رغم مرور عام، الثلاثاء، على مظاهرات شعبية مصرية رافضة لاتفاقية نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى السعودية، فإن القضية لا تزال قائمة دون حسم.
وفي الذكرى الأولى لمظاهرات 25 أبريل/ نيسان 2016، تنتظر قضية تيران وصنافير، التي أثارت جدلا وغضبا واسعين في مصر، مسارين أمام القضاء والبرلمان، وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات إلى الشارع.
والسعودية هي الداعم المالي والسياسي الأكبر للسلطات في مصر، منذ أن أطاح الجيش، حين كان الرئيس عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، في 3 يوليو/ تموز 2013، بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، والمنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد عام فقط من فترته الرئاسية.
احتجاجات شعبية
وقعت مصر والسعودية، يوم 8 أبريل/نيسان 2016، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، يتم بموجبها نقل تبعية تيران وصنافير إلى المملكة؛ ما أثار ردود فعل مصرية معارضة للرئيس السيسي وحكومته.
وترد الحكومة المصرية على الانتقادات الموجهة إليها بأن الجزيرتين تتبعان السعودية، وخضعت للإدارة المصرية عام 1950، بعد اتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض بغرض حمايتها، لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك، ولتستخدمها مصر في حربها ضد إسرائيل.
وفي الخامس والعشرين من الشهر نفسه، تحدى آلاف من المصريين حظر التظاهر دون إخطار السلطات (وفق قانون التظاهر الذي أقر في نوفمبر/تشرين ثان 2013)، ونظموا مظاهرات في العاصمة القاهرة ومدن أخرى؛ احتجاجا على ما اعتبروه “تنازلا” على سيادة مصر على الجزيرتين، اللتين تمتلكان أهمية إستراتيجية؛ لكونهما تتحكمان في حركة الملاحة في خليج العقبة.
ووفق تقارير حقوقية محلية ودولية، سعت السلطات المصرية آنذاك إلى الحيلولة دون احتشاد المتظاهرين، عبر فرض إجراءات أمنية مشددة، وإغلاق عدد من نقاط انطلاق المظاهرات، واعتقال عشرات الشباب المشاركين فيها؛ حيث تمت محاكمة الكثيرين منهم لاحقا بتهمة “خرق قانون التظاهر”.
وخلال هذه المظاهرات، تعرض أكثر من 40 صحفيا لتوقيف أمني واعتداءات، وفق بيانات لنقابة الصحفيين؛ ما فجر أزمة بين الحكومة والصحفيين، تطورت عقب اقتحام عناصر من الشرطة مقر النقابة في القاهرة، وإلقاء القبض على صحفيين اثنين؛ بدعوى أنهما مطلوبان للمحاكمة؛ بتهمة “خرق قانون التظاهر خلال الاحتجاجات المتعلقة بالجزيرتين.
ثم تطورت وتشعبت المواجهة، فبتهمة “إيواء هاربين من العدالة” في مبنى النقابة، صدر، في 25 مارس/آذار الماضي، حكم نهائي بحبس نقيب الصحفيين السابق، يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، الحالي جمال عبد الرحيم، والسابق خالد البلشى، لمدة عام مع إيقاف التنفيذ.
ودعا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي (يساري معارض)، في بيان اليوم، أعضاء مجلس النواب (البرلمان) إلى رفض مناقشة الاتفاقية، “تقديسا لأرض الوطن، واحتراما لأحكام الدستور والقضاء”.
وخاضت اتفاقية تيران وصنافير جولات قضائية عديدة ومعقدة، وتنتظر حاليا الحسم على الصعيدين القضائي والتشريعي، حيث تنتظر قرارا من هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة في مصر)، وآخرا من البرلمان.
أمام القضاء والبرلمان
11 أبريل/نيسان 2016
– لم يمر على توقيع الاتفاقية سوى ثلاثة أيام حتى عاجلتها أمام محكمة القضاء الإداري (مختصة بالنزاعات الإدارية) أول دعوى قضائية، أقامها المحامي الحقوقي، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، خالد علي، وآخرون، للمطالبة بإلغاء الاتفاقية واستمرار خضوع الجزيرتين للسيادة المصرية.
21 يونيو/حزيران 2016
– محكمة القضاء الإداري تقضي ببطلان الاتفاقية، وتقر بـ”استمرار الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري، وضمن حدود الدولة المصرية، واستمرار السيادة المصرية عليهما، وحظر تغيير وضعهما بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى”.
23 يونيو/حزيران 2016
– هيئة قضايا الدولة (ممثلة للحكومة المصرية) تطعن على الحكم ببطلان الاتفاقية، أمام المحكمة الإدارية العليا (أعلى محكمة في قسم القضاء الإداري)، معتبرة أن “الحكم مخالف للدستور والقانون والسوابق القضائية”، وفق نص الدعوى.
29 سبتمبر/أيلول 2016
– محكمة القاهرة للأمور المستعجلة تقضي بوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، بدعوى أن الحكم “تغول على اختصاصات السلطة التنفيذية”، وأن “الاتفاقيات الدولية تقع ضمن الأعمال السيادة التي تنأى عن رقابة للقضاء”، وفق منطوق الحكم.
29 ديسمبر/كانون أول 2016
– مجلس الوزراء المصري يوافق على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، ويحيل الاتفاقية إلى مجلس النواب (البرلمان).
31 ديسمبر/كانون أول 2016
– معارضو الاتفاقية يطعنون على حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أمام الدرجة الثانية (مستأنف الأمور المستعجلة)، غير أن محكمة الدرجة الثانية رفضت طعنهم، وأيدت الاتفاقية.
16 يناير/كانون ثان 2017
– المحكمة الإدارية العليا تقضي برفض طعن هيئة قضايا الدولة (الممثلة للحكومة)، وتأييد حكم بطلان الاتفاقية بشكل نهائي.
12 مارس/ آذار 2017
– هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة) تحجز (دون أن تحدد موعدا) منازعتي التنفيذ، اللتين أقامتهما هيئة قضايا الدولة لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، بدعوى وجود حكم آخر من محكمة أخرى يؤيد الاتفاقية، وذلك حتى تكتب الهيئة تقريرا بالرأي القانوني في المنازعتين، تمهيدا لإحالتهما إلى المحكمة الدستورية.
2 أبريل/نيسان 2017
– محكمة القاهرة للأمور المستعجلة تقبل دعوى تطالب بإلغاء حكم القضاء الإداري بمصرية الجزيرتي، وإلزام الحكومة بحكم الأمور المستعجلة السابق (في ديسمبر/ كانون أول الماضي) بتنفيذ الاتفاقية.
وتنظر محاكم الأمور المستعجلة القضايا ذات الطبيعة العاجلة، بينما يفصل القضاء الإداري في الخصومات بشأن القرارات الصادرة عن الجهاز الإداري للدولة.
10 أبريل/ نيسان 2017
رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، يعلن إحاله اتفاقية ترسيم الحدود إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في المجلس لمناقشتها، دون تحديد موعد للتصويت عليها.
مساران محتملان
في ظل هذه المتاهة القضائية والبرلمانية، يوجد مساران محتملان أمام الاتفاقية، وفق خالد علي، محامي دعوى رفض نقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية.
-حكم قضائي
– يتمثل المسار الأول في صدور قرار هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة في مصر) بشأن منازعتي التنفيذ اللتين أقامتهما الحكومة المصرية، وذلك إما بإقرار تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية أو رفضه.
وأوضح علي، في تصريحات صحفية، أن موافقة المحكمة على الاتفاقية تعني الاعتراف بها، بينما رفضها سيجعل أمام الحكومة خياران؛ فإما أن ترفع منازعة جديدة على حكم المحكمة الإدارية العليا (أعلى محكمة للطعون الإدارية)، كون المنازعتين السابقتين كانتا على حكم محكمة القضاء الإداري (درجة تقاضي أقل)، أو تقوم بتعديل الطلبات التي شملتهما المنازعتين المقدمتين إلى المحكمة الدستورية العليا.
– تصويت برلماني
أما المسار الثاني، وفق المحامي الحقوقي المصري، فهو تصويت مجلس النواب المصري لصالح الاتفاقية، وبالتالي تتحول إلى اتفاقية معترف بها.
وأعلن “علي” أنه في حال موافقة البرلمان على الاتفاقية سيتم الطعن عليها أمام القضاء الإداري، والمطالبة بإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للبت في مخالفتها لنصوص الدستور المصري، وفق تقديره.
وبالإجماع، أقر مجلس الشورى السعودي (البرلمان)، في 25 أبريل/نيسان 2016، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر، ويلزم أن يصادق عليها مجلس النواب المصري لتصبح نهائية وسارية.
وتتجه العلاقات بين مصر والسعودية نحو التحسن، بعد أن شهدت أزمة مكتوبة، رافقها تراشق إعلامي؛ بسبب خلافات بين البلدين بشأن ملفات عدة، منها تبعية جزيرتي تيران وصنافير، إضافة إلى الموقف من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي تدعو الرياض إلى تنحيه عن السلطة.
وكالات