كلمات طفلك غير كلماتك ومنطقه مختلف
الطفل المُبين (السنوات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة)
في وقت ما خلال السنة الثانية من الحياة، يبدأ الأطفال في الانشغال في عدد من النشاطات الرمزية، وأحد أبرز هذه النشاطات، هو إنتاج الكلمات؛ ولكن هناك أوجه أخرى أيضا لهذه الوظيفة الرمزية المنبثقة، فإنه للمرة الأولى يقوم الأطفال بإبداع الرموز، فقد يرفع طفل صغير قطعة بطاطا عالياً، ويقول (فراشة)، أو قد يصالب عودي آيس كريم، ويسمي الناتج (طيارة).
وتتوضح الوظيفة الرمزية من خلال تصرفات أخرى أيضاً، ففي الوقت الذي يبلغ فيه الطفل السنة الثالثة أو الرابعة فإنه ينهمك في تشكيلة من اللعب اللفظي أي اللعب بالألفاظ، حيث الألفاظ نفسها ولكن المعاني تختلف.
فالأطفال المبينون الذين يتظاهرون أنهم أمهات وآباء ويمشون بتثاقل في أحذية الكبار أو قبعاتهم يوضحون بذلك نمطاً آخر من ترميز خبراتهم. فقدرة الطفل على تقليد الأشخاص والأشياء والنشاطات الغائبة تعكس نشاطاته الرمزية المتطورة حديثاً.
ومع أن عالم الطفل المبين صار أكثر إحكاماً بكثير من عالم الرضيع إلا أنه ما زال بدائياً إلى حد ما بمعايير الكبار لأنه مع أن الطفل المبين يمتلك الآن الذكاء الذي يتعامل به مع العالم العملي المباشر للبيت ودار الحضانة فإنه ما يزال يفتقد المفاهيم العامة الأكثر تجريداً واتساعاً عن السببية والزمان والمكان التي تميز عالم الكبار.
وفي الحقيقة فإنه بمعاير الكبار ماتزال رؤية الطفل المبين إلى العالم الأكبر خارج حدود العالم المباشر المحيط به غامضة.
يمتلك الأطفال الصغار في هذا الطور على سبيل المثال رؤية روحية للعالم الأوسع أي للأشياء أرواح أو أنفس، فيعتقدون أن الأشجار والنباتات بالإضافة إلى الغيوم المتحركة، والأحجار المتدحرجة يمكن أن يكون لها دوافع ونوايا.
إن خوف الأطفال الصغار في الأماكن الغريبة عنهم يعكس هذه النزعة الروحية.
والأطفال الصغار متمحورون حول ذواتهم أي حول أناهم، أي هم أنويون (نسبة إلى الأنا)، والأنوية هنا ليست مذمة لهم، إنما هي مثل الحقيقة الاسمية والسببية الظواهرية، تعكس نمطاً مميزاً لهم من التفكير. وعلى العموم فإن الأطفال الصغار غير قادرين على أن يأخذوا وجهة نظر شخص اخر عندما تكون مختلفة عن وجهة نظرهم. فإذا وقفت مقابل طفل في الرابعة أو الخامسة من عمره، وسألته أن يريك يده اليمن ويده اليسرى، ثم أن يريك يدك اليمنى ويدك اليسرى، فإن أنويته تكون سهلة الملاحظة عند ذلك.
إن الطفل الذي يعرف يده اليمنى ويده اليسرى لا يدرك أنه بالنسبة لشخص يقف مقابله فإن اليمين واليسار سينعكسان، وبالتالي فإنه يفترض أن كلاً من يدك اليمنى ويدك اليسرى ستكون بنفس الجهة من جسمه كما هي من جسمك (أي: إن يدك اليمنى على يمينه هو، ويدك اليسرى على يساره هو).. إنه مازال غير قادر على أن يضع نفسه عقلياً في مكان شخص آخر، وبالتالي على أن يميز نسبية اليمين واليسار.إن أنوية الطفل الصغير كثيراً ما تضعه في مآزق مع الكبار.. إنه لا يشعر بنشاطات الكبير مهما كانت متقلقلة وحساسة، فيقوم بما يقطع على الآخرين تركيزهم في شيء ما لأنه غير قادر على إدراك ما يجري في عقولهم، فقد يصرخ في أذن أمه في اللحظة التي تكون فيها على وشك إدخال الخيط في الإبرة، أو في اللحظة التي يكون فيها أبوه سيضرب ضربة الغولف.
وغالباً لا يكفي أن تطلب منه أن يهدأ حتى تتمكن من الكلام على الهاتف كي يقلل من ضوضائه، والسبب في ذلك كله، هو عجزه عن يأخذ وجهة نظر غيره، وليس سوء أدب وتصرف.
ومع أن الأطفال ذوي الثلاث أو الأربع سنوات يستطيعون التفكير بطرق رمزية فإن كلماتهم وصورهم العقلية ليست منظمة بطريقة منطقية كما هي الحال عند الكبار، لذا يدعو بياجيه المرحلة ما بين السنتين الثانية والسابعة من لتطور المعرفي عند الطفل (مرحلة ما قبل العمليات)، وذلك لأن الطفل ما زال عاجزاً عن فهم قواعد أو عمليات عقلية معينة، والعملية العقلية هي روتين عقلي لمعالجة المعلومات، أي طريقة متكررة لمعالجة المعلومات في عقولنا، وهي بالضرورة عكوسة (أي: قابلة للتطبيق بالاتجاهين) أي: أن لكل عملية ضدها المنطقي، فقطع دائرة إلى أربع أرباع متساوية هو عملية، لأننا يمكن أن نعكس الإجراء بأن نضع القطع بحيث تشكل دائرة من جديد.وكذلك القاعدة في تربيع الرقم (3) للحصول على (9) هي عملية لأننا نستطيع أن نعكسها بأن نأخذ الجذر التربيعي لـ (9) لنحصل على (3).
موضوعات تهمك:
كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا
عذراً التعليقات مغلقة