فيروس كورونا الذي أصبح خطرا هائلا يتهدد العالم أجمع، إلا أن هذا الخطر يواجه مسارين مختلفين في التعامل مع أزمته بالنسبة للحكومات والسلطات في عدد من الدول، حيث واجه الفيروس استراتيجيتين أساسيتين حتى الآن حيث دولة واحدة اتخذت قرارا عجيبا وصادما بالنسبة للكثيرين وبقية الدول اتخذت مسارا متشابه إلى حد كبير مع اختلاف حدته وقوته.
استراتيجية الصين أم إيطاليا؟
الصين الدولة الأكبر في العالم تعرضا لانتشار فيروس كورونا المستجد والتي أصيب فيها أكثر من 80 ألف مواطن، وتوفي جراء الفيروس أكثر من 3 آلاف لديها وحدها، وعلى الرغم من أن تلك الأعداد ضخمة جدا إلا أنها ناجمة عن كون الصين نفسه بؤرة انتشار الفيروس خاصة مدينة ووهان مركز إقليم هوبي وسط البلاد والتي ضمت النسبة الأكبر من تلك الأعداد، تمكنت الدولة الشمولية من السيطرة على المرض على الرغم من أن دولا أرجعت سبب تفشيه لإخفاءها انتشاره بداية الأمر، إلا أنها في الأخير نجحت إلى حد كبير من تقليل أعداد المصابين والمتوفين حيث وصل خلال اليوم الماضي لـ20 إصابة جديدة و10 وفيات فقط في وقت يحصد فيه الفيروس أعمار المئات حول العالم في عدة دول يوميا، إلا أنه وعلى الرغم من انتهاء ذروة الفيروس في البلاد إلا أن خطره لا يزال قائما، تجربة الصين لا تشبه كثيرا التجربة الإيطالية حيث اعتمدت على نظام يمكن تسميته الملاحقة والحصار وهو وفقا لخبراء قد لا يكون ناجحا إلا على المدى القصير.
إيطاليا ثاني أكبر الدولة تعرضا للجائحة المعلنة من قبل منظمة الصحة العالمية، اتخذت قرارات حازمة وصريحة في مواجهة الفيروس، في وقت تقع فيه مناطق كبيرة في إيطاليا تقع تحت حجر صحي، ليس فقط حجرا صحيا ولكن حظر تجوال على ما يبدو، وقد قتل الفيروس أكثر من 1440 حالة حتى اللحظة، ولكن في الوقت ذاته لا يزال الأمر قيد التراجع مع تزايد أعداد المصابين والمتوفين جراء الفيروس في البلاد حتى بعد إعلان الحظر.
تقارير وخبراء أبدوا مخاوفهم من تلك الطريقة في التعامل مع الفيروس، حيث من الممكن أن يكون كل منزل فيه مصاب بفيروس كورونا وينقل العدوى لكل المتواجدين في المنزل مما يعني كارثة.
يوم الخميس الماضي حذر السير باتريك فالانس كبير المستشارين العلميين لرئيس الوزراء البريطانية بوريس جونسون من كارثة، حيث قال “هناك أربعة تفاصيل فقط تفصل بريطانيا عن إيطاليا”، ليعلن رئيس الوزراء البريطاني خطته الجديدة التي وصفها البعض بالمجنونة لاحقا.
فيروس كورونا ضد بوريس جونسون
بريطانيا كان لها رأي آخر فيما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا، دعونا أولا نذكر أن أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية قد أعلنت خبرا صادما يقول أن 60 إلى 70 بالمائة من الألمان سيصابون بفيروس كورونا، وما يمكن للسلطات فعله هو محاولة إبطاء الوصول إلى تلك النقطة فقط.
بينما بوريس جونسون كان كلامه في شقه الأول مطابقا لما قالته ميركل، لكنه زاد بالقول، أن تلك النسبة من الإصابات قد تحمي البريطانيين، ليطالب الشعب بوداع أحبائه، نظرا لأن الفيروس قد يقتل نحو مليون بريطاني في ظل تفشيه بهذا الشكل، مؤكدا أنه لن يتم إغلاق المدارس الآن.
بعد تصريحات بوريس جونسون بيومين يخرج كبير مستشاريه العلميين باتريك فالانس، باستراتيجية خلص إليها فريقه وستتبعها بريطانيا، تؤكد ما سمته وسائل إعلام بمناعة القطيع، وهو ما تسعى إليه بريطانيا، من خلال استمرار العمل بشكل ثابت دون أي إلغاء أو حجر صحي، ليصل الفيروس إلى نحو 40 مليون بريطاني، أي بالفعل 60 بالمائة من الشعب، وهو ما يعني أن يكتسب كل هؤلاء مناعة جراء الإصابة بالفيروس، إلا أن الأمر نفسه يتطلب لقاحا ضد الفيروس يجب حقن الجميع به، لكن هذا المصل لن يتم إنتاجه قبل عام واحد، وهو ما دفع باتريك للقول أن المملكة تعتمد مبدأ الإبطاء حاليا، في منع انتشار فيروس كورونا مع الإسراع بعملية صنع اللقاح.
هناك أفكار مجنونة قالها مسؤولون حول الانتظار حتى الصيف المقبل في ظل التقارير التي تؤكد أن درجات الحرارة المرتفعة تقتل الفيروس!
لكن في ظل كل هذا الرعب يأتي صوت حكيم من إيطاليا يعمل كمدير لقسم التخدير والإنعاش والطوارئ في ميلان، وفقا لصحيفة إيطالية، ينتقد فيه درجات اللا وعي التي تصيب العالم في مواجهة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”. أنطونيو بيستنتي، قال وفقا لصحف إيطالية أن الأصوات العالية التي تحاول شرح الوضع لا تفهم الكثير حول الأزمة.
وبشئ من الحكمة التي قد تكون مفتعلة، يقول الرجل عليك فقط البقاء في المنزل مضيفا “نقول لك ابق في منزلك، لا تتجول في الشوارع، ولا يجب أن تتصل بأي أحد حتى من معك بشقتك”، ليتابع قائلا: “هناك عمليات محاكاة أظهرت أن البقاء لمدة 15 يوما في المنزل يعني أن الفيروس سينتهي”.
وأضاف قائلا: “علينا محاربة الفيروس التاجي الجديد بتلك الطريقة”، داعيا إلى احترام وجود مسافات بين الأفراد.
بينما يضيف الخبير في لومباردي والواقف على خط الصف الأول لمواجهة الفيروس ضمن إدارة العناية المركزة كما وصفته تقارير إيطالية، أن عموم المواطنين والمقيمين لا يمتلكون أي وعي، مشيرا إلى أنه لا يزال هناك احتشاد ضمن محطات القطار في الثامنة صباحا، ولا يزال الناس يملأون عربات المترو، وغيرها من الأماكن العامة، وهو ما يؤكد أنه لا وعي لدى الناس.
يذكر أن عدد ضخم من الناس حول العالم ليسوا واعون كما يقول الدكتور أنطونيو بيستنتي، بل مذعورون.
الحقيقة علينا أن ننتظر لنعرف أيا من تلك الأفكار المجنونة ستنجح، وعلينا أيضا ألا ننسى هؤلاء الذين يغنون في شرفات إيطاليا، والذين يرقصون في مستشفيات إيران، فقد اعتبرها البعض وسيلة لمواجهة فيروس كورونا القاتل!
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة