- السؤال الذي يعني العقلاء هو إن كانت الجوانب السيئة لاتفاق أوسلو هي الأكبر أم العكس؟
- كيف أصبح احتلال المناطق مريحاً أكثر بكثير بعد اتفاق أوسلو وإقامة السلطة الفلسطينية؟
- إقامة كيان فلسطيني سياسي أعفت إسرائيل من عبء صيانة المناطق خاصة العبء الأمني الهائل.
ربع قرن على أوسلو.. إليكم تقييمه إسرائيلياً
بقلم: ياسر الزعاترة
يستحق اتفاق أوسلو الشهير أن يتم التوقف عنده بعد مرور ربع قرن بالتمام والكمال على توقيعه، وستكون الوقفة أكثر أهمية حين تأتي من الطرف الإسرائيلي، لأن تقييمنا الذي نردده منذ سنوات بعيدة قد لا يكون مريحاً للبعض، ممن يحب أن يرى الجانب الجيد منه، مع العلم أنه ما من اتفاق إلا وله جانب حسن.
لكن السؤال الذي يعني العقلاء هو ما إذا كانت الجوانب السيئة هي الأكبر أم العكس؟
ويكفي هنا أن يهدد سدنة الاتفاق بـ «حل السلطة» مراراً، كي نعلم إدراكهم حقيقة الاتفاق، وطبيعة السلطة التي أنشأها.
التحليل الذي نتوقف عنده هنا ليس هامشياً بحال، فهو للمحرر الأمني والعسكري الشهير في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، روني شيكد، ونشره الأربعاء (5/9) بعنوان: «25 سنة على اتفاق أوسلو.. الاحتلال بات مريحاً أكثر».
يقول شيكد: «اتفاق أوسلو لم يمت، فهو حي يرزق. صحيح أن بنوده الأولى فقط نفذت، ولكن الواقع الذي خلقه خدم إسرائيل: احتلال المناطق أصبح مريحاً أكثر بكثير.
إقامة الكيان الفلسطيني السياسي أعفت حكومات إسرائيل من عبء الصيانة الجارية للمناطق، وليس فقط من الجانب الاقتصادي (التعليم، الصحة، التشغيل، البنى التحتية، الرعاية، الرفاه الاجتماعي)، بل أساساً من العبء الأمني الهائل، الذي فقط من كان يعرف نابلس وجنين والخليل قبل أوسلو يعرف ما هو معناه..
التعاون الأمني الذي وُضعت مبادئه في أوسلو يتم بنجاح في الخمس عشرة سنة الأخيرة (عهد عباس) بما يرضي إسرائيل، فيما أن السلطة الفلسطينية مجردة من السلاح عملياً، فليست لها دبابات وطائرات، بل فقط بنادق ومسدسات».
ويضيف: «أعفى اتفاق أوسلو إسرائيل من النفقات والاستثمارات الهائلة في سكان المناطق، ناهيك عن الحكم المدني والعسكري الذي كان سيزيد فقط الاحتكاك السلبي مع السكان ويفاقم الإرهاب».
ويتابع قائلاً: «من ناحية اليمين لم يمنع الاتفاق المشروع الاستيطاني. وإذا وقعت تأخيرات في البناء في المناطق، فقد كان ذلك بسبب الموقف الدولي، وللدقة الأميركي.
أما الحقيقة فهي أنه منذ أوسلو طرأ ارتفاع بنحو أربعة أضعاف تقريباً في عدد المستوطنين: عند التوقيع على الاتفاق كان يسكن في المناطق (أراضي 67) نحو 115 ألف مستوطن، أما اليوم فيسكنها نحو 450 ألفاً».
يأتي شيكد إلى الجانب الفلسطيني فيقول: «للفلسطينيين أيضاً قدّم أوسلو فضائل معينة. فقد أدى إلى شق الطريق لفكرة الدولة الفلسطينية. الكيان الفلسطيني يتصرف كدولة بكل معنى الكلمة، مع علم، ونشيد قومي، وقوات حفظ النظام، وجيش وأجهزة حكومية».
ولكنه يعلق قائلاً: «وكل هذا لا يكلف دافع الضرائب الإسرائيلي أي شيء»، كما يتجاهل حقيقة الكيان وتبعيته الكاملة للاحتلال.
يضيف إلى ذلك ما سمّاه «الشرعية الدولية التي حصل عليها الفلسطينيون بفضل أوسلو، وغرس فكرة حل «الدولتين»، التي حظيت بإجماع دولي، بما في ذلك الدول العربية. ومع ذلك، لما كانت المراحل التالية من الاتفاق لم تنفذ لم يحقق الفلسطينيون أمانيهم الوطنية. وهم اليوم خائبو الأمل، محبطون، بلا أمل، ينتظرون المجهول».
ويعود شيكد إلى مزايا الاحتلال من الاتفاق قائلاً: «لقد خلق أوسلو في المناطق واقعاً نقياً: دولة فلسطينية في مناطق (أ)، تضم 17.2 % من أراضي الضفة (972 كيلو متراً مربعاً فقط). مناطق (ج) بسيطرة إسرائيلية مهمة في 59% من أراضي الضفة (3.334 كيلومتراً مربعاً)، تدير فيها إسرائيل سياسة ضمٍّ زاحف. مناطق (ب) بسيطرة إسرائيلية- فلسطينية، في 24% من أراضي الضفة الغربية (نحو 1.344 كيلومتراً مربعاً)».
هل يحتاج المرء إلى أكثر من هذا الكلام كي يتأكد من حقيقة الكارثة التي جرّها «أوسلو» على الشعب الفلسطيني، والتي دخلت محطات أكثر بؤساً مع القيادة الجديدة بعد 2004؟!
وحدهم الذين تسكنهم «القبلية الحزبية»، هم من سيدافعون عن هذه الكارثة التي وفّرت لأسوأ الغزاة أفضل احتلال في التاريخ، فيما يصرّ قادتهم على المسار العبثي ذاته، ويصرون هُمْ على الدفاع عنه!!
- ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني
المصدر: صحيفة «العرب» القطرية