أعلنت حركة طالبان التي تسيطر على أفغانستان مؤخرا، أنها وسعت برنامجها الجديد “الغذاء مقابل العمل” لاستخدام القمح الذي تحصل عليه من التبرعات الأممية لدفع رواتب عشرات الآلاف من العاملين في القطاع العام، في خظوة ليست مستغربة على المتطرفين الذين أحكموا السيطرة على موارد البلاد وتوقف الدعم المقدم من داعمي الحكومة أشرف غني المعزولة.
وعاشت أفغانستان تحت احتلال حلف الناتو، سنوات من الاعتماد العسكري والاقتصادي على الداعمين الأجانب، ومنذ رحيلهم تعيش البلاد أزمات إنسانية ومعيشية واسعة، وصلت إلى حد طلب الأمم المتحدة دعم مالي قدر بـ5 مليارات دولار كمساعدات إنسانية للأفغان، حيث أن العام الجديد يتطلب دعما غير مسبوقا لدولة واحدة، لأن أكثر من سكان البلاد بحاجة للمساعدات.
وكان إعلان الحركة مؤخرا عن تقديم القمخ إلى موظفي الحكومة الذين لم يتقاضوا رواتبهم لشهرين على الأقل، كراتب نظير عملهم، وسط أزمة مالية تجتاح البلاد، وقد يدفع المانحين لمساءلة طالبان حول استخدام المساعدات الإنسانية لتمويل حكومتها، الأمر الذي قد يوقف جزءا غير صغير من تلك المساعدات وسط حالة من فرض إجراءت صارمة على الأموال التي تصل إلى أفغانستان.
تلك المساعدات بالأصل بقيت مستمرة حتى بعد استيلاء الحركة على السلطة حيث تحاول حكومات غربية حماية الملايين من خطر الجوع، أو انهيار البلاد تماما، ولكن المساعدات المطلوبة تهدف لتجاوز الحكومة الأفغانية ويتم توزيعها من جانب المنظمات الدولية.
ووفقا لمصادر محلية عاملة في الزراعة فإن حركة طالبان الآن تستخدم القمح الذي تبرعت به الهند للحكومة الأفغانية السابقة التي كانت مدعومة أميركيا لدفع رواتب 40 ألف موظف حكومي ويحصل كل عامل على 10 كيلو جرامات يوميا من هذا القمح نظير عمله.
وأضافوا ان البرنامج الذي كان يستخدم في الغالب لدفع أجور العمال في العاصمة كابل سيتم توسيعه في جميع أنحاء البلاد، في الوقت الذي أعلن فيه نائب وزير الإدارة والمالية بوزارة الزراعة الأفغانية فاضل باري فضلي، أن طالبان تسلم 18 طنا من القمح من باكستان مع وعد بالحصول على 37 طنا أخرى وتجري محادثات مع الهند للحصول على 55 طنا من القمح، لكنه لم يذكر مقدار القمح الذي تم التبرع به حديثا والذي يمكن استخدامه لدفع رواتب العمال ومقدار ما سيتم توزيعه كمساعدات وليس كمقاضية على العمل.
من جهتها أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أنها تنوي تقديم 308 ملايين دولار اخرى كمساعدات للشعب الأفغاني، لتصل قيمة المساعدات الإنسانية للأفغان في البلاد واللاجئين منهم في المنطقة إلى ما يقارب 782 مليون دولار منذ اكتوبر، وقال البيت الأبيض أن المساعدات تهدف إلى تخفيف المعاناة التي يسببها وباء كورونا والجفاف وسوء التغذية وموسم الشتاء.
ووفقا لتقارير فإن المالية العامة لأفغانستان شبه تكون انهارت بسبب العقوبات المفروضة على أعضاء الحركة وتجميد أصول البنك المركزي وتعليق المساعدات الخارجية التي دعمت الاقتصاد حتى العام الماضي.
وعلى خلفية ذلك خرجت نداءات الأمم المتحدة لتقديم 4.4 مليار دولار من المساعدات للأفغان للعام الجديد بمستويات غير مسبوقة من الاحتياجات بين المواطنين العادييين حيث ان حوالي 24.4 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية أي أكثر من نصف السكان.
يأتي ذلك بالإضافة إلى أزمات عانت منها البلاد، في خضم واحدة من اسوأ حالات الجفاف في البلاد منذ سنوات طويلة، وقد لجأت الحركة لعدة أنشطة من بينها إعادة فتح مواقع أثرية دمرتها في السابق لجني الأموال إلا أنها لا تبدو كافية خاصة وأن السياح لن يأمنوا الدخول إلى البلاد في ظل سيطرة الحركة المنطرفة على الولايات الأفغانية بقوة السلاح.
ووسط ضعف الإمكانيات والموارد المالية فإن أفغانستان تفتقر لإدارة الموارد بشكل جيد كما تفتقر لنظام مصرفي محكم، ولا تعني إقامته أنه سيكون خاليا من الفساد، في الوقت الذي لا يعتقد المراقبون أن الحركة المسلحة بإمكانيها إدارة سليمة للبلاد، في ظل إجراءاتها المتبعة مؤخرا التي تعطي الأولوية لفرض أفكارها المتشددة على البلاد بدلا من التركيز على المشكلات الاقتصادية للبلاد.
موضوعات تهمك: