تجد الولايات المتحدة ودول الخليج صعوبة في الإجابة على التوقعات العالية للعلاقات بينها بعد انتخاب ترامب.
الصحوة المتبادلة ستضطر الأميركيين والخليجيين لإعادة تقييم قدرتهم على تشكيل سياسات تحقق اهدافهم.
بقلم: يوئيل غوغانسكي & إلداد شبيط
إن فحص عدد من القضايا الموجودة على الاجندة بين الولايات المتحدة ودول الخليج، لا سيما بينها وبين السعودية، يبين أن الطرفين يجدان صعوبة في اعطاء اجابة على التوقعات العالية بخصوص العلاقات بينهما، التي وجدت بعد انتخاب الرئيس ترامب للرئاسة. الصحوة المتبادلة ستجبرهم على اعادة تقييم قدرتهم على تشكيل السياسات التي ستساهم في تحقيق اهدافهم.
من ناحية الادارة الامريكية هذا الامر صحيح بالاساس بخصوص أملها في الاستناد بقوة اكبر على دول الخليج من اجل تحقيق اهدافها مقابل ايران والفلسطينيين. هذه الفجوات تؤثر مباشرة على اسرائيل، حيث أن الفجوات تزداد بين التقاء المصالح بينها وبين دول الخليج في عدد من المواضيع الواقعة في مجال المناورة الضيق لها، وبالاساس السعودية، من اجل ترجمته الى تعاون حقيقي.
العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية ودول خليجية اخرى في عهد ترامب يتم وصفها علنا من قبل الاطراف على أنها متينة وتساهم مباشرة في تحقيق المصالح المشتركة. السعوديون ذهبوا بعيدا ووصفوا زيارة الرئيس ترامب في الرياض في أيار 2017، بانعطافة تاريخية في علاقة الدولتين. الطرفان يواصلان التأكيد على الرغبة في تحسين الشراكة، وغالبا يتم الحديث عن علاقات شخصية بين عدد من رجال البيت الابيض وعدد من زعماء دول الخليج.
ولكن فحص المسائل الماثلة على جدول الاعمال بين الولايات المتحدة ودول الخليج، لا سيما بينها وبين السعودية، يدل على أنهم يجدون صعوبة في اعطاء اجابة على التوقعات العالية بخصوص العلاقات بينهم. التي نشأت بعد انتخاب ترامب للرئاسة.
شهادة علنية على الاستياء في اوساط الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في الخليج كانت اقوال وزير الدولة للشؤون الخارجية في اتحاد الامارات، (لندن، تموز 2018) بأنها تجد صعوبة في الاعتماد على المساعدة الامريكية والبريطانية، كما يبدو فيما يتعلق بالحرب في اليمن.
المسائل التي بشأنها نشأت فجوات في التوقعات بين الطرفين: اولا، التحدي الايراني. الخط الهجومي الذي تبنته ادارة ترامب تجاه ايران استبدل بترحاب في الخليج العربي. وحتى أنه جعل عدد من الزعماء يشددون تصريحاتهم ضد طهران. دول الخليج تحفظت من الاتفاق النووي مع ايران، رغم أنهم أيدوه علنا. في أيار 2018 انضمت السعودية والإمارات الى إسرائيل واظهروا دعمهم لانسحاب امريكا من الاتفاق.
لأنه حسب رأيهم زاد من العداء الاقليمي لايران دون أن يوقف طموحاتها بعيدة المدى في المجال النووي. الآن هي تريد الاظهار أنها تعاونت في حملة الضغوط التي يمارسها النظام ضد ايران. التي تم التعبير عنها ضمن امور اخرى، بموافقتها على زيادة وتيرة استخراج النفط في اعقاب قرار “أوبك + واحد”، وطلب الرئيس ترامب بهذا الشأن.
مع ذلك، مثلما في السابق، كل طرف معني بأن يظهر الطرف الآخر استعداده لاستثمار موارد، لا سيما عسكرية، من اجل تحقيق هدف تقييد خطوات ايران في المنطقة. الرئيس ترامب عاد وأكد بأنه يأمل أن تزيد السعودية اسهامها الاقتصادي في الجهود.
في المقابل، ايضا في السعودية يظهر هناك عدم رضى من نقص الاستعداد لدى الجانب الامريكي لاعطاء اهتمام كاف حسب رأيها للشرق الاوسط، وبسبب ما يعتبر استعداد للتصالح مع ايران. هذا على خلفية تصريحات الرئيس حول استعداده للتحدث مع الايرانيين بدون شروط مسبقة، وكذلك تقارير عن تبادل رسائل بين الولايات المتحدة وايران بوساطة عُمان.
المسيرة السياسية الاسرائيلية – الفلسطينية
الادارة الامريكية تسعى الى بلورة صيغة تمكن من حدوث اختراقة في القناة الاسرائيلية الفلسطينية، وتدفع قدما خطة ترامب للسلام. ولكنها تواجه ببرود من دول الخليج في كل ما يتعلق بمباديء الخطة. وكما يبدو فان السعودية لم تشذ عن المواقف التقليدية الواقعة في قلب الاجماع العربي. والدليل على ذلك قدم في القمة العربية الاخيرة التي عقدت في السعودية في نيسان 2018 والتي سميت “قمة القدس”. على خلفية الانتقاد الفلسطيني والعربي الذي أسمع ضد تنازلات كانت هناك جهات سعودية مستعدة لقبولها، وكذلك في اعقاب معارضة السعوديين لكل خطوة تطبيع مع اسرائيل، لا سيما على خلفية نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس.
اعادة اعمار سوريا
الولايات المتحدة معنية في رؤية مشاركة اوسع من قبل دول الخليج في سوريا، بما في ذلك تواجد عسكري من قبلها يحل محل الجنود الامريكيين الموجودين في الدولة. هذا ما تأمله الادارة الامريكية. في هذا السياق جاءت تقارير عن رغبة الادارة في تشكيل نوع من الناتو العربي – سلاح ارسالية عسكرية، يحارب ضد تمركز ايران وضد الارهاب. الرياض اعلنت حقا في الماضي عن استعدادها لارسال قوات من قبلها الى سوريا، لكن يبدو أنها لم تكن تنوي في أي يوم عمليا ان تنفذ هذا التعهد. وحتى بسبب حاجات امنية ملحة اكثر على حدودها الجنوبية. في اليمن يبدو ان احتمالية تموضع قوة عسكرية عربية مشتركة بروح توقعات الرئيس ترامب، محكوم عليها بالفشل. بسبب القدرات العسكرية المحدودة للدول العربية والخلافات الشديدة بينها.
اصلاحات سياسية
ادارة ترامب تعطي اولوية لاستقرار الانظمة في دول الخليج على تحقيق قيم الديمقراطية وحرية التعبير، لا يبدو أن هناك ضغط امريكي على الملكيات المطلقة هذه من اجل تشجيع اصلاحات سياسية، ولا يتم اسماع انتقاد جدي على خرق حقوق الانسان الممنهج فيها، جدول الاولويات المرغوب فيه في الرياض وأبو ظبي.
على خلفية هذه الامور فان الثورة السعودية “من اعلى الى اسفل” تحظى بالدعم، والتي فيها جانبان يسود بينهما توتر، الدفع باصلاحات اقتصادية ضرورية من جهة وتعزيز النظام المنفرد القمعي لبن سلمان من الجهة الاخرى، الذي يختلف في جوهره عن طبيعة النظام السابق لكل فروع العائلة. مع ذلك يتوقع أنه كلما تعمق القمع من جانب ابن سلمان سيزداد ضغط الادارة الامريكية من جانب الكونغرس على اتخاذ موقف متشدد اكثر في هذا الامر.
الازمة في مجلس التعاون الخليجي
كتلة سياسية خليجية موحدة كانت وما زالت مصلحة بالنسبة للولايات المتحدة، التي تسعى الى ترسيخ جبهة موحدة امام ايران. عمليا، الازمة بين الرباعية العربية (السعودية واتحاد الامارات والبحرين ومصر) وبين قطر – التي حاولت الادارة الامريكية وفشلت في حلها – قربت بين قطر وايران وتركيا في المجال العسكري والاقتصادي والدبلوماسي.
هذا التقارب هو شيء غير مرغوب فيه في نظر جارات قطر. التي تفرض عليها مقاطعة منذ سنة تقريبا، حتى أنه جاءت تقارير تقول بأنها طلبت غزو اراضيها واسقاط الامير الحالي عن العرش، تميم بن حمد آل ثاني. في هذه المرحلة، الادارة الامريكية منشغلة في محاولة عقد مؤتمر قمة في الخريف، الذي في اطاره سيتم بحث الازمة في محاولة اخرى لتسويتها.
صفقات السلاح
زيارة الرئيس ترامب في الرياض في أيار 2017 ولقائه مع ولي العهد محمد بن سلمان تمثلت بصفقات سلاح ضخمة كانت الادارة المدنية تريد عقدها بهدف تخفيف العبء العسكري عن الولايات المتحدة، والمساعدة في زيادة اماكن عمل في الولايات المتحدة وكذلك مساعدة السعودية على مواجهة التهديدات عليها وتجسيد التعهدات الامريكية لامنها.
حتى الآن ليس واضحا الى أي درجة ترجمت هذه التعهدات الى صفقات فعلية. كما يبدو أن الادارة ما زالت تعلق الآمال على التأثير الايجابي الذي سيكون بتحقيقها على الاقتصاد في الولايات المتحدة.
الحرب في اليمن
حتى الآن وبعد اكثر من ثلاث سنوات من القتال، تكلفتها تقريبا 200 مليار دولار، فان السعودية لا تستطيع أن تشير الى نتائج عسكرية مهمة – هذه الحقيقة يتوقع أن تكون لها تداعيات على مكانة ابن سلمان في الداخل والخارج. على هذه الخلفية ترتكز صورة الرياض كما من شأنها أن تورط الولايات المتحدة في حرب ليست لها. وذات قيمة اقتصادية محدودة.
اضافة الى ذلك، في الادارة هناك ادراك بأن على الاقل جزء من المسؤولية عن الوضع الانساني الصعب في اليمن والاضرار والمس الممنهج بالسكان، المنسوب للسعودية، التصق بالادارة ايضا.
بالاساس في صفوف الكونغرس وكذلك في الساحة الدولية، الادارة من جانبها ورغم انها سمحت ببيع وسائل قتالية للسعودية، الذي منعه نظام اوباما، ما زالت حذرة من الانجرار الى تورطات عسكرية مباشرة في الحرب، وتريد بالاساس حل الازمة بطرق دبلوماسية. من خلال بذل الجهود لسحب الانجازات التي حققها الحوثيون.
باختصار، الولايات المتحدة ودول الخليج ستواصل رؤية أن تعزيز العلاقة فيما بينها هو هدف استراتيجي. حيث انه من الواضح لها انه من ناحيتها ليس هناك بديل عن شبكة العلاقات هذه في واقع الشرق الاوسط الحالي.
احباط الادارة الامريكية المحتمل، التي تأمل في الاستناد الى دول الخليج بقوة اكبر من اجل تحقيق اهدافها امام ايران في المسألة الفلسطينية، سيؤثر بصورة مباشرة على المصالح الاسرائيلية. في الوقت الذي تتعمق فيه الفجوات بين التقاء المصالح الموجودة بينها وبين دول الخليج في عدد من المواضيع وبين فضاء المناورة الضيق الموجود لدول الخليج ولا سيما السعودية.
المصدر: نظرة عليا (العبرية) – ترجمة المصدر السياسي.