توشك أن تخلط عمليات المقاومة الأوراق وترسم معادلات جديدة تكرّس المقاومة فاعلا مهمّاً في مجريات الأحداث بالمنطقة.
لا يضير المقاومة إدانة تصدر عن سلطة فلسطينية عاجزة أو أطراف عربية وإقليمية تجاوزت الاعتبارات الأخلاقية والقومية والإسلامية.
عمليات المقاومة الأخيرة جاءت في توقيت دقيق فاجأ الجميع وداهمهم على حين غرّة وحققت جملة من النتائج دفعة واحدة، وحملت العديد من الدلالات المهمة.
جرأة عالية وتصميم على الوصول إلى الهدف، بتسارع وتتابع وكثافة مطلوبة تجعل منها موجة قوية تضرب عمق الكيان الصهيوني وتفقده توازنه وتنسف كثيراً من أوهامه.
* * *
بقلم: عاطف الجولاني
فرضت عمليات المقاومة الأخيرة داخل العمق الصهيوني، واقعاً جديداً فرض نفسه على السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني وأطراف عربية وإقليمية مندفعة للتطبيع مع الاحتلال، وتوشك أن تخلط الأوراق وترسم معادلات جديدة تكرّس المقاومة فاعلا مهمّاً في مجريات الأحداث في المنطقة.
لقد تميزت العمليات التي تستحق بجدارة أن توصف بالنوعية والبطولية، بتخطيط دقيق رافقه قدر كبير من التوفيق، وبجرأة عالية وتصميم على الوصول إلى الهدف، وبتسارع وتتابع وكثافة مطلوبة لتجعل منها موجة قوية تضرب عمق الكيان الصهيوني وتفقده توازنه وتنسف كثيراً من أوهامه.
وقد جاءت موجة عمليات المقاومة عكس مسار الأحداث والتوجهات والخطط الإقليمية، حيث اعتقدت “إسرائيل” وبعض الأطراف العربية المطبّعة أن ملف القضية الفلسطينية طوي إلى حين ونُحّي جانباً، وأن الطريق باتت سالكة ومعبدة لتدشين مشاريع التطبيع والتعاون الإقليمي بين (إسرائيل) وأصدقائها المنخرطين في مسار تصفية القضية.
لكن عمليات المقاومة الأخيرة جاءت في توقيت دقيق فاجأ الجميع وداهمهم على حين غرّة، وحققت جملة من النتائج دفعة واحدة، وحملت العديد من الدلالات المهمة.
فقد أكدت لـ”إسرائيل” والأطراف العربية والإقليمية المندفعة في مسار التطبيع، أن الشعب الفلسطيني ما زال حاضراً ومؤثراً في المعادلة الإقليمية، وأن شطب قضيته الوطنية والقفز من فوقها، أمر غير متاح.
وأظهرت للجميع، أن الشعب الفلسطيني ليس عاجزاً أو ضعيفاً كما هو حال سلطته المكبّلة بقيود أوسلو والتنسيق الأمني، وأنه يملك الكثير من أوراق القوة التي تؤهله لفرض قضيته الوطنية على جدول الأولويات.
كما أبرزت العمليات أن الضفة الغربية التي صمتت طويلاً، تتجه لاستعادة عافيتها ودورها وفاعليتها في مسيرة النضال الوطني. فالعمليات الأخيرة التي نُفّذت في الداخل الفلسطيني انطلق العديد منها من مناطق الضفة، والمواجهات البطولية في مخيم جنين مع قوات الاحتلال أعطت مؤشراً قوياً إلى متغيرات ميدانية تتشكّل على الأرض.
وأكدت عمليات المقاومة كذلك أن تحوّلاً نوعياً مهمّاً يتطوّر في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، تشكّلت بداياته في مواجهة سيف القدس في أيار/مايو الماضي، وتكرّست بصورة قوية في العمليات الأخيرة التي نفّذ العديد منها مقاومون من الداخل المحتل.
والمأمول أن تكون العمليات الأخيرة باكورة فعل نضالي متصاعد، وبداية نهوض للفعل المقاوم في الضفة والداخل الفلسطيني المحتل، وأن تستمد القوة والزخم من اعتداءات المستوطنين واقتحاماتهم المرتقبة للمسجد الأقصى، وأن لا تكون موجة عابرة يعقبها هدوء تتمناه السلطة الفلسطينية والكيان المحتل والأطراف المطبّعة والقوى الدولية.
ولا يضير المقاومة إدانة تصدر عن سلطة فلسطينية عاجزة أو عن أطراف عربية وإقليمية تجاوزت الاعتبارات الأخلاقية والقومية والإسلامية. وحسبها أنها تحظى بتأييد شعبي واسع في فلسطين والعالم العربي والإسلامي، وأنها تُعبّر عن إرادة شعب وضمير أمّة.
* عاطف الجولاني كاتب صحفي أردني
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: