ورحل فيلسوف المسرح المصري لينين الرملي الكاتب وصانع النجوم والأعمال الرائعة، والذي حمل شعارا طوال حياته يقول للمثلين والمخرجين زملاءه في أعماله، دون وجهة نظر يصبح الانسان كفيفا، وهو ما جسده الراحل في مسرحيته الرائعة “وجهة نظر”، ليبقى اسمه محفورا في المسرح المصري إلى الأبد.
ولد لينين الرملي في الثامن عشر من أغسطس عام 1945، ونشأ وترعرع في مسقط رأسه محافظة القاهرة عاصمة مصر، وحصل على شهادة البكالريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد وأدب المسرح عام 1970، وتخصص في دراسته ذاته دون أي تحريف لمساره، وصنع مجدا لعدد كبير من الممثلين على رأسهم محمد صبحي الذي وصل ذروته مع لينين قبل أن يختلفا معا بسبب عدة أفعال لمحمد صبحي سنسرده فيما يلي، كما مكن فؤاد المهندس من استعادة بريقه مجددا من خلال رائعته سك على بناتك.
توفي أول أمس الرملي عن عمر ناهز الخمسة وسبعين عاما وخلف عدد من الأعمال الرائعة، حيث صنع أكثر من 56 مسرحية و13 فيلما، من بينها أفلام صنعها للزعيم عادل إمام مثل الإرهابي وغيرها، ليتوقف عن الفن لسنوات قبل أن يعاود مرة أخرى وظل متشبثا بصناعة المسرح إلى أن لاقى ربه على الرغم من عزوف بعض الفنانين عن أعماله إلا أنه تمسك بمسرحه الرائد دون أن ينجر لما يحدث هذه الأيام على خشبة المسرح من إهانة لذلك الفن الجميل.
كان آخر أعمال لينين الرملي في أوائل عام 2018 عنما قدم مسرحية اضحك لما تموت التي لعب بطولتها نبيل الحلفاوي ومحمود الجندي، والتي أقيمت على المسرح القومي ليعود الرملي قبل وفاته بعامين للمسرح القومي بعد أن أبعد عنه لسنوات، ليتحدث في مسرحيته عن تباعد الأفكار بين الأجداد والأحفاد.
يعد لينين من أهم رموز جيله في فترة الستينيات وهي ما تعرف بالجيل الذهبي الثاني من المسرح، والذي انتعش فيها بعد ثورة يوليو، بينما لم يتجمد عمله على المسرح فقط بينما انطلق لعمل الدراما والسينما، وساهم خلالها من صناعة نجوما أو تجديد نجومية فنانين كبار.
ولعل أبرز ما قدمه في السينما المصرية، هو أفلام قدمها عادل إمام مثل الإرهابي وبخيت وعديلة وهاللو أمريكا، بينما كتب للفنان سمير غانم مسلسله الرائع حكاية ميزو بالإضافة لمسلسل الرجل الذي عطس، بينما عمل أيضا مع محمد عوض في راسب مع مرتبة الشرف وبرج الحظ، بينما كتب لآخرين هند والدكتور نعمان ومبروك جالك ولد، كما أن له الفيلم الفلسفي الرائع البداية مع المخرج صلاح أبو سيف وبطولة الفنان الراحل أحمد زكي، وقد لاقى حفاوة وتكريم كبيرين في الداخل والخارج ولعل أبرز تكريمه كان في كندا، بينما عمل مع محمد صبحي وصنع له مجدا ووضعه على أول سلم للنجومية المسرحية لينفصلا فيما بعد.
عمل محمد صبحي مع لينين الرملي حتى مسرحيته الرائعة وجهة نظر، والتي كانت تجربة مميزة لهما، بينما تحدثت الصحف وقتها أن انفصال صبحي عن لينين كان بسبب خروج صبحي عن النص، إلا أن الأمر كان اعقد من ذلك بكثير فقد كان صبحي يحاول الهيمنة على الخشبة والسيطرة عليه وإبعاد كل زملائه عن الضوء، بينما قال الرملي في لقاء سابق له، أن صبحي تعمد إقصائه وحاول التصدر وحيدا في الصورة في كل الأعمال، بينما عندما قرر الرملي إنهاء ذلك ووضع حد له قرر صبحي الرحيل، وخيره أن يحصل على المسرح فحصل عليه لكنه لم يتلقى مليما من مستحقاته وكانت هذه هي سبب انتهاء الثنائي صبحي لينين.
وإن كان الرملي لديه رؤية فلسفية مسرحية خاصة ومدرسة تخصه وحده إلا انه بالطبع يؤخذ عليه الناحية القومية الموالية للزعماء في بلاده، وفكرة تصويره الحاكم بعيدا عن الانتقادات غالبا ولعل حرفته التي تؤخذ عليه أيضا تلبيس الأمور وإيلام من ليس عليه إيلامهم وتنحية مستحقي اللوم الحقيقي من الكادر وهو ما برز جليا في مسرحية وجهة نظر التي أداها صبحي واحترفها واكمل المسيرة بعد الرملي مقدما تلك الفكرة بأشكال عدة فيما بعد أكثر ظهورا ووضوحا.
وعن اسمه كان الرملي يعاني من ذلك الاسم حيث ظن الجمهور تارة أنه مسيحي ومرة أنه يهودي وتارة أخرى أنه ملحد، مؤكدا أنه سمي بهذا الاسم لمجرد اعجاب والده بالزعيم الشيوعي فلاديمير لينين، حيث كان والده ووالدته من كوادر الحركة الشيوعية في مصر لكنه أكد في أكثر من لقاء أنه يرفض تغيير اسمه لمجرد أن اسمه لا يعجب الجمهور.
اتسمت اعمال الراحل الرملي بالفنية العالية والفلسفية والقيم، كما اتسمت بالبساطة وتقديم الفكرة الفلسفية بكلمات ساخرة تاركا خلفه إرثا فنيا بلغ أكثر من 50 عملا ليرحل وقد ترك خلفه جمهورا بالملايين ينعيه ويتمنى له الرحمة والغفران.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة