تضج الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية اللبنانية بالحديث عن شبهات تحوم حول الكثير من العقود والالتزامات التي تبرمها إدارات الدولة، وقد قيل كلام كثير عن صفقات في مجالات الكهرباء والأملاك العامة
والنفايات والاتصالات وغيرها.
وتجذر الفساد والمحسوبية والرشوة في إدارات الدولة اللبنانية حتى أنه لم يعد الحديث عنها بجديد، فقد سبقت في العمر تأسيس الكيان نفسه.
غير أن خطوة نوعية برأي الكثيرين تحققت مؤخرا من شأنها الحد من الفساد وتعزيز الشفافية وتفعيل مبدأ المحاسبة، بعد إقرار البرلمان اللبناني “قانون حق الوصول إلى المعلومات” بعد ما يزيد على الثماني سنوات من تقديم اقتراح بشأنه.
يقول النائب غسان مخيبر -وهو من الذين تقدموا باقتراح القانون- إنه وسيلة من وسائل الوقاية من الفساد لأنه سيرفع من مستوى الشفافية في الإدارة، كما يشكل أداة بيد المواطنين والصحفيين والقضاء لمكافحة الفساد في لبنان.
ويرى مخيبر أن هذا القانون يشكل جزءا من منظومة يفترض أن تستكمل بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد مستقلة وفاعلة، إضافة إلى ضرورة تطوير أدوات قانونية جديدة مثل حماية كاشفي الفساد وغيرها.
هيئة لمكافحة الفساد
وعن العقبات التي يمكن أن تحول دون تطبيقه، قال مخيبر إن هذا القانون جيد رغم ما يحكى عن وجود ثغرات فيه.
وأوضح للجزيرة نت أن التعاون بدأ بين جميع المعنيين بتنفيذه، وتم الاتفاق على عدم حاجة القانون إلى مراسيم تطبيقية لكي يكون نافذا.
وأشار إلى أن طلب المستندات من الإدارات بدأ، مذكرا بقرار صدر مؤخرا عن مجلس شورى الدولة ألزم فيه الإدارة بتسليم مستندات.
وقال إن الإدارات معنية بتكليف موظفيها وتسهيل وصول المواطنين إلى هذه المعلومات وتطوير مواقعها الإلكترونية لنشر الوثائق.
وأكد مخيبر أن العمل جار لإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بغية تسهيل مراقبة تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات، لافتا إلى أنه حتى بغياب هذه الهيئة فإن كل الإدارات ملزمة بتطبيق هذا القانون.
ويمنح القانون أي شخص طبيعي أو معنوي حق الاطلاع على المستندات والملفات والإحصائيات والعقود والقرارات والتعليمات وغيرها التي بحوزة الإدارات العامة والمجالس المحلية والشركات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق عام.
غير أن القانون تضمن استثناءات مما جعل البعض يبدي تخوفه من التحايل على أحكامه.
وقال المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية إن فكرة القانون جيدة جدا لكن ما تضمنه من استثناءات، كحجب المعلومات المتعلقة بسلامة العملة الوطنية والمصالح الاقتصادية والدفاع الوطني والأمن العام، تشكل عبارات مطاطة يخشى من تفسيرها على نحو واسع يمنع الوصول إلى الكثير من المعلومات.
ورأى صاغية في حديث للجزيرة نت أن استثناء المحاكم الطائفية من الخضوع لأحكام هذا القانون يشكل ثغرة غير مقبولة.
وقال إن هناك مشكلة أخرى أساسية تكمن في تأخر إنشاء “الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد”، مبديا تخوفه من رفض القضاء البت في النزاعات بحجة عدم وجود هذه الهيئة.
ودعا صاغية المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمعنيين إلى وضع الإدارات العامة تحت ضغط حقيقي لتقديم المعلومات، وبالتالي تحقيق النتيجة المتوخاة من القانون.
الجزيرة