلاق النار وإجراء حوار سياسي إلا أنه أكد أنه لن يجلس مع حفتر مرة أخرى.
وقال السراج أن بلاده ستواجه وضعا كارثيا إذا لم يتم الضغط من قبل قوة أجنبية على القائد العسكري الجنرال المتقاعد خليفة حفتر من أجل وقف حصار حقول النفط الذي أدى إلى وقف الانتاج الخام بشكل كامل، حيث يرفض مطالب حفتر بربط إمكانية إعادة الموانئ للعمل بتوزيع إيرادات النفط بين حكومة الوفاق وقوات شرق ليبيا، حيث أن الدخل في النهاية مملوك لليبيين، وبهذا الشأن يمكن ذكر تقرير أممي سابق للمبعوث غسان سلامة أكد فيه أن جميع الأطراف الليبية تعمل على سرقة الثروات الموجودة في البلاد.
وعلى الأرجح فإن الهدوء التركي في مواجهة تحركات حفتر تجاه حقول النفط تشي بإمكانية أن تكون تركيا لها وجهة أخرى غير تلك التي تهم حكومة الوفاق، أو ربما من المتوقع أن يكون الحل الأمني والعسكري لتسوية الأوضاع هو الخيار الأمثل بالنسبة لحكومة الوفاق وداعميها، بعد أن تقوم قوات حفتر بأي عمل عسكري استفزازي مثل القصف الذي وقع أمس وأدانته تركيا بينما ردت حكومة الوفاق بقصف معسكر تابع لجيش حفتر.
وذلك مما يعني أن الحل العسكري لا غنى عنه في دفع التوجه لعملية سياسية حيث أنه من المرجح أن يكون الأمر ليس أشبه بسوريا كما قالت تقارير، إلا أنه قد يكون أشبه بالوضع الحالي في السودان بين تجمع المهنيين الداعي للثورة السودانية والجيش الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير، بصيغة تقارب بين القوات الحكومية وحكومة الوفاق الوطني في كيان سياسي واحد كما دعا مؤتمر برلين إلا أنه غير معلوم حتى الآن متى ذلك وسط المماطلات.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة