- أمريكا الوحيدة في العالم التي تصدر وتطبع الدولار بدون غطاء أو حسيب أو رقيب وتمتلك سيولة كبيرة!
- هبوط عملة تركيا لا علاقة له باقتصادها بل بلطجة مالية أمريكية للي ذراع القيادة التركية.
- البنوك العملاقة قوية ومؤثرة بالسوق لكنها لا تتحرك تلقاء نفسها بل تسير خلف البنوك المركزية العالمية.
كيف تسقط أمريكا عملة أي دولة وتتحكم بسعر صرف العملات؟
بقلم: د. منذر عبد الله القحيط
مهما قمت بعملية بحث عبر الإنترنت كيف تقوم حكومة الولايات المتحدة بإسقاط سعر عملة اي دولة مثلا الليرة التركية أو العملة الإيرانية أو أي عملة أمام الدولار؟ هذا سؤال لن تجد تفسير واضح وبيين مهما بحثت.
لكن للإجابة على هذا السؤال علينا أن نعرف:
- من يتحكم بسعر الصرف للعملات، وكيف يقوم بذلك؟
-
يجب ان نعرف كيف يعمل سوق العملات؟
يجب أن نعرف أن هنالك مؤثرين حقيقيين على سوق العملات ينقسمان إلى مؤثر رئيسي والآخر ثانوي.
المؤثرون الرئيسيون
ويسمون اللاعبون بالأسواق ويعتبرون أهم لاعبي أو صانعي السوق المالية والسياسات الاقتصادية للحكومات والبنوك المركزية بالدول الكبرى وهم بالترتيب:
- الولايات المتحدة: مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي).
- الاتحاد الأوروبي: البنك المركزي الأوروبي
- المملكة المتحدة: بنك انكلترا (البنك المركزي البريطاني)
فهؤلاء هم اللاعبون الرئيسيون في سوق الاقتصاد العالمي ويسيطرون علي 70% إلى 80% من حركة السوق.
أما أقوى لاعب بين هؤلاء، الولايات المتحدة، فهي وحدها تتحكم بحوالي 50% من حركة السوق العالمي. وبما أن جميع اللاعبين الكبار حلفاء لواشنطن، إذًا فالولايات المتحدة هي اللاعب رقم واحد في العالم وهي من يتحكم بالسوق من ألف الى ياء.
بالإضافة إلى أن هنالك بنوك عالمية كبرى ومؤسسات مصرفية عملاقة، وهي رديفة للبنوك المركزية أي أنها تعمل في الظل حسب حركة البنوك المركزية مثل: جي بي مورغان شيس و باركليز بانك وغيرهما.
هذة البنوك قوية ومؤثرة على السوق لكنها لا تتحرك من تلقاء نفسها بل تسير خلف البنوك المركزية العالمية آنفة الذكر.
وهم المضاربين
وتاثير هؤلاء عادة يتراوح بين 10% الى 30% كاقصى حد على حركة السوق العالمية وهؤلاء لا يتحكمون في حركة السوق وفي الأغلب ينتظرون السوق حتى تحركها القوى الكبرى ” العظمى ” ثم يركبون الموجه السائدة و يدفعونها إلى الأمام.
كيف يعمل سوق المال العالمي؟
هنالك حركتان يتضح من خلالهما عمل سوق المال العالمي، إحداهما حركة طبيعية، والأخرى حركة غير طبيعية أي مصطنعة واللاعبون الثلاثة السابق ذكرهم وحدهم من يستطيع القيام بذلك.
- الأولى الحركة الطبيعية وتنتج عن قرارات اقتصادية للدولة وتكون عادة لحل مشاكلها الداخلية أو أزماتها الداخلية، كقيام بعض البنوك المركزية برفع أو خفض أسعار الفائدة لحل أزمة مالية أو اقتصادية فإن هذا الحدث يؤثر على حركة السوق.
أيضا بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية والتي تلعب دورا هاما في حركة السوق وكذلك الأزمات السياسية حسب الضرر المتوقع حدوثة نتيجة هذة الأزمات: حروب، كوارث طبيعية.. ويمكن تلخيص الحركة الطبيعية بمصطلح “العرض والطلب”.
- الثانية الحركة الغير طبيعية وتكون نتيجة مؤامرت أو مكائد سياسية تقوم بها الدول/الكيانات الكبرى مثل: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا.
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عادة ما يكون تاثيرهما محدود نسبيا في عملات الدول. مثال على ذلك: ماحدث أوائل 2013، حيث قامت المخابرات البريطانية MI6 بلعبة من خلف الكواليس استطاعت بها أن تجبر بنك انكلترا (المركزي) على خفض سعر صرف الجنية الاسترليني مما أدى لهبوطه أمام الدولار أكثر من 1500 نقطة خلال بضعة أسابيع!
أما اللاعب الخطير والمخيف والقادر على التحكم بالسوق العالمي كاملا وتحريكه كيفما يشاء فهو حكومة الولايات المتحدة. السؤال الذي يطرح نفسه:
كيف تستطيع حكومة الولايات المتحدة أن تقوم بهذا التلاعب؟
تقوم الولايات المتحدة بهذا التلاعب من خلال:
- تفتعل الولايات المتحدة مشكلة، مثل ما يحصل حاليا مع تركيا، ومن ثم يخرج الرئيس الأمريكي ويوجه تهديداته أو يقوم بإجراءات إقتصادية حازمة ضد تلك الدول أو الدولة ليعطي انطباعا عن مشكلة اقتصادية مستقبلية ستحصل هناك.
- يدخل البنك المركزي الامريكي مباشرة على الخط، بعد ذلك ويقوم مثلا بشراء الدولار الأمريكي أمام تلك العملة للبلد الذي سبق تهديده بكميات كبيرة جدا. وبعد تحرك السوق تركب البنوك الرديفة العملاقة الموجة وتقوم بدفع السوق نحو مزيد من الحركة، كذلك نفس الأمر يحصل مع المضاربين.
وهذا بالتحديد ما حصل مع تركيا، بعد إعلان ترامب رفع الرسوم والجمارك على واردات أمريكا من تركيا من صلب وألمنيوم، قام البنك المركزي الأمريكي بعمليات شراء كبيرة للدولار الامريكي أمام الليرة التركية.
وحسب ما تحدث به خبراء اقتصاديون في بورصة نيويورك، بلغ حجم التداول على الدولار مقابل الليرة التركية مؤخرا حوالي تريليوني دولار، علما أن التداول اليومي في سوق العملات يتراوح بين 5 و6 تريليونات دولار أمريكي يوميا.
أي كان حجم صفقات بيع الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي نحو تريليوني دولار تقريبا أي بنسبة ثلث حجم التادول اليومي ويعتبر هذا هو سبب السقوط الكبير الذي أصاب العملة التركية.
وهنا سؤال مهم يطرح نفسه: كيف تستطيع حكومة الولايات المتحدة القيام بذلك؟ وبالتالي فهي بحاجة الى سيولة كبيرة جدا؟
الإجابة: السيولة موجودة دائما ولا توجد أي مشكلة في هذا الجانب! هل تعلمون السبب؟
الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقوم بإصدار وطبع الدولار بدون احتياط (ذهب) وبدون حسيب أو رقيب. لذلك فهم يمتلكون كميات كبيرة من السيولة أو النقد.
أي أنهم يتحكمون بإقتصاديات دول العالم ويسرقون جميع معادنهم بالتحديد الذهب والنفط مواردهم وتعبهم بأوراق مالية (عملة) وهمية لا قيمة له حتى أن القيمة الفعلية له أقل من قيمة ورقة A4 وهذة هي القيمة الحقيقية للدولار الأمريكي.
* * *
فهذه الطريقة التى جعلتهم يستطيعون التحكم بالدول الأخرى من خلال تخويف الآخرين من خلال التهديدات التي يلقيها الرئيس الأمريكي مثل ترامب، بفرض عقوبات الغرض منها يعني من يتعامل مع الطرف الفلاني فهو ضدنا.
والطريقة الأخرى التلاعب بأسعار العملات من خلال السوق العالمي، تمتلك سيولة كبيرة جدا لأنها تقوم بطبع عملتها من الدولار بدون حسيب أو رقيب وبدون أي احتياطيات “ودائع” من الذهب في صندق النقد الدولي ومن خلال هذة السيولة التي ليس عليها أي رقابة أو حساب استطاعت أن تتحكم بسعر أي عملة في العالم.
وهذا هو ما حصل مع تركيا من ألف الى ياء. وأدى لانخفاض القوة الشرائية لليرة التركية وهبوط سعرها. وهذا لا علاقة له بالاقتصاد التركي وإنما هو عملية بلطجة مالية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لكي تتمكن من لي ذراع جمهورية تركيا فقط لاغير.
ومثال على هذا ماقامت به الولايات المتحدة في 2008 وأدى لحصول الأزمة العالمية، حيث قامت الولايات المتحدة بطبع 3 ترليونات دولار تقريبا وضخها كسيولة إلى السوق العالمية بدون أن تقدم أي غطاء أو احتياطيات أو “ودائع” من الذهب لصندوق النقد الدولي، بحجة منع تدهور الأسواق العالمية!
بالتالي فإن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية عندما تحتاج إلى سيولة نقدية لعملتها الدولار فإنها سوف تفتعل أي مشكلة مع أي دولة وتلقي تهديداتها ومن ثم تقوم بالإصدار والطباعة المجانية لأوراق نقدية إضافية من عملتها الدولار بكميات هائلة وبدون احتياطيات بعذر منع تدهور السوق العالمي والذي ينتج عنه انهيار إقتصادي للعديد من الدول بالتحديد في دول العالم الثالث.
- د. منذر عبدالله القحيط أستاذ المنشآت النفطية والمحاسبة الدولية والإدارية، باحث في المحاسبة والموازنات والمعايير الدولية وفقا للقضاء الدولي.
المصدر: المشهد اليمني الأول