منذ حوالي 8 سنوات نشر مقال بالإنكليزية عن يوم ولادة بشار الأسد وما حدث فيه من عمل طبي جنائي ولا أخلاقي بالطبع. ولم يتم ترجمة المقال في حينه ولم يتسن لقراء اللغة العربية حينها الاطلاع على فحواه. اليوم وبعد انقضاء هذه السنوات يقول ياسر السيد الذي تصدى لترجمة المقال ..”خطر ببالي وقتها ترجم المقال ولم أفعل وظل في ذهني حتى هذه الأيام فبحثت عنه عند بعض الأصدقاء وفي النت ووجدت رابطاً له بصعوبة بعد الغوغلة وحاولت الاتصال مع كاتبة المقال التي لا أعرفها من قبل ولم أوفق حتى الآن” فترجمته أخيراً حيث أنه يعود لعام 2012 ولست متأكداً إذا تمت ترجمته من قبل حيث أنني لم أعثر على ترجمة له أيضاً. لا أعرف إذا لقي هذا المقال حقه حينها ولكنني أجده مهماً للإضاءة على ما حدث من تعديات لا أخلاقية طبياً في الثورة السورية وما حدث من جرائم طالت العاملين في جميع المهن الصحية. أجد من المفيد توجيه انتباه الحقوقيين والعاملين في المهن الصحية في الثورة إلى ضرورة إعداد ملف واسع خاص بهذه التجاوزات والجرائم التي لا تخف على أحد وربما يكون سهلاً نسبياً توثيقها..
قاتل الأطفال قتل أربع يوم مولده ومازال حتى اليوم يفعلها.
وهذا هو النص المترجم الى العربية كما ورد في النص الأصلي على صفحة كاتبته أمل هنانو (لينا سيرجي عطار)
وقد عنونته بعنوان … رحم جريمة قتل …
نشر بالإنكليزية لأول مرة عام 2012
وترجمة إلى العربية السيد ياسر سعيد 16-1-2020
جميعنا متشابهون في الاعتقاد بأننا نسيطر على أقدارنا، وبأننا نخلق مستقبلنا بواسطة خياراتنا. ولكن هناك بعض الخيارات في الحياة تتحكم بك وبعض الأمور التي لا يمكن أن تكون مسؤولاً عنها مثل مكان ولادتك وعائلتك. هل ستكون ابناً لطاغية أو ابناً لثائر؟ هل ستكون ابناً لضحية تعذيب أو ستكونين ابنة لجلاد؟
هذه الأمور هي حظوظنا المكتوبة في ألواح أقدارنا قبل أن نتنفس أول شهيق حين نكون مازلنا في شرانق أرحام أمهاتنا، ولكن أحياناً تسمع قصة استثنائية عن القدر تجعلك تتساءل: هل يسمنا القدر قبل ولادتنا ليرسم مسار حياتنا في المستقبل؟ القصة التالية هي واحدة من تلك القصص:
“كنت طبيباً مقيماً في المستشفى الوطني في دمشق عام 1965، وفي أحد الأيام من شهر أيلول ذلك العام تلقينا أمراً بإخلاء غرفة في قسم الأطفال لأن طفلاً مهماً جداً، VIP ، سيتم نقله من قسم الولادة. طلب منا رئيسانا الدكتور سهيل بدورة والدكتور رشاد العنبري تحضير الغرفة والاستعداد لهذا المريض الخاص. وصل الوليد الذي يعاني من شدة تنفسية ليوضع داخل الحاضنة الوحيدة في المستشفى، والوحيدة في دمشق.
أخرج الأطفال الخدج من غرفة الحاضنة ليحتلها ابنه منفردا
تلقى زملائي في قسم التوليد الأوامر لإخراج أربعة أطفال خدج كان قد تم وضعهم للتو في الحاضنة كي يوضع هذا الطفل بدلاً منهم. كان للوليد الأكبر حجماً والأكثر قيمة أن يحتل الحاضنة وحده. توفي الأطفال الخدج الأربع بعد ذلك خلال ساعات قليلة. رفض أحد الأطباء واسمه محمد برمدا ذلك الأمر الشائن ولكن تم إخراسه بواسطة رؤسائه المراقبين من قبل عدة ضباط في الجيش. فهمنا حينها أن والد ذلك الطفل كان ضابطاً ذا رتبة عالية وقد تم إغفال اسمه.
سرعان ما حضر ذلك الضابط بنفسه حالما تم نقل الطفل الوليد واتضح أنه قائد القوى الجوية حافظ الأسد. في البداية كانت أم الطفل تأتي لإرضاعه ثم تعود لقسم التوليد، ثم تم نقلها كي تنام مع طفلها وبقيت في المستشفى خمس عشرة يوماً.
بعد تخريج الطفل من المستشفى تبرع والده بعشر خيمات أكسجين لقسم التوليد، وبناءاً على أوامره تم إتلاف الملف الطبي لابنه بشار.
صارت العلاقة بين الدكتور بدورة وحافظ الأسد أقوى في السنوات التالية حين أصبح الأخير وزيراً للدفاع ثم رئيساً لسوريا. عين الأسد الدكتور بدورة فيما بعد رئيساً لمستشفى الأطفال التابع لجامعة دمشق ثم أصبح رئيساً لمستشفى الأسد الجامعي عام 1992 وظل في ذلك المنصب المهم حتى ما قبل سنوات قليلة من وفاته”.
بعد أن استمعت لهذا الطبيب البارز يقص علي هذه القصة المثيرة للاضطراب سألته سؤالين: لماذا لم يعترض أي شخص آخر على هذا الفعل غير الإنساني؟ لماذا تتذكر ذلك الآن؟ وأجابني بكلمة متكررة دائماً: الخوف، الخوف، الخوف…
خيانة اسماء الاسد الاخرس لزوجها “رئيس المافيا الحاكمة في سوريا”
ولد من رحم جريمة قتل
سألته: لماذا تقص عليَّ هذه القصة؟ فأجاب: هذا الرجل ولد من رحم جريمة قتل فماذا نتوقع منه؟
أخبرني طبيب اختصاصي بالأطفال حديثي الولادة والذي صادق على التفاصيل الطبية المروية في هذه القصة أن مثل تلك الخيارات اللاأخلاقية مازال يتم فرضها على الأطباء السوريين حتى اليوم. يجب على الأطباء اختيار حياة أطفال النخبة الحاكمة على حساب حياة أطفال الآخرين الذين لا يملكون الثروة أو السلطة بسبب الخوف.
هناك قول مشهور ل حافظ الأسد: “التاريخ لا يتحرك بالصدفة”، فهل كانت دموع الأمهات المفجوعات بأطفالهن الأربع لعنة على الطفل الدكتاتور فسرقت معها براءته؟ هل تسرب شر أبيه إليه حين كان في رحم أمه أنيسة؟ لا، لأن أباه كان يقول إنه لا توجد مصادفة. لقد كان موت اولئك الأطفال الخدج الأربع جريمة حافظ وحده، لأنه اعتقد أن حياة ابنه أكثر قيمة من حياة اولئك الأطفال الأربع. ولكن مئات الأطفال الأبرياء الذين تم قتلهم خلال الأشهر الست عشرة الماضية هم الآن جريمة الابن. يقبع القدر في النهاية خلف المسؤولية.
شرح لي الطبيب الاختصاصي بالأطفال حديثي الولادة أن الحاضنة هي صندوق مجهز بوسائل التحكم بالحرارة والرطوبة التي تقلد الرحم. لقد ترعرع بشار في حاضنة ذات امتياز أقصى واعتقد أن حياته أكثر أهمية من حياة الآخرين. لقد تربى بشار على الحصول على مساحة أكبر مما يحتاج بأي ثمن. لقد جعل بشار سوريا حاضنته الشخصية. جلسات الجنس الجماعي للرفيق المناضل بشار الاسد
أحياناً يكون القدر طريقاً في تحديد ما سنكون عليه في المستقبل، فالطبيب قد يصبح مجرماً والسجين السياسي الشاب في سجن تدمر قد يصبح خريج جامعة هارفارد. وقد يموت أربعة أطفال كي يعيش طفل آخر ليكبر ويقتل الأطفال كما فعل الأب.
في الوقت الذي تحترق فيه مدن سورية عريقة مثل دمشق وحلب كغيرها من المدن والبلدات والقرى الثائرة بسبب قذائف الطاغية الذي لا يرحم، أفكر بالأمهات الأربعة اللواتي لم يعرفن أبداً لماذا لم ينج أطفالهن الخدج. ترى من هم أولئك الأطفال، وماذا كانوا سيصبحون لو نجوا هم أيضاً؟ أو لو نجوا هم بدلاً منه؟
رفعت الاسد رجل شبه أمي، فكيف حصل علىشهادة دكتوراة؟
لن نعرف أبداً لأن اولئك الأطفال الأربع ولدوا وقتلوا في ذلك اليوم المليء بالكراهية حين كتبت أقدارنا جميعاً يوم 11 إيلول من عام 1965.
يتحرك التاريخ أحياناً بواسطة الحظ، وأحياناً بواسطة استراتيجيات صماء ومصالح سياسية. ولكن التاريخ يتحرك في أحيان أخرى بواسطة إرادة البشر التي لا تقهر، البشر الذين يقررون تحرير أنفسهم من رحم الاضطهاد وتغيير قدرهم بالإرادة الصلبة لا بالمصادفة.
حسن نصر البورزان يدق بيضات نتنياهو بالارض
أمل هنانو اسم مستعار لكاتبة سورية أمريكية. نشرت المقال على صفحتها في حينه تويتر @AmalHanano المصدر: Al-Ayyam
عذراً التعليقات مغلقة