فنزويلا أمام الخيارات القصوى والأجندات الخفية
- أي ديمقراطية يعد بها ترامب بينما يواصل مساندة وحماية أمثال بن سلمان؟
- النظام الذي يبشر به غوايدو لن يكون أفضل أغلب الظن لأنه سينقل البلاد من يسار عاجز إلى يمين عميل وتابع.
* * *
أعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد والنمسا والدانمرك اعترافها رسمياً برئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية وزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً انتقالياً للبلاد، في أعقاب رفض الرئيس الحالي نيكولاس مادورو الاستجابة للطلب الأوروبي بالدعوة إلى تنظيم انتخابات رئاسية ضمن مهلة ثمانية أيام انتهت يوم الأحد الماضي.
قبل ذلك كان اعتراف مماثل قد صدر عن الاتحاد الأوروبي، ودول عديدة في أمريكا الشمالية والجنوبية، بينها الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وكولومبيا.
اقرأ/ي أيضا: تنظيم «الدولة» في تقويمات أميركية متناقضة
بذلك فإن الأزمة الفنزويلية تدخل منعطفاً خطيراً يضع البلاد أمام واحد من خيارين:
– أولهما مستبعد هو أن يتنازل مادورو فيحتكم إلى الشعب ويدعو إلى انتخابات فورية،
– الثاني محتمل يتمثل في الانزلاق نحو الحرب الأهلية بين مناصري مادورو ومعارضيه على مستوى الشارع الشعبي أولاً ثم الجيش الفنزويلي الذي باتت ملامح الانقسام تظهر عليه أيضاً بعد إعلان قائد القوات الجوية الانضمام إلى غوايدو، في مقابل بقاء معظم قادة الجيش إلى جانب مادورو.
اقرأ/ي أيضا: غموض السياسة الأمريكية
ويتوجب القول أولاً إن مادورو لا يحظى بثقة غالبية واضحة من أبناء الشعب الفنزويلي، بالنظر إلى النتائج الكارثية التي خلفتها سياساته الاقتصادية بصفة عامة وفي قطاع النفط بصفة خاصة.
وهذا ما دفع بملايين المواطنين إلى موجات هجرة جماعية في بلد يُفترض أن يكون غنياً بثرواته العديدة، إذ من المعروف أن فنزويلا تملك أضخم احتياطي للنفط في العالم.
لكن سوء إدارة استخراج النفط وتكريره واستهلاكه وتصديره جعلت فنزويلا لا تنتج أكثر من 1,17 مليون برميل يومياً، وتستورد مشتقات النفط لأن معظم مصافيها لا تعمل أو في حالة مزرية.
والمؤشر المريع على حال الاقتصاد الفنزويلي تختصره حقيقة أن معدلات التضخم تجاوزت المليون في المئة خلال العام المنصرم 2018، وإيرادات البلاد من مبيعات النفط لا تكاد تغطي فوائد الديون التي تسددها كاراكاس لصالح روسيا والصين.
لكن يتوجب القول أيضاً إن سيناريو التغيير السياسي الفوري الذي تطالب به الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية لا يشبه في شيء سيناريوهات الصمت أو التراخي أو المماطلة التي اتخذتها الجهات ذاتها في مناطق أخرى من العالم شهدت أزمات طاحنة وحروباً أهلية فعلية، كما وقع في سوريا على سبيل المثال الأحدث.
من الواضح أن المطامع في ثروات فنزويلا، وفي طليعتها النفط أولاً ثم الذهب تالياً، هي التي تتصدر الأغراض الفعلية من وراء إصرار الاتحاد الأوروبي ومجموعة ليما على فرض التغيير في البلاد.
ولا يشذ عن الأجندة ذاتها إصرار روسيا والصين على الدفاع عن نظام مادورو، إذْ أن موسكو هي المستثمر الأول في ميدان التنقيب عن الذهب في فنزويلا، وبكين وحدها تستورد مليون برميل من النفط الفنزويلي يومياً واستثماراتها بلغت خمسة مليارات في سنة 2018.
اقرأ/ي أيضا: هل زيارة البابا للإمارات هي استمرار لأساسيات وسياسات الحروب الصليبية الغربية؟
وفي حين أن نظام مادورو فشل في تحقيق تطلعات الشعب الفنزويلي المشروعة في الحرية والعيش الكريم والديمقراطية، فإن النظام الذي يبشر به غوايدو لن يكون أفضل أغلب الظن لأنه سينقل البلاد من يسار وعاجز إلى يمين عميل وتابع.
فأي ديمقراطية يعد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو الذي يواصل مساندة وحماية أمثال السعودي محمد بن سلمان أو الهندوراسي خوان هرنانديز أو الفلبيني رودريغو دويرتي؟
المصدر: القدس العربي – لندن
عذراً التعليقات مغلقة