(الفنان الكويتي الراحل عوض الدوخي (1932-1979) صاحب رائعة «صوت السهارى» تلحين نجيب رزق الله)
بقلم: حسن مدن
في ذاكرتي، طفلاً وصبياً، وبمقدار ما كنت أحب يوم العيد وأترقبه بشغف، شأن بقية أقراني، كنت أضجر من «عصريته» لأنها كانت إيذاناً بنهاية نهار العيد، بكل ما فيه من بهجة ومسرات.
كنت لا أريد لهذا النهار أن ينتهي، وأود لو أنه طال، وألا تكون نهايته سريعة، كسرعة بقية الأيام.
لكن مع الوقت اقترنت «عصرية العيد»، في ذهني وأذهان الكثيرين، بالأغنية الشهيرة للفنان الكويتي الكبير عوض الدوخي: «صوت السهارى»، والتي تعد من أعذب وأجمل أغاني هذا الفنان المتميز.
اشتهر الفنان عوض الدوخي بأدائه الجميل لأغنيات كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، وما زال تلفزيون دولة الكويت يبثها، فتبعث في نفوسنا متعة لا تقل عن تلك التي يبعثها أداء أم كلثوم نفسها لها.
ورغم ما عرف عن أم كلثوم من نفورها من فكرة أن يؤدي أغنياتها أحد آخر سواها، إلا أنها شهدت لعوض الدوخي بجمال أدائه لها، ويروي هو نفسه، في مقابلة صحفية أجريت معه قبل رحيله بسنوات، أنه التقى مرة مع أم كلثوم صحبة الشاعر أحمد رامي والموسيقار عبده صالح.
وغنى أمامها أغنيتها «أهل الهوى»، فأبدت استحسانها وقالت له: «إنت عندك طبقة صوت ممتازة وعندك قرار عظيم»، وينسب لأم كلثوم قولها عنه: «لم يكن الدوخي مُقلداً لي في أعمالي، ولم يشوه أغنياتي بل قدّمها بطريقته الخليجية».
أما الموسيقار محمد عبد الوهاب فقال عنه: «عندما استمع لعوض الدوخي، فإنني أتخيل نفسي أسبح في مياه الخليج الدافئة».
كما أشار، في الحوار نفسه، إلى صداقة جمعته مع الملحن الكبير رياض السنباطي، تعود بداياتها إلى عام 1949، وكان يغني في حضوره أغاني أم كلثوم، وأنه قال له مرة:
«انبسطت من صوتك أوي؛ معبر ودافئ وطربت لإحساسك المرهف»، كما أشار، أيضاً، إلى صداقته مع الملحن كمال الطويل الذي لحن له أغنية بكلمات كويتية.
وحسب دراسة وضعها الباحث الكويتي في الموسيقى فهد الفرس، فإن أداء الدوخي لأغاني أم كلثوم أكسبه خبرة وثقافة عالية، من خلال التعامل مع المقامات الموسيقية وفروعها وكيفية التصرف في أدائها.
كلمات أغنية «صوت السهارى» التي نحن بصددها هي من التراث الكويتي القديم وغنتها في المناسبات والأعياد فرقة عوّاد سالم وكان اسمها «حس السهارى» وغنيت بطريقة الشيله.
ويبدو أنه جرى تكييف بعض مفرداتها، ومن ذلك تغيير مطلعها إلى «صوت السهارى»، ليغنيها الدوخي، والراجح أن من وضع اللحن الجديد لها هو الملحن المصري الراحل نجيب رزق الله، الذي كان مقيماً في الكويت، ولحّن للدوخي أغاني أخرى غيرها.
من كلمات الأغنية:
«صوت السهارى يوم مّروا عليا :: عصرية العيد/ ابطى ركابه وراح يسأل عليا/ عصرية العيد/ ساعة ماشفته أنا :: بالي انشغل وياه/ اقضيت ليلي بهنا :: واصبحت أعد خطاه/ ياللي بقيت بعيد :: اليوم ذا يوم عيد/ عيدك وعيدي أنا»… إلخ.
يذكر أن الفنانة فايزة أحمد غنت الأغنية، فيما بعد، باللحن نفسه والكلمات نفسها.
- د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر: «الخليج» الإماراتية