قصة من التراث “قيس ابن عاصم” يدفن بناته أحياء بيديه !! ماعدا واحدة؟!
قراءات عصرية
قصة قيس ابن عاصم المنقري
قاتل بناته !!
بقلم
أحمد عبد اللطيف النجار
كاتب عربي
مصدر مقالاتنا تلك هو كتاب تجريد الأغاني للعلامة الكبير ابن واصل الحموي .
وتجريد الأغاني يعني تلخيص كتاب الأغاني للأصفهاني .
أول مرة قرأت قصة أخونا قيس ابن عاصم ، كانت في رائعة النظرات للأديب المصري العبقرى مصطفي لطفي المنفلوطى رحمه الله .
كان ذلك منذ ربع قرن بالتمام والكمال .
يومها بكيت وبكيت وبكيت وبكيت وبكيت من ذلك الأب الصخري الذي يدفن بناته أحياء بيديه !!!!!
يا له من أب قاسي القلب !!!
فعل قيس ابن عاصم ذلك في الجاهلية البغيضة ، واعترف بفعلته الشنيعة للنبي الكريم صلي الله عليه وسلم !
ساعتها بكي النبي تأثراً بصوت ابنة قيس وهى ترجو أبيها ألا يدفنها ويتركها وحيدة في الصحراء !!!!!!!
اليوم نعيد قراءة المأساة من مصادرها الأصلية ، اقصد كتاب الأغاني للأصفهاني ، والذي لخصه لنا عالمنا الكبير ابن واصل الحموي في أجزاء كثيرة تحت عنوان تجريد الأغاني (( أي تلخيصها وتنقيحها من كل الشوائب الأصفهانية ) .
المهم هيا نبدأ معاً سرد المأساة بأسلوبنا نحن …..
يقول ابن واصل الحموي عن قيس :
هو قيس بن عاصم بن سِنان بن خالد بن مِنقر بن عُبيد بن مقاعس ، واسمه مقاعس الحارثي .
ويكني أبا علي ، وأمه أم صُعر بنت خليفة بن جرول بن مِنقر .
هو شاعر فارس ، شجاع حليم ، كثير الغارات ، أدرك الجاهلية والإسلام ، يعني عاش في الجاهلية والإسلام .
وهو أحد من وأد بناته في الجاهلية ، وأسلم وحسُن إسلامه ، وأتي النبي صلي الله عليه وسلم وصحبه في حياته ، وعمّر بعده زماناً ، وروي عنه عدة أحاديث .
وذُكر أنه وفد قيس بن عاصم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فسأله بعض الأنصار عما يتحدث به في الموءودات التي وأدهن من بناته ، فأخبر أنه ما وُلدت له بنت قط إلا وأدها !! /// ما أقسي قلبه الصخري !!!!!!!
مبررات فعلته الشنيعة !
أقبل قيس علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :
كنت أخاف سوء الأحدوثة والفضيحة في البنات !!
فما وُلدت لي بنت إلا وأدتها ، وما رحمت منهن موءودة قط !!
يواصل قيس اعترافه إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم :
إلا بنية لي كانت ولدتها أمها وأنا في سفر ، فدفعتها الي أخوالها ( أي قامت بتهريبها الي أخوالها ) .
عاد قيس وسأل عن الحمل ، فأخبرته زوجته أنها ولدت ولداً ميتا ، ومضت السنوات حتي كبرت الصبية وأينعت كالزهرة الأرجوانية ، وزارت البنت المسكينة أمها ذات يوم ، ودخل الأب القاسي قيس ورآها وقد ضفّرت شعرها وعليها رائحة عطر جميل وجعلت في عنقها قلادة من البلح الأخضر والأحمر !
سأل قيس زوجته ـــ من هذه الصبية ؟ فقد أعجبني جمالها .
ساعتها بكت زوجته وقالت : هذه ابنتك !!
وكنت قد أخبرتك أني ولدت ولدا ميتا ، وجعلتها عند أخوالها حتي كبرت وصارت بهذا الجمال الساحر !
سكت المتعوس علي عينه قيس وكظم غيظه ، حتي انشغلت عنها أمها ، وطلب من ابنته المسكينة أن ترافقه للنزهة في الصحراء ، وعندما ابتعد كثيرا أوقفها فجأة وحفر حفرة كبيرة وأمرها بالنزول فيها ، والفتاة المسكينة تستعطفه وتقول له : يا أبتي ، أمغطي أنت علي بالتراب وتاركي وحدي ومنصرف عني ؟!!
قذف الأب القاسي منعدم الضمير ابنته بالتراب وهي تصرخ وتصرخ وتصرخ وتصرخ وتصرخ حتي انقطع
صوتها نهائيا واختفي جسدها الضعيف وسط كومة التراب العالية !!!!!!
ساعتها دمعت عيني حبيبي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال : إن هذه لقسوة ، وإن من لا يرحم لا يُرحم !!!!!
يا إلهي إنها صورة بشعة من الجاهلية البغيضة ، وفيها نزل قول الحق سبحانه وتعالي ( وإذا المؤءودة سُئلت ، بأي ذنب قُتلِت ) 8 / 9 التكوير .
انظروا ماذا فعل قيس ببناته بحجة أنه يخاف الفضيحة والعار من وراءهن !!
فليأت قيس وينظر إلي الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي ، وما يحدث فيها من تفسخ أخلاقي وصور عارية ( علي المكشوف ) !!!
لينظر ماذا يحدث علي الماسينجر بين رجال ونساء عصرنا الأغبر !!!
يا له من أب قاسي المشاعر والأحاسيس !!!!
ورغم ذلك تاب هذا الأب بعد أن دخل الإسلام وقبل الله توبته ، وذُكر ان رسول الله صلي الله عليه وسلم وليّ قيس بن عاصم صدقات بني مقاعس والبطون كلها ( يعني كلّفه رسول الله صلي لله عليه وسلم بمناصب كبري)
وكان واحد اسمه الزبرقان قد تولي جمع صدقات عوف والابناء ، فلما توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبعد أن جمع قيس والزبرقان الصدقات ، اقترح الزبرقان علي قيس أن يمتنعوا عن أداء الصدقات التي جمعوها ويستولون عليها لأنفسهم ، قال له الملعون :
ـــ إن النبي صلي الله عليه وسلم قد توفي ، فهلم نجمع هذه الصدقات ونجعلها في قومنا !
وبالفعل استمع قيس لمشورة الزبرقان وفرّق الإبل علي قومه ، وفي نفس الوقت قام الزبرقان وانطلق الي أبي بكر بسبعمائة بعير فأداها إليه ( يعني سلمها للخليفة أبي بكر الصدّيق ) .
ولما عرف قيس مكيدة الزبرقان ، قال :
ــ لو عاهد الزبرقان أمه لغدر بها !!
وختاما يقول عبدة بن الطيّب في رثاء قيس بن عاصم …
عليك سلام الله قيس بن عاصم
ورحمته ما شاء أن يترحما
تحية من أوليته منك نعمة
إذا زار عن شحط بلادك سلّما
فما كان قيس هًلكه هلك واحد
ولكنه بُنيان قومٍ تهدمـــــــــــــا
تلك كانت مأساة قيس بن عاصم ، أردنا منها استخلاص العِبرة والمعني .
العِبرة هي أن البنات زينة الحياة الدنيا وكمان البنون طبعاً ، لكننا في زمننا الصعب والمر هذا ، البنت فيه أحسن من مليون ولد !
عذراً التعليقات مغلقة