تم اعتماد قرار غريب تحت الفصل السابع، وصف جماعة الحوثي في إحدى فقراته فقط بـ”جماعة إرهابية”.
لم يتشكل إجماع داعم للسلام ووقف الحرب ولم يتم تصنيف الحوثيين بقائمة الكيانات الإرهابية بجوار “القاعدة” و”داعش”، بما يدعم الخيار العسكري مثلاً.
لم يحمل القرار الدولي 2624 ضد الحوثيين أي تحول استراتيجي أجمعت الدول الخمس الكبرى فقط على اعتبار هجمات الحوثي على الإمارات والسعودية إرهابية.
بموجب القرار الدولي تصبح هجمات الحوثيين على مأرب وتعز مستوفية لمعايير القانون الدولي الإنساني وليست مجرّمة كالتي تضرب العمق السعودي والإماراتي.
* * *
بقلم: زكريا الكمالي
ذهب من كل شيء أحسنه في هذا الزمان. القيم مزيفة، والمواقف باهتة، والسلع مغشوشة، حتى أن العقوبات الدولية، والتي من المفترض أن تردع الأنظمة المارقة وتنتصر للمسحوقين، فقدت هيبتها وتحولت إلى مادة للتندر، وكأننا أمام بروفات “الكاميرا الخفية”، أو أي برنامج كوميدي سيتم عرضه في شهر رمضان المقبل.
خلال أيام قليلة، أتحفنا المجتمع الدولي بسلسلة عقوبات مضحكة ضد مشعلي الحروب، من جماعة الحوثيين في اليمن إلى النظام الروسي. بخصوص الحرب اليمنية التي اقتربت من دخول عامها الثامن، تم اعتماد قرار غريب تحت البند السابع، وصف جماعة الحوثيين في إحدى فقراته فقط بـ”جماعة إرهابية”.
لم يحمل القرار الدولي 2624 ضد الحوثيين أي تحول استراتيجي. أجمعت الدول الخمس الكبرى فقط على وصف الهجمات الحوثية على الإمارات والسعودية بأنها إرهابية.
لم يتشكل أي إجماع داعم للسلام بوقف الحرب، ولم يتم تصنيف الحوثيين في قائمة الكيانات الإرهابية بجوار “القاعدة” و”داعش”، بما يدعم الخيار العسكري مثلاً.
ومع ذلك، كانت الحكومة اليمنية “الشرعية”، ترحب بالإجماع الدولي حول الملف اليمني، على الرغم من أنه بموجب هذا القرار، تصبح هجمات الحوثيين على مدينتي مأرب وتعز مباحة ومستوفية لمعايير القانون الدولي الإنساني كافة، وليست مجرّمة مثل تلك التي تضرب العمق السعودي والإماراتي.
بالنسبة للمجتمع الدولي، اليمن أرض خصبة لحصد مكاسب سياسية ومالية. حتى الأمم المتحدة التي شعرت بورطة التمويل هذا العام جراء الأزمة الأوكرانية، أشهرت ورقتها الرابحة لإعادة الحصّالة الذهبية لها إلى واجهة العالم، من خلال إرسال النجمة أنجلينا جولي إلى عدن وصنعاء.
وفي الغزو الروسي لأوكرانيا، كل ما يجري من تضامن لا يتعدى اختراع عقوبات مثيرة للسخرية والشفقة في آن واحد.
بعد إغلاق متاجر “شانيل” و”زارا” و”بوما” في موسكو، ومنع مشاركة القطط الروسية في مسابقات دولية، وحرمان الجمهور الروسي من متابعة الدوري الفرنسي وخدمات شركة الترفيه “نتفليكس”، فإن الحزمة الثانية من العقوبات التي ينتظرها الشعب الروسي ستشمل بالتأكيد انضمام شركات “بيبسي” و”كوكاكولا” و”ماكدونالدز”.
عقوبات آخر زمن الهزلية، والمواقف الكلامية لا تنزع فتيل الحروب، وبيع الوهم للشعوب، عملة مضروبة لا تكبح جحافل الدبابات والحشود العمياء التي تعتقد أن لديها أوامر من السماء لتنفيذ أهدافها مهما كلف الأمر.
منذ متى كانت الأوصاف ترعب الطغاة وتستوجب قراراً تحت البند السابع، وهل يظن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم أن حرمان الجمهور الروسي من مشاهدة أهداف كيليان مبابي، سيجعله يقود ثورة شعبية ويقلب الطاولة على بوتين من الداخل؟
وبما أن منطق القوة ينصر من يفرض كلمته أخيراً، سواء كان على هيئة أنظمة طامحة بإعادة مجد إمبراطوريات زائلة، أو مليشيات تحاول إحياء الحكم الإمامي، كما هو حال الحوثيين، ينبغي على المجتمع الدولي أن يضع مقاربات جديدة لإنهاء الأزمات والحروب التي تصيب تداعياتها الكرة الأرضية بشكل كامل، حتى لو كان مسرحها جزيرة صغيرة في عرض البحر.
وبعيداً عن غطرسة الغزو واجتياح البلدان أو حتى المدن داخل إطار البلد الواحد، الانحناء للعاصفة ليس منكراً، بل حكمة قد يتم التوصل إليها بعد فوات الأوان.
إذا كانت شبه جزيرة القرم والتخلي عن فكرة الانضمام لحلف شمال الأطلسي ستضمن سلامة وسيادة باقي الأراضي الأوكرانية، وتجعل الغازي يعود أدراجه، فهذه شروط في متناول اليد بالتأكيد، ويفترض حسمها سريعاً قبل أن يرتفع سقفها.
ثم من يدري ماذا يحمل الزمن في جعبته من سيناريوهات مستقبلية؟ قد تدور الدوائر بالنسبة للشعب الأوكراني ويستعيد كامل أراضيه، كما حصل مع تجربة انهيار الاتحاد السوفييتي.
* زكريا الكمالي كاتب صحفي يمني
المصدر| العربي الجديد
موضوعات تهمك: