“كنا لا نصدق ما يفعله الصهاينة عندما يعاقبون أبطال المقاومة بهدم منازلهم، والآن أصبحنا نرى الأمر بأعيننا وعلى أيدي أبناء وطننا”، هكذا يقول ناشط سوري أصر على إخفاء اسمه وهو يرصد حالات عدة لعمليات هدم المنازل على يد قوات النظام، سواء بفعل القصف أو بالجرافات أو بالحرق والسلب.
ويقول الناشط أبو تحسين إن دبابات النظام دمرت منزله ومنازل ناشطين آخرين في دير الزور منذ أول اقتحام للمدينة في مطلع رمضان من العام الماضي، وأكد أن “المدينة الآن باتت كلها مدمرة، حيث لم تعد قوات النظام تميز بين معارض أو مؤيد”.
ويتحدث أبو تحسين للجزيرة نت عن صعوبة امتلاك العقارات في سوريا، قائلا إن شراء منزل صغير وتأثيثه هو حلم يراود كل شاب سوري، وإن انهيار هذا الحلم أمام أعين السكان قد يعني لدى بعضهم ضياع جهد العمر كله.
معاقبة الثوار:
وفي مدينة إعزاز الملاصقة للحدود التركية، أصبحت المجزرة التي هدم فيها 34 منزلا قبل أشهر أحد معالم الثورة السورية، ففي عملية عسكرية واحدة تحول أحد الأحياء الشعبية إلى ساحة مكشوفة تتراكم فيها الأنقاض فوق جثث أكثر من 40 شخصا.
وفور وصولنا الموقع تجمع حولنا عدد من سكان الحي ليحكي كل منهم عن فقده لعدد من أقاربه مع منزله، ومنهم الشاب محمد الحمادي الذي كان جالسا في فناء بيته للطبخ على الحطب مع عمه، وما أن سمع صوت اختراق طائرة مقاتلة لجدار الصوت حتى سارع للاختباء في ممر خلفي، ليرى بعينه المنزل ينهار على عمه ويقتله.
ويتحدث شباب الحي عن جهود الإنقاذ التي بذلوها بوسائلهم البسيطة، بينما لا تزال رائحة التفسخ موجودة في المكان مع تأكيدهم وجود أربعة مفقودين لعدم قدرتهم على إزالة الأنقاض الكبيرة.
أما عن سبب هذا التفجير، فيقول أحدهم إن النظام يريد معاقبة البلدة التي طردت جيشه بالكامل وتمكنت من السيطرة على معبر باب السلامة الحدودي المجاور، كما أن معظم مقاتلي الجيش السوري الحر في البلدة يشاركون الآن في المعارك بحلب.
قصف عشوائي:
أما في حلب التي تشهد حملة عسكرية عنيفة منذ 55 يوما، فلا ينقطع القصف عن الأحياء التي ينتشر فيها الجيش الحر طوال اليوم، إذ تلقي الطائرات والمروحيات قنابلها عشوائيا على المنازل المتهالكة في أحياء الصاخور والحيدرية والكلاسة والشعار وغيرها منذ الصباح، بينما تتابع مدافع مدرسة المشاة (شمال حلب) مهمة القصف بعد غروب الشمس.
أما نقاط الاشتباك مع الجيش الحر فقد تحولت المباني فيها إلى أنقاض، ومنها حي صلاح الدين الذي قامت الدبابات بقصف معظم مبانيه لإجبار الجيش الحر على التراجع، وهي الإستراتيجية التي سبق للنظام أن طبقها منذ فبراير/شباط في حيي بابا عمرو وجورة الشياح بحمص.
وزارت الجزيرة نت صباح السبت أحد أحياء حلب القديمة، واستمعت إلى قصة شاب نزح من بلدة حرستا في ريف دمشق هربا من القصف، وما أن استقر في منزله الجديد حتى قصفت طائرة مقاتلة مدرسة بالقرب من منزله لتنهار أجزاء منه.
والأمر ذاته يتكرر في معظم الأزقة القديمة، فحيثما توجهت أعين الزائرين لهذه الأحياء ستقع على أنقاض منازل منهارة بالكامل، وبالرغم من اختلاف أجوبة الأهالي عن عدد الضحايا والمصابين، فإن الجميع يتفق على جملة واحدة تفيد بأنهم ليسوا إرهابيين، ولا علاقة لهم أيضا بالجيش الحر.
وبهذا الصدد يقول لنا أحد مقاتلي الجيش الحر، ويدعى أبو أحمد، إن النظام يتعمد تدمير المنازل عشوائيا في الأحياء التي انسحبت منها قواته، وذلك لمعاقبة أهلها والانتقام منهم أولا، ولتحميل الجيش الحر مسؤولية الدمار الذي يحل بهذه الأحياء وانتزاع الحاضنة الشعبية التي يعتمد عليها الثوار.
——————————-
* نقلاً عن الجزيرة نت