لماذا يرغب المراهق في الظهور؟
الإحساس الزائد بالنفس:
إن حالة الشعور، أو الإحساس بالنفس Self Consciousness هي ما يحسه الإنسان إذا خجل وأحس أن عيون الآخرين عليه، حيث يصبح واعياُ، وشاعراً بجسمه، وحركاته وكلماته، ويفقد حالة نسيان النفس؛ التي يتمتع بها الإنسان المنطلق، حيث يكون تركيزه على ما هو خارج نفسه، أي على الأشخاص والأشياء من حوله، وليس على نفسه. والتركيز على النفس، والشعور بها ينجر إليه كل إنسان عندما يظن نفسه موضع انتباه الآخرين، ويخشى في الوقت نفسه أن تظهر لهم عيوبه، أما المعجب بنفسه، أو الراضي عنها، فإنهما لا يعانيان في مثل هذه المواقف ما يعانيه الذي ما يزال يخشى أن يكون موضع انتقاد الآخرين.
والإحساس الزائد بالنفس سمة من سمات المراهقين، تنتج عن قدرتهم الجديدة على التفكير بالعمليات الصورية، وعلى التفكير حول التفكير.
فعندما كانوا أطفالاً ما كانوا يفكرون بالآخرين ما عساهم يقولون في أنفسهم، وما عساه يدور في رؤوسهم… الأطفال لا يمتلكون القدرة الكافية على التفكر، والاهتمام بما يدور في رؤوس الآخرين.
ومن التجارب التي أجراها (ديفيد إلكند) على الأطفال لإظهار عجزهم عن التفكير بأفكار الآخرين: أنه سأل الأطفال عما إذا كان يمكن للقطة أن تكون مسيحية، أو يهودية، أي ذات ديانة خاصة بها، وقد كان الجواب الغالب عند الأطفال – وبغض النظر عن ديانتهم الشخصية أن الحيوان كالقطة أو الكلب لا يمكن أن يكون مسيحياً أو يهودياً، لأن القسيس لن يسمح له أن يدخل الكنيسة، ولأن الراباي لن يسمح له بدخوا كنيس اليهود. وقال الأطفال: إن القطة أو الكلب ستثير ضجيجاً، وستركض هنا وهناك إن دخلت الكنيسة أو الكنيس.
أما المراهقون فقد أعطوا جواباً مختلفاً، كان فيه التركيز على الأفكار، والعقائد، حيث تكررت في أجوبتهم الفكرة التالية: (إن القطط والكلاب ليست ذكية كالإنسان، ولن تفهم الدين).
إن مفاهيم مثل (الذكاء) (الفهم) (الاعتقاد) (الإيمان) هي أفكار حول التفكير، ونادراً ما يستعملها الأطفال، أما المراهقون فيزداد استعمالهم لها كلما تقدمت بهم السن، وازدادوا نضجاً عقلياً، حيث يمتلكون القدرة على التفكير حول التفكير، وحول ما يجري في رؤوسهم هم، وما يجري في رؤوس الآخرين.
ولما كان المراهقون، مشغولين بما يجري في أجسادهم، ووجوههم، وعواطفهم، وقواهم العقلية من تغير، وتحول، فإنهم متمحورون حول أنفسهم، ومركزون اهتمامهم عليها، ويفرضون أن الجميع من حولهم مشغول، ومهتم بما هم مشغولون فيه، ومهتمون به، وبالتالي يفترضون أن الجميع مهتم بهم، ومركز انتباهه عليهم. والعالم (ديفيد إلكند) يسمي ذلك (الجمهور المتخيل) حيث يعيش المراهق والمراهقة وكأنه على خشبة مسرح أمام جمهور واع، ومنتبه ومهتم، بمظهر المراهق، وسلوكه بمقدار اهتمام المراهق نفسه بمظهره وسلوكه.
موضوعات تهمك:
كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا
عذراً التعليقات مغلقة