تباينت مواقف الفنانين السوريين إزاء الثورة في بلادهم بين من يرى فيها مؤامرة ومن فضل الصمت وعدم التعليق، وتمكنت فئة منهم من كسر حاجز الخوف وتحملت ضريبة المجاهرة بتأييد الثورة ومعارضة النظام.
وتثير مواقف الفنانين جدلا بين السوريين، وكان آخرها تصريح المخرج نجدت أنزور لإحدى وسائل الإعلام أعلن فيه تأييده للرئيس بشار الأسد وقال إن الشعب السوري يحتاج لوقت طويل كي يتعلم الديمقراطية.
وقبله غنى جورج وسّوف تأييدا للأسد في احتفالية بساحة الأمويين بدمشق في وقت كان فيه سوريون آخرون يشيعون قتلاهم.
ولم يخف آخرون صدمتهم من موقف الممثل دريد لحام الذي ارتبطت شخصيته “غوار” على مدار عقود بهموم المواطن وتعطشه إلى “شوية كرامة”، فقد صرح في لقاء تلفزيوني عند بداية الثورة أن مهمة الجيش السوري ليست قتال إسرائيل بل الحفاظ على السلم الأهلي.
سيناريست الثورة:
أما كاتب السيناريو عدنان زراعي الذي حاول أن يرتفع “فوق السقف” في عمله الدرامي الأخير، فهو الآن معتقل في فرع أمن الدولة بكفر سوسة في دمشق، إذ خرج من بيته لشراء بعض الأغراض قبل أكثر من شهرين ولم يعد بعدها تاركا زوجته وطفلهما الرضيع، وحملت مظاهرات الثلاثاء الماضي اسمه وفاء له وللمطالبة بحريته.
وكان زراعي قد تناول تعامل الأمن مع المتظاهرين وإطلاق النار عليهم في مسلسله الذي حمل اسم “الشعب يريد” لكن الرقابة لم تمرر العنوان فاختار عنوان “فوق السقف”، ليصل الأمر إلى إيقاف المسلسل نهائيا بعد بث عدد من حلقاته.
وكان قد طرح قبل الثورة فكرة “الرجل البخاخ” (الذي يرسم على الجدران شعارات ثورية) في لوحة تمثيلية، ذلك الدور الذي أصبح رمزا من رموز الثورة فيما بعد.
وعلاوة على كونه كاتبا فإن زراعي هو ابن حي بابا عمرو الحمصي حيث اكتوى بما شهده الحي وأهله من عنف وتشرد كما هو الحال أيضا مع الكثير من سكان حمص. ولزراعي أخ اعتقل منذ وقت طويل، أما بقية إخوته فكل منهم في مكان مختلف ولا أحد يعرف شيئا عن الآخر، ناهيك عن والدته التي أصيبت بشلل نصفي ولا يعرف مكانها حتى الآن.
وقال أحد أصدقائه للجزيرة نت إن معاناة أهله تحت القصف في بابا عمرو سببت له ضغطا كبيرا جدا وخاصة عندما كانوا يطلبون منه المساعدة ويجد نفسه عاجزا عن فعل شيء وكانوا يحدثونه عن مأساتهم، وازداد قلقه وغضبه عند انقطاع الاتصالات معهم، كما كان يعرب عن تلك الهواجس على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي.
وأضاف أن زراعي يتعرض لتعذيب في المعتقل وفقا لشهادة رفاق كانوا معه، وأنه يعاني حاليا من كسور في ضلوعه، وأجبر على الاتصال عدة مرات بذويه وأصدقائه وتحديد مواعيد معهم أدت إلى اعتقال عدد منهم، بالإضافة إلى تهديدات مباشرة بقتله إذا ظهر أي من هؤلاء على الإعلام للتحدث عن قضيته.
ضريبة الثورة:
كثيرون هم الفنانون الذين دفعوا ضريبة تأييدهم للثورة، فقبل عدنان زراعي كان الممثل جلال الطويل الذي ألقي عليه القبض على الحدود الأردنية السورية بعد إصابته برصاصة أثناء محاولته الفرار من سوريا، ليظهر بعدها على شاشة الفضائية السورية هذه المرة في دور المستنكر للثورة.
وفي وقت سابق تعرض الممثل محمد آل رشي للاعتقال بعد أن ألهب الحضور بهتافه “عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد” في خيمة عزاء بالقابون في دمشق، وكذلك هدمت أجزاء من محترف الفنان فارس الحلو على خلفية موقفه من الثورة، ويذكر أن والدي الموسيقار مالك جندلي تعرضا لاعتداء من قبل الشبيحة في منزلهما بحمص بسبب أغنية عن الحرية لابنهما.
وكان جندلي هاجم النظام بقوة في تصريحات سابقة مدينا الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب. ويعمل جندلي على المشاركة في النشاطات الداعمة للثورة في أميركا إلى جانب تنظيمه حفلات موسيقية يعود ريعها لأعمال الإغاثة الإنسانية في سوريا.
كما كانت المطربة أصالة نصري ممن أيدوا الثورة السورية، وتعرضت لانتقادات واسعة داخل سوريا بسبب هذا التأييد.
وعند الحديث عن الفنانين فلا بد من ذكر رسام الكاريكاتير العالمي علي فرزات الذي عوقب بكسر أصابعه بسبب سخريته من الأسد في رسومه. كما تعرض باقي الفنانين لشتى أنواع الضغط والإساءة إلى السمعة ومقاطعة شركات الإنتاج لهم مثل لويز عبد الكريم ومي سكاف والأخوين ملص ويارا صبري.
المصدر: الجزيرة نت