عندما يلتزم نصرالله بالسقف الإيراني

محرر الرأي16 أبريل 2019آخر تحديث :
عندما يلتزم نصرالله بالسقف الإيراني

عندما يلتزم نصرالله بالسقف الإيراني

  • سيكون على حزب الله الالتزام بسقف تحدده إيران في رسم حدود النفوذ ومستقبل المنطقة على ساحتي سورية وفلسطين.
  • هل بدأ النظام برسم مسار جديد له في التعامل مع روسيا على حساب محور إيران مما يستدعي انحيازا سوريا أوضح لروسيا؟!
  • أمين عام حزب الله فاجأ الجميع بالتزامه الصمت حيال قضية الجولان ونقل رفات الجندي الإسرائيلي!
  • صمت “الحزب” لا يستبعد أن يكون النظام قدّم الجثة للروس مقابل صفقة لا يعرف أبعادها، وتوسطت فيها موسكو بين دمشق وتل أبيب.

* * *

بقلم | حسن فحص

قليلة هي الخطابات التي يلقيها أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله، التي لا تحظى بالاهتمام لدى القوى السياسية والأوساط الاعلامية. ويمكن إدراج الخطاب الأخير ضمن أكثر الخطابات التي انتظرها الكثيرون ليقفوا على ما يفكر به هذا الحزب في مرحلة مفصلية تطاله وتطال العمق الاستراتيجي له في إيران..

خاصة بعد سلسلة الهدايا التي حصل عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، جراء قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب حول القدس والجولان، وما شهدته الأيام الماضية من صدمة لدى هذا الحزب جراء الكشف الروسي عن تسليم رفات الجندي الاسرائيلي، بالتعاون مع النظام السوري حسب الرواية الروسية.

جميع الأوساط كانت على شبه يقين من أن خطاب نصرالله سيكون تصعيديا تجاه هذه الخطوات والتطورات، خصوصا ما يتعلق بمسألة الجولان، ورفات الجندي، إلا أن المفاجأة كانت في حدود الدهشة، لأن أمين عام الحزب لم يتوقف عند هذه الأحداث كما درج على فعله في السابق مع الأحداث المفصلية.

ملتزما ما يشبه الصمت، مفضلا التركيز على الوضع الداخلي اللبناني، في محاولة لإبطال آثار ومفاعيل زيارة وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو إلى بيروت، واللقاءات التي عقدها مع بعض القيادات المحسوبة على التيار المعارض لنفوذ وهيمنة حزب الله على الحياة السياسية والدولة في لبنان.
وقطع الطريق على أي تحرك يصب في إطار الهدف الأمريكي بتضييق الخناق على الحزب وحلفائه، بالتزامن مع قرار إدراج حرس الثورة الاسلامية في إيران على لائحة الإرهاب الامريكي.

صمت نصرالله عن التطورات السورية، بما يعني القرار الأمريكي حول الجولان، وما يتعلق بعملية نقل رفات الجندي، قد يكون مرده إلى نوع من الارتباك في تفسير هذه الأحداث، وكيفية التعامل معها ومع تداعياتها والآثار التي قد تنتج عنها.

فعلى صعيد ما يتعلق بموضوع رفات الجندي، يتضح من خلال التفسيرات المتعددة والمتناقضة، التي قدمتها دوائر محسوبة على الحزب، من دون تحميله مسؤولية هذه التفسيرات.

ذهبت التفسيرات إلى توجيه الاتهام لأحد حلفائهم الأساسيين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل في المسؤولية عن الكشف عن مكان الجثة وتسليمها للجانب الروسي، محاولين بشكل غير مقنع إبعاد التهمة بتعاون ومعرفة النظام عن هذه العملية.

ويبدو أن الحزب لم يصل، أو وصل إلى نتائج لحقيقة ما جرى، وبالتالي فهو من خلال صمته، لا يستبعد وجود دور للنظام في دمشق، وإمكانية أن يكون قد قدم الجثة للجانب الروسي مقابل صفقة لا يعرف (الحزب) أبعادها، ويلعب الجانب الروسي دورا وسيطا بين دمشق وتل أبيب.

وفي حال كان لهذا التقدير جانب من الصحة، فإنه يعني أن النظام السوري بدأ في رسم مسار جديد له في التعامل مع الطرف الروسي، على حساب المحور الإيراني.

وهذا الأمر قد يستدعي مستقبلا انحيازا سوريا اكثر وضوحا للجانب الروسي، الذي قد يترجم مزيدا من محاصرة الدور الايراني ومعه حزب الله في سوريا، تمهيدا، إما لتحجيم نفوذه أو دفعه للانسحاب.

عندها تكون الاستثمارات والأثمان التي دفعها الايراني واللبناني (الحزب) في مهب الريح والخسارة، وتزيد من تعقيدات أوضاعهما الداخلية، وأمام قواعدهم الشعبية والسياسية.

ولعل الأزمة الحقيقية التي قد يواجهها الحزب، وصوله إلى ما يشبه القناعة بأن التعامل الإيراني غير التصعيدي، مع اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان، (إضافة إلى شبه الصمت بطهران عن عملية نقل رفات الجندي)، وأن التعامل يدخل في إطار توافق إيراني- روسي وتمريرها في هذه المرحلة في إطار صفقة أكبر يلعب فيها الجانب الروسي دور الوسيط بين طهران وواشنطن، حول أحجام القوى الفاعلة على الساحة السورية في المرحلة المقبلة.

وإن قرار ترامب ضم الجولان للسيادة الإسرائيلية يدخل في إطار حفظ الحصة الاسرائيلية من كعكة النفوذ السورية، وبالتالي يعني أن الحصة الإيرانية من النفوذ في هذا البلد، باتت واضحة الملامح بموافقة جميع الأطراف، في إطار رسم حدود وأحجام هذه «النفوذات» التي تمهد لانطلاق عملية التسوية السياسية للازمة في هذا البلد.

هذه الفرضيات، التي قد لا تكون مستبعدة، تعني أن على حزب الله اللبناني البحث عن مخارج عقائدية وسياسية، للتطورات التي قد تشهدها المرحلة المقبلة، وكيفية تمرير وتسويغ هذه التحولات في المواقف، أمام قواعده الشعبية التي دفع بها إلى الحد الأقصى من الأدلجة والتعبئة بالاتجاه الذي يخدم أهدافه وأعماله.

وبالتالي فإن هذا الامر يعني أن المحور الذي يبدأ من طهران ولا ينتهي في بيروت، ليس بعيدا عما يجري في المنطقة من عمليات ترتيب لآخر الأوراق فيها أو الأحجار الأخيرة من الرقعة الإقليمية، ومحورها المسألة الفلسطينية وما يدور من حديث عن صفقة القرن.

وأن التصعيد الكلامي والسير على حافة هاوية المواجهة العسكرية ليس سوى «قرقعة» لتمرير هذه التفاهمات، من دون الدخول فيها او الوصول إليها.

وبالتالي فإن الحزب سيكون عليه الالتزام بالسقف الذي يحدده الحليف الايراني في عملية رسم حدود النفوذ والدور ومستقبل المنطقة، خصوصا على الساحتين السورية والفلسطينية.

* حسن فحص كاتب صحفي لبناني
المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

من يدفع ثمن الفشل الاستخباراتي العالمي

الانفصام في الحياة السياسية العربية

المستقبل العربي ماضٍ… لا يمضي!

الانفصام في الحياة السياسية العربية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة