بقلم : ــ أحمد عزت سليم … مستشار التحرير
محو حقوق الآخرين والاعتداء عليها وسرقته خصيصة بنائية ثانية للاهوت الإبادة ، تهدف من خلال ممارساتها إلى التخلص من الآخر وهنا نلاحظ أن صياغة التوراة تعطى تأكيداً كبيراً يكشف عن مطامع اليهود فى مصر ” خذوا أباكم وبيوتكم وتعالوا إلى فأعطيكم خيرات أرض مصر وتأكلون دسم الأرض .. خذوا لكم من أرض مصر عجلات لأولادكم ونسائكم واحملوا أباكم وتعالوا لا تحزن عيونكم على أتانكم لأن جميع خيرات أرض مصر لكم ” ولتتصاعد هذه السرقة إلى حد النهب والاستغلال فحسب ” تنبؤات يوسف حلت سبع سنوات الجفاف والجوع التى لم تعم مصر وحدها بل البلدان المجاورة أيضاً وعانى الناس كثيراً من الجوع وعندما رجوا فرعون أن يفتح لهم عنابره أحالهم إلى يوسف الذى تفهم رجاءهم ولكنه لم يوزع عليهم القمح بلا مقابل . ففى البداية كان على الناس أن يدفعوا ثمن ما يأخذونه نقوداً ، ولما نفذت النقود باعوا خيلهم وماعزهم وعجولهم وحميرهم ، وكان همهم الوحيد تجنب الموت جوعا وفى نهاية المطاف فقد الناس أرضهم ، ثم باعوا أنفسهم عبيداً ، وهكذا بعد سبع سنين من وقوع الكارثة صارت الأرض كلها ومن يعمل عليها ملكاً لفرعون مصر ” (5) .. وحين أصبحت الأرض ملكاً لفرعون أخذ يوسف يؤجرها قائلاً للناس : ” إنى قد اشتريتكم كما اشتريت أرضكم لفرعون ” هكذا يتبدى المخطط الإجرامى ــ كماتنص التوراة ــ الذى استخدمته الجماعة اليهودية كجماعة وظيفية بقيادة يوسف لتركيع الأغيار واستغلال حاجاتهم الإنسانية وتحويلهم بسببها إلى عبيد على النحو الذى يقدمه النص التوراتى ، ولم يكن غريباً عليهم فى عصر تال هو عصر موسى أن ينهبوا بيوت المصريين وامتلكوا الأدوات الذهبية والفضية والثياب وغيرها من النفائس وذلك بأمر الآلهة ” فأمد يدى وأضرب مصر بكل عجائبى التى أصنع فيها ، وبعد ذلك يطلقكم ، وأعطى نعمة لهذا الشعب فى عيون المصريين ، فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين . بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون الشعب ( خروج 3 : 2.- 22) . وهكذا تكون السرقة والنهب بنص إلهى وهو مالم تعرفه الإنسانية قبلا وبعدا .
هكذا يتصرف الإله وموسى والشعب على حد سواء ويسرقون ويسلبون ما لغيرهم ، لتتأكد خصيصة بنائية ثالثة وهى التآمر الدائم ضد مصر سعيا إلى إبادتها ، ومشكلاً لخصيصة بنائية مرتبطة بخصيصة السرقة وهى خصيصة الاستغلال باستخدام اليهود كجماعة وظيفية موسومة بعهد الرب بالسيطرة على أملاك جزيلة منذ عهده لإبرام ( تكوين 5 : 7- 18) وهكذا ارتبطت هذه الخصيصة البنائية عادة بالعهد والميثاق وتكررت فى حادثة يعقوب وخاله لابان التى أشرنا إليها سابقاً .
ويكون التخليص والتطهير للأشياء المسروقة تبريراً لاهوتياً من أجل امتلاكها دون واخز من ضمير ، فكل شئ يمكن تخليصه إذا لمسه أو عالجه اليهودى وخاصة اليهود المسيانيين ، ويطبق أعضاء جوش أمونيم هذا المذهب فى الصراع على الأرض المقدسة فيزعمون أن ما يبدو فى ظاهره مصادرة الأراضى المملوكة للعرب من أجل إقامة مستوطنات يهودية عليها ، ليست عملاً من أعمال السرقة لكنه تطهير لها من الخطيئة ، ومن خلال هذا المنظور فإن الأرض يتم تخليصها من خلال نقلها من الدائرة الشيطانية إلى الدائرة الإلهية ” (6) ، بهذا المفهوم تكتسب السرقة ويكتسب الاغتصاب قداسة ويصبح التخليص والتطهير بهذا المعنى هو الخصيصـة البنائية الرابعة .
وقد ارتبطت هذه الخصائص البنائية السابقة بمكافأة الإله لاغتصاب الآخرين وأكل حقوقهم ، فبعد خديعة يعقوب لخاله ورحيله بالغنيمة ، يبصر الرب يقف بجانبه ويعده بأن أسلاب الأرض ، والأرض التى تحيط به جميعاً ستصبح له ولذريته من بعده ، وبعد سرقة شعب مصر فإن الرب يعدهم بطرد جميع الشعوب من أمامهم فيرثون شعوباً أكبر وأعظم منهم وأن كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم … ، ويجعل الرب خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التى تدوسونها ( تثنية 11 : 22- 25 ) .
المراجع : ــ
5 ) زنون كوسيدوفسكى، الأسطورة والحقيقة فى التوراة ، الأهالى للطباعة والنشر ، دمشق ، الطبعة الأولى ـ 3/ 1996 ، ترجمة : محمد مخلوف ص 77
6 ) الأصولية اليهودية جـ 2 ص 60
موضوعات تهمك:
مزاعم الانتصارات والامتلاك الصهيونية
تداخل المصادر الصهيونية الكاذبة لامتلاك أرض فلسطين