يلقى المصريون، الذكرى السابعة لثورة المصريين ضد نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بكثير من الحنين للماضي، وغضب على الحاضر وقلق وترقب لما سيؤول إليه مستقبل بلادهم.
ميدان التحرير الرابض في وسط القاهرة والذي اعتبره المصريون رمزاً للثورة المصرية، يستقبل ذكرى جديدة على الثورة التي احتضنها، مكبلًا بتشكيلات أمنية، ومدرعات شرطية تستقبل هي الأخرى اليوم للإحتفال بعيدها حاملين أسلحتهم، ليعلق عليها بعض المارة ورود الإحتفال بعيد الشرطة، ومارة آخرون لا يعبئون بما يدور اليوم في الميدان ولا بسابق أيامه يسعون للقمة العيش التي أصبحت بعيدة المنال.
المصريون الذي خاضوا المغامرة رفضًا لتردي أحوال بلادهم الإقتصادية، والسياسية والإجتماعية، باتوا اليوم وسط تردي أكبر، فرافضي المحاكمات العسكرية في 2011 ورافضي التعذيب في أقسام الشرطة، والفساد الحكومي وتردي أوضاع الإقتصاد، ورافضي قمع الدولة وتفرد الرئيس الأسبق بالسلطة ونوايا التوريث، يقبع عدد منهم خلف قضبان السجون، يحاكم بعضهم أمام محاكم عسكرية، ونال بعضهم أحكام قاسية بالسجن، والإعدام، كما يقبع البقية في وسط أزمات إقتصادية، أو يعيش بعضهم في المنفى بعيدًا عن وطنهم، بعد ان كان أمل الجميع شعار الثورة المصرية وهي “عيش حرية عدالة إجتماعية”.
السيسي يطيح بالجميع
رئيس مصر الحالي، الذي أطاح بالرئيس السابق محمد مرسي بعد إحتجاجات شعبية واسعة ضد حكمه استغلها الجنرال السيسي ليتولى السلطة بعد أحداث وصفها مصريون بالثورة الشعبية التي إنحاز لها الجيش، أو سماها الأخرين بالإنقلاب العسكري في 3 يوليو. والذي أجرى حملات قمع واسع على مدار أول عامين من سلطته أغلقه بها المجال العام بموجب قوانين الطوارئ والتظاهر، التي أعلنها في البلاد، اعتقل بموجبها المئات من المعارضين لحكمه.
عبدالفتاح السيسي الذي لم يستطع أحد منافسته في عام 2014، ينهي ولايته الأولى، منفرداً بالسلطة وأيضا بالترشح للإنتخابات الرئاسية، فباب الترشح لرئاسيات مصر قارب على الإغلاق والجنرال السيسي تقدم له منفردًا بعد إطاحة الجنرال السيسي بمنافسه الأول أحمد شفيق الذي أجبره على الإنسحاب، كما حوكم الضابط أحمد قنصوة وحُكم عليه بالسجن 6 سنوات بعد فيديو نشره على موقع التواصل الإجتماعي يعلن فيه نيته الترشح، وقام الأمن المصري بإعتقال الفريق سامي عنان الذي أعلن خوضه الإنتخابات، وتقول أسرته أنه مختفي قسريًا ولا يعرف أحد من أهله مكانه ولا حتى حملته الإنتخابية، كما أعلن المرشح المتبقي خالد علي إنسحابه مما سماه “المهزلة السياسية”، ولم يتبقى سوى السيسي مرشح وحيدًا للإنتخابات الرئاسية.
الإقتصاد المصري
كانت أهم ما طالب به المصريون في ثورتهم 2011، هو “العيش”، ويعني الخبز الذي يُعبر عن إحتياجات المصريين الإقتصادية التي كانت في تردي كما نادت الثورة بالعدالة الإجتماعية، لكن تطل على المصريين الذكرى السابعة بعد تولي الجنرال العسكري المصري الحكم، وسط أزمات إقتصادية بعد شروط فرضتها الدائنين الأجانب على الحكومة المصرية، للموافقة على قروض تقول الحكومة أنها مهمة لجذب الإستثمارات، لكن الشروط التي نفذتها حكومة الجنرال المصري، أحدثت أزمة إقتصادية كبيرة أثرت بتبعاتها على الطبقة المتوسطة والفقيرة، ومازالت الإجراءات التي إتخذتها الحكومة من المصرية من تحرير سعر الصرف والرفع الجزئي للدعم الذي يُقدم للطبقات المتوسطة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية أضعاف أسعارها القديمة.
العدالة الإجتماعية
كانت أهم المطالب التي نادت بها شعارات الثورة المصرية هي العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص بين كافة طبقات المجتمع المصري، لكن اليوم يوم تمر على الشعب المصري الذكرى السابعة لثورته، وتتحكم بالإقتصاد المصري عدد من رجال الأعمال، وتسيطر المؤسسة العسكرية على أغلب السوق المصري وشركات، بدايةً من شركة الوطنية للطرق والكباري وحتى مصانع القوات المسلحة.
ووسط كل هذه الأزمات والانتكاسات التي نالت من الثورة المصرية الا أن الشباب الذي شارك في صنع الثورة، مازال يذكر ثورته ويتداول صور من الأحداث التي جرت في الثماني عشر يوماً التي أسقطت حسني مبارك، بالإضافة للتحليلات والمقالات والتدوينات، والبحث عن حل للواقع الذي تلبد بغيوم الهزيمة، فيقول أحد الأكاديميين: “بأثر رجعي تبدو الثورات حتمية لكن في حينها تبدو غير متوقعة تمامًا”.