مؤتمر البحرين كمكسب إضافي لليمين الصهيوني
- تنظيم مؤتمر البحرين يعكس حجم نفوذ نتنياهو وتأثيره على إدارة ترامب.
- سيوظف اليمين الصهيوني مؤتمر البحرين للتدليل على أنه الأقدر على الحفاظ على مصالح إسرائيل الإستراتيجية
- مؤتمر البحرين يحسن مكانة اليمين الصهيوني ويكرس مصداقيته داخليا مما يعزز قدرته على تحقيق انتصارات انتخابية والبقاء في الحكم
* * *
بقلم | صالح النعامي
بغض النظر عن طابع النتائج العملية التي يمكن أن ينتهي إليها المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد في البحرين هذا الشهر، ومن المقرر أن تعلن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلاله رسميا عن خطتها لتسوية الصراع، المعروفة بـ«صفقة القرن».
فإن كل المؤشرات تدلل على أن التئام هذا المؤتمر سيسهم بشكل جذري في إضفاء المزيد من المصداقية على الخطاب السياسي لليمين الصهيوني المتطرف الحاكم في تل أبيب.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحاجج بأن تركيز المؤتمر على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين وتجاهل معالجة القضايا السياسية الرئيسة والقفز على حل الدولتين، يدلل على أن هناك إسنادا عربيا رسميا لتصوره الأيدلوجي لحل الصراع الذي ينادي بـ «السلام الاقتصادي»، والذي يقوم على تسليم الفلسطينيين بسيادة إسرائيل على الأرض مقابل إحداث تحول إيجابي على واقعهم المعيشي والحياتي.
وإن كانت أحزاب «الوسط» و«اليسار» والكثير من النخب في إسرائيل ظلت، على مدى سنين، تشكك بجدوى فكرة «السلام الاقتصادي» على اعتبار أنها غير قابلة للتطبيق بسبب موقف الفلسطينيين الرافض لها؛ فإن احتضان عاصمة عربية لمؤتمر يتبنى هذه الفكرة سيجعل هذه الأحزاب تعيد حساباتها وسيجبرها على لجم انتقاداتها لخطاب اليمين الأيدلوجي والسياسي.
بجانب ذلك، تركيز وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية على حضور وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون وعدد كبير من رجال الأعمال والصحافيين الإسرائيليين في المؤتمر سيكرس انطباعا لدى الرأي العام الإسرائيلي بأن المخاطر التي يمكن أن تنجم عن أي قرار بضم التجمعات الاستيطانية لإسرائيل، كما وعد نتنياهو عشية الانتخابات الأخيرة، ستكون محدودة.
وذلك باعتبار أن تعهد نتنياهو هذا لم يؤثر على دافعية دولة عربية على استضافة المؤتمر والاحتفاء بوزير يمثل حكومة اليمين التي يفترض أن تنفذ قرارات الضم، وهذا ما سيدفع هذه الحكومة لاتخاذ المزيد من القرارات الهادفة إلى حسم مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في الوقت ذاته، فإن مؤتمر البحرين يسهم بشكل مثالي في تمكين نتنياهو من إقناع الرأي العام الإسرائيلي بصدقية تشديده خلال العامين الماضيين على أن تحولات درامتيكية قد طرأت على طابع العلاقة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، سيما الخليجية وأن الشراكات الإستراتيجية مع هذه الدول لا تتأثر بأنماط السياسات التي تتبعها حكومته في التعاطي مع القضية الفلسطينية.
المفارقة أن مؤتمر البحرين سينظم بعد حوالي أسبوع على تنفيذ التيار الديني في إسرائيل، وبمشاركة أحزاب من الائتلاف الحاكم أكبر عملية اجتياح للمسجد الأقصى والبلدة القديمة من القدس، حيث سيتم إغراق الحرم القدسي بعشرات الآلاف المستوطنين، الذين سيقتحمونه بمناسبة مرور 52 عاما على احتلال المدينة المقدسة.
وتقول يهوديت أوفنهيمر، مديرة جمعية «عير عميم» ذات التوجه اليساري، في مقال نشرته أمس صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن المخطط الذي سينفذه التيار الديني في إسرائيل بدعم حكومي يهدف إلى إيصال رسالة للعالم الإسلامي بأسره مفادها بأن اليهود سيقتحمون المسجد الأقصى و«سيغرسون أصابعهم في عيون المسلمين» لكي يكون هذا المشهد مألوفا.
ومن الواضح أن مشاركة وزير في حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف التي تمنح الغطاء لهذا الاستفزاز، يوصل رسالة للجمهور الإسرائيلي مفادها بأنه بالإمكان مواصلة هذا النمط من السياسات الهادفة إلى تغيير الوضع القائم في المسجد دون أن تكون هناك ردة فعل عربية وإسلامية ذات قيمة؛ وهذا ما سيشجع حكومة نتنياهو على اتخاذ المزيد من الخطوات الهادفة لتهويد الأقصى والقدس.
ونظرا لأنه لا خلاف بين المراقبين في إسرائيل على أن تنظيم مؤتمر البحرين يعكس حجم نفوذ نتنياهو الطاغي وتأثيره الهائل على إدارة ترامب، فإنه سيتم توظيفه من قبل اليمين الإسرائيلي في التدليل على أنه الأقدر على الحفاظ على مصالح إسرائيل الإستراتيجية، على اعتبار أن بناء علاقة وثيقة مع واشنطن تقع على رأس قائمة هذه المصالح.
وإزاء كل ما تقدم، فإن إسهام مؤتمر البحرين في تحسين مكانة اليمين الإسرائيلي بشقيه العلماني والديني ودوره في تكريس مصداقيته أمام الرأي العام الداخلي سيعزز من قدرة هذا اليمين على تحقيق انتصارات انتخابية والبقاء في الحكم إلى أمد بعيد.
* د. صالح النعامي كاتب وباحث في الشأن الصهيوني
المصدر | السبيل الأردنية
موضوعات تهمك:
نظرية “اللعبة” والتفاوض الدولي
ورشة المنامة وصفقة القرن .. البدء بالشق الاقتصادي لتغييب السياسي
عذراً التعليقات مغلقة