مفاتيح منازل الفلسطينيين رمز لحق العودة
بقلم: ظافر محمد العجمي
يبدو أن التغريد الاستراتيجي جمع بين متطرفين كثر في قضية حق العودة للفلسطينيين. فبعد أن نقل ترمب السفارة إلى القدس بتغريدة، بارك «يهودية» إسرائيل بتغريدة، ثم ألغى دعم «الأونروا» بتغريدة!
فهذه الوكالة– كما قال– «منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه». أما الطرف الآخر في التغريد، فهو وزير المواصلات والشؤون الاستخبارية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي غرد مباركاً توجه ترمب لصياغة مخطط لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم في الدول العربية.
ثم أضاف كاتس– في تغريدات أخرى– أن القادة العرب والفلسطينيين يستخدمون حق العودة لخدمة مصالحهم، أو محاولة لتدمير إسرائيل، لكن الرئيس ترمب يقشّر الكذب العربي قشرة تلو الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن موضوع اللاجئين الفلسطينيين ليس له من مخرج إلا بمسلكين: إما حق العودة، أو التوطين، وكلاهما مرفوض عند طرفي القضية. ومن يعتقد أن ما يجري حالياً حول موضوع التوطين هو من بنات أفكار ترمب فهو مخطئ.
فقبل 55 عاماً وفي الفصل التشريعي 1 في الجلسة 6 في 23 نوفمبر 1963، تحدّث العديد من النواب بمجلس الأمة الكويتي عن موضوع الجنسية، وطُرح موضوع توطين الفلسطينيين في الكويت بإيحاءات بريطانية كما يبدو، من باب أنهم كانوا الجالية الأكبر وجزءاً حيوياً من عملية التنمية بعد الاستقلال.
لكن نواب المجلس– الذي كان للقوميين فيه صوت عال– توصلوا إلى أن «لا تعطي الجنسية لإخواننا الفلسطينيين مطلقاً في الوقت الحاضر؛ ذلك لأن إعطاءهم الجنسية هو إضاعة لحقوق شعب فلسطين نفسه».
أما قريباً، فما زلت أتذكر ما جرى في منتدى الدوحة 17 مايو 2017، والذي سيطرت على محاوره قضية اللاجئين.
ففي إحدى ندواته، تحدّث مارتين إنديك – المولود في لندن، والذي عاش حياته أسترالياً، ثم هاجر إلى أميركا عضواً في جماعة «إيباك»، ثم السفير الأميركي الوحيد الذي وُلد لأصول أجنبية – فقال في المؤتمر، إن «اللاجئين ليسوا عبئاً على الدول التي يعيشون فيها».
وقد لقي ما قاله هوى في نفوس الحاضرين؛ فصورة سوء معاملة اللاجئين السوريين كانت تهز وجداننا. وقد شدني ما قاله مهندس الاحتواء المزدوج (للعراق وإيران) في عصر كلينتون، فرفعت يدي لرئيس الجلسة د. جمال فخرو، وسألت:
«سيد إنديك، حينما قلت: ليسوا عبئاً على من يعيشون عنده.. هل تقصد السوريين الآن؟ أم أنك تسوّق لفكرة إسرائيل لتوطين الفلسطينيين حيث هم حالياً؟»..
قلت ذلك لمعرفتي السابقة بفكر إنديك بوصفه محامي إسرائيل المقنع بالحياد، كما تذكرت تسويقه لاتفاق يشمل تعويضات للاجئين العرب واليهود، ولا يأتي على ذكر عودتهم.
فما كان من أنديك بعد سؤالي – المداخلة موجودة على «يوتيوب»– إلا أن تظاهر بعدم فهم السؤال. ولما أعدته، امتشق المفردات الدبلوماسية حتى لا يقول «نعم» أو «لا»!
يُقال إن أحفاد الأندلسيين في مكناس المغربية ما زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم منذ 5 قرون، ومثلهم اللاجئون المهجرون عام 1948، ثم مهجّري (نازحي) نكبة حرب 1967. وقد نتحول إلى أكبر أمة تحمل المفاتيح، لكن حق العودة سيبقى مقدساً.
- د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.
المصدر: صحيفة «العرب» القطرية