لماذا يمكن اعتبار الرئيس اللبناني الحالي من أكثر الشخصيات السياسية خبرة بشؤون الشغور الرئاسي؟!
النخبة السياسية اللبنانية شديدة الغطرسة والأنانية في تصارعها على كراسي السلطة وتتخندق في مواقع النفوذ.
تزايد إمكانية حصول الشغور الرئاسي في بلد تعصف به الأزمات الاقتصادية وتتدهور أوضاع مواطنيه وتنهار قدراته على توفير الأساسيات.
تضعضعت أوضاع لبنان المالية مع امتناع مصارفه عن تسديد أموال المودعين، بحيث شهدنا بعضهم يقوم بأعمال عنيفة بالسلاح لاستعادة جزء من ممتلكاته.
تستميت النخبة السياسية لمنع أي محاسبة لأفرادها عن كارثة انفجار مرفأ لبنان وكوارث الانهيار المالي والتدهور المعيشيّ وانقطاع الكهرباء وشح الوقود.
بدأت فترة المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في بداية الشهر الحالي، وحسب الدستور اللبناني فإن المجلس النيابي يصبح هيئة ناخبة وظيفتها انتخاب رئيس.
الهدف من تعطيل تشكيل الحكومة منع تطبيق المادة 62 من الدستور: «في حال خلوّ سدة الرئاسة لأي علة كانت، تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء» وبذلك يصبح البلد بدون رئيس ولا حكومة!
* * *
حذّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أمس الأحد، من حصول شغور رئاسي في منصب الرئاسة اللبنانية، معتبرا تعمد حصول هذا الأمر «مؤامرة وخيانة بحق لبنان».
يشير تحذير الراعي، وآخرين، إلى تزايد إمكانية حصول هذا الشغور في بلد تعصف به الأزمات الاقتصادية وتتدهور أوضاع مواطنيه وتنهار قدراته على توفير الأساسيات، من كهرباء ووقود وخدمات، وذلك بعد أن تضعضعت بناه المالية مع امتناع مصارفه عن تسديد أموال المودعين، بحيث شهدنا بعضهم يقوم بأعمال عنيفة بالسلاح لاستعادة جزء من ممتلكاته.
يتعلق الأمر بنخبة سياسية لبنانية شديدة الغطرسة والأنانية في تصارعها على كراسي السلطة وتتخندق في مواقع النفوذ.
إضافة إلى تجاهلها لمصالح الشعب الذي تزعم تمثيله فإن هذه النخبة تستميت على منع أي محاولة لمحاسبة أفراد منها عن مسؤوليتهم عن كارثة انفجار مرفأ لبنان وتداعياته الكارثية على العاصمة بيروت، وعن كارثة الانهيار المالي، وكارثة التدهور المعيشيّ، وكارثة انقطاع الكهرباء والعجز عن توفير الوقود.
بدأت فترة المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في بداية الشهر الحالي، وحسب الدستور اللبناني فإن المجلس النيابي (البرلمان) يصبح هيئة ناخبة وظيفتها انتخاب رئيس.
باستثناء ثلة قليلة من النواب المستقلّين، فإن المجلس النيابي اللبناني مؤلف من كتل محلية محسوبة على قوى إقليمية أو دولية، وهذا ما سيجعل انتخاب رئيس لبناني جزءا من الصراعات الإقليمية والدولية، بما فيها المفاوضات الدائرة حاليا بين أمريكا والمنظومة الدولية، من جهة، وإيران، من جهة أخرى.
تبدو السابقة الأولى لحالة فراغ رئاسي في لبنان، والتي حصلت بين أيلول/سبتمبر 1988 وتشرين الثاني/نوفمبر 1989، سيناريو لاحتمال حصول الشغور المقبل، وخصوصا لأن عون كان طرفا مركزيا في حصولها، فقد امتنع المجلس النيابي عن انتخاب رئيس رغم ممارسة قوى إقليمية ودولية ضغوطا (حيث حصل توافق أمريكي ـ سوري على النائب مخايل الضاهر) وفوق الفراغ الرئاسي فقد حصل أيضا انقسام بين حكومتين، مدنية، ويقودها سليم الحص، وعسكرية، يقودها ميشال عون!
انتهى الشغور الرئاسي الثاني، الذي جرى بين تشرين ثاني/نوفمبر 2007 وأيار /مايو 2008، بـ«اتفاق الدوحة» الذي رعته قطر، وتمكنت فيه بإنهاء أزمة 18 شهرا من الأزمة السياسية، وأدى إلى انتخاب ميشال سليمان رئيسا.
لعب عون دورا أيضا في الشغور الرئاسي الثالث، والأطول في تاريخ لبنان، والذي دام بين أيار/مايو 2014 وتشرين أول/ أكتوبر 2016، ولم ينته ذلك الشغور إلا بانتخاب ميشال عون رئيسا للبلاد، وبذلك يمكن اعتبار الرئيس اللبناني الحالي من أكثر الشخصيات السياسية خبرة بشؤون الشغور الرئاسي!
تحضر هذه الخبرة بوضوح في المفاوضات الجارية بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، والتي تتجه، وبشكل متعمد كما يبدو، إلى الفشل.
الهدف من ذلك، على ما يظهر، هو منع تطبيق المادة 62 من الدستور اللبناني والتي تنص على أنه «في حال خلوّ سدة الرئاسة لأي علة كانت، تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء» وبذلك يصبح البلد بدون رئيس ولا حكومة، فما يهم، في النهاية، هو الحصّة التي سينتزعها الزعماء ـ الوكلاء من لحم الشعب اللبناني.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: