تعيش العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى تدهورا أمنيا ملحوظا يتخلله تكرار لحالات اختطاف عراقيين وعرب وأجانب على يد مليشيات مسلحة فرضت سيطرتها بشكل واضح وعلني
على الشارع العراقي منذ يونيو/حزيران 2014.
آخر عمليات الخطف استهدفت سبعة طلبة جامعيين وناشطين مدنيين في الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح وتصحيح مسار العملية السياسية ومحاربة الفساد على يد مجموعة مسلحة تستقل سيارات مشابهة لتلك التي يستقلها منتسبو الحكومة والأجهزة الأمنية.
وانتهت عملية اختطاف الطلبة الناشطين بعد ثلاثة أيام، إذ عثرت عليهم دوريات النجدة على قارعة أحد الطرق شمالي بغداد، غير أن ذلك لم يطو الأزمة بقدر ما سلط الضوء على ظاهرة الاختطاف في العراق عموما، وفي بغداد خصوصا، ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الخطف فإن الدوافع تبدو سياسية بامتياز.
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المشارك بقوة في المظاهرات اتهم عناصر من مليشيا الحشد الشعبي بالوقوف وراء عمليات الاختطاف التي استفحلت في العراق، محذرا من أن “القادم أعظم”، فما سماها “المليشيات الوقحة” ستمعن في هيمنتها بالسلاح على رقاب العراقيين بمجرد الانتهاء من الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.
الحكومة متهمة
واعتبر المحلل السياسي أحمد الأبيض أن هناك شقين لعمليات الخطف التي يشهدها البلد، الأول جنائي تقوم به عصابات لأهداف عديدة، أما الثاني فهو لدوافع سياسية وهو الشق الاخطر، فهو مرتبط بالوضع الساسي العام.
ويوضح الأبيض أن “بعض أجهزة الدولة تقوم بعمليات يمكن وصفها بأنها عمليات خطف بسبب عدم وجود أوامر قضائية، وغالبا ما تكون بتصرف فردي من أجهزة تكون ولاءاتها لأحزاب وجهات سياسية”، مؤكدا أن هذه العمليات ستزداد بعد انتهاء المعركة ضد تنظيم الدولة.
ويضيف الأبيض أن “الجهة التي خطفت المواطنين القطريين كانت معروفة للجميع”، مبينا أن ضعف الحكومة وأجهزتها الأمنية وتعطيل القضاء العراقي أمور شجعت هذه الجهات على الخطف.
ويؤكد وجود أغطية سياسية وعقائدية تحيط ببعض عمليات القتل والخطف، مشيرا إلى أن “كل المسؤولين العراقيين يعلمون جيدا من يقوم بهذه العمليات، ولا أحد يجرؤ على الحديث بذلك”.
ولفت إلى أن هناك رفضا لتواجد مقرات لفصائل منضوية في مليشيا الحشد الشعبي بمحافظة البصرة جنوبي العراق وحتى في بغداد العاصمة.
لا تواطؤ
ويضيف الأبيض أن هناك شركات أمنية محلية وأجنبية تعمل في البلد متهمة أيضا بعمليات القتل والخطف، إذ وردت الكثير من المعلومات التي تفيد بأن بعض هذه الشركات قامت بالعديد من هذه العمليات.
ويرجع سبب تكرار حالات الخطف وازديادها إلى انعدام الشفافية من الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية، فكلما تحدث عملية خطف تأتي النتيجة إما بقتل المختطفين أو بدفع فدية، ولا توجد أي جهة حكومية توضح الأمر للرأي العام.
في المقابل، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن الحكومة تقوم بواجبها على أعلى المستويات، مبينا أن هناك توجيهات من رئيس الحكومة حيدر العبادي في كل عمليات الاختطاف التي تعرض لها ناشطون وصحفيون بملاحقة الجهات الخاطفة أيا كانت.
وأضاف الشمري أن الأمن في بغداد يشكل تحديا كبيرا بالنسبة للقيادات الأمنية، مبينا أن التحقيقات التي شرعت بها الحكومة والأجهزة الأمنية أفضت إلى عدد من النتائج التي أسفرت عن فتح عدد من الملفات لدى القضاء.
ويرفض الشمري القول بوجود تواطؤ بين الحكومة وأجهزتها الأمنية من جهة، وعصابات الخطف من جهة أخرى.
الجزيرة