بحسب بعض الخبراء، لا تبدو إسرائيل مهتمة كثيراً بالتعاون مع تركيا في مجال الطاقة.
الخطة تواجه تشكيكاً إسرائيلياً على خلفية التوتر الدبلوماسي وتبدو أشبه بحلم بعيد المنال برأي خبراء نظراً لتعقيداتها اللوجستية وكلفتها.
يمر مشروع خط الأنابيب عبر مياه متنازع عليها شرق المتوسط، وهي منطقة تثير خلافات بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى.
ما زالت المسائل الاقتصادية الأساسية المرتبطة بخط الأنابيب بين تركيا وإسرائيل تثير تساؤلات، لكن الغاز الطبيعي المسال خيار مرغوب أكثر وأقل تكلفة.
أعرب أردوغان عن استعداده “للتعاون مع إسرائيل بمجال الطاقة ومشاريع أمن الطاقة” مع احتمال نقل “الغاز الإسرائيلي” لأوروبا عبر تركيا بينما تثير حرب أوكرانيا مخاوف حول الإمدادات.
“العلاقات بمجال الطاقة تقام بين دول متعاونة وتربطها ثقة متبادلة وليس بالطريقة التي يمكن من خلالها وصف الديناميات الحالية بين البلدين”.. و”هناك أشخاص في إسرائيل يشيرون إلى أن أردوغان طرف لا يمكن الوثوق به”.
* * *
تبدو تركيا مستعدة للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة بعد سنوات من العداء عبر إعادة إحياء مشروع لإيصال “الغاز الإسرائيلي” إلى أوروبا في وقت تسعى أنقرة لخفض اعتمادها على روسيا.
لكن الخطة تواجه تشكيكاً إسرائيلياً على خلفية التوتر الدبلوماسي وتبدو أشبه بحلم بعيد المنال برأي الخبراء نظراً إلى تعقيداتها اللوجستية وكلفتها.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن استعداده “للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة ومشاريع أمن الطاقة” مع احتمال نقل “الغاز الإسرائيلي” إلى أوروبا عبر تركيا في وقت تثير الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن الإمدادات.
وقال أردوغان في مارس/آذار، “لدى تركيا الخبرة والقدرة على تطبيق مشاريع كهذه. أظهرت التطورات الأخيرة في منطقتنا مجدداً أهمية أمن الطاقة”.
وأجرى الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ زيارة تاريخية إلى أنقرة في مارس/آذار لبناء علاقات مع نظيره التركي وأعلن الزعيمان حينذاك عن حقبة جديدة بعد قطيعة دبلوماسية استمرت لأكثر من عقد.
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إسرائيل الأربعاء. كما يتوقع أن يتوجّه وزير الطاقة التركي فاتح دونماز إلى الدولة العبرية أيضاً، لكن لم يتضح بعد إن كان سيرافق تشاوش أوغلو. وبحسب بعض الخبراء، لا تبدو إسرائيل مهتمة كثيراً بالتعاون مع تركيا في مجال الطاقة.
وقال غابي ميتشل من معهد “ميتفيم” في إسرائيل لفرانس برس، إن “العلاقات في مجال الطاقة تقام بين دول متعاونة وتربطها ثقة متبادلة وبالتأكيد ليس بالطريقة التي يمكن من خلالها وصف الديناميات الحالية بين البلدين”. وأكد “هناك أشخاص في إسرائيل يشيرون إلى أن أردوغان طرف لا يمكن الوثوق به”.
ويُعرف الرئيس التركي بتصريحاته الغاضبة حيال الدولة العبرية، خصوصاً بشأن سياستها تجاه الفلسطينيين. وكانت تركيا المنضوية في حلف شمال الأطلسي حليفاً رئيسيا لإسرائيل في العالم الإسلامي حتى أزمة عام 2010 عندما قتل عشرة مدنيين أتراك في هجوم إسرائيلي استهدف سفينة كانت تسعى لخرق الحصار المفروض على قطاع غزة.
وفي عام 2016، اتفق البلدان على بدء دراسة جدوى بناء خط أنابيب تحت البحر لضخ “الغاز الإسرائيلي” إلى المستهلكين الأتراك ومن ثم إلى أوروبا، ولكن لم يتحقق أي تقدّم في ظل التوتر بين الطرفين، في وقت يسوّق إردوغان نفسه على أنه المدافع الأبرز عن القضية الفلسطينية ويدعم حركة حماس.
لكن إردوغان تجنّب توجيه انتقادات للدولة العبرية في الأشهر الأخيرة واكتفى بالتعبير عن حزنه حيال أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين في باحة المسجد الأقصى، وذلك في اتصال هاتفي مع هرتسوغ في إبريل/نيسان الماضي.
ويمر مشروع خط الأنابيب عبر مياه متنازع عليها في شرق المتوسط، وهي منطقة تثير خلافات عادة بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى.
من جانبه قال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية آرون شتاين لوكالة فرانس برس “لم يبدُ لي يوماً أن مشروع الغاز بين تركيا وإسرائيل عملي”.
وأضاف “تعود فكرة المشروع لتطرح مع كل تحسن يطرأ على العلاقات، لكن المسائل اللوجستية التي يحتاجها تحويله من حلم إلى حقيقة معقّدة وباهظة التكلفة”. في ذات الصدد، ذكرت تقارير إعلامية أن خط الأنابيب من الحقول الإسرائيلية إلى تركيا قد يكلّف 1,5 مليار دولار.
وتعتمد أنقرة إلى حد كبير على روسيا في وارداتها من الطاقة، إذ غطت مصادر روسية 45 في المئة من طلبها من الغاز العام الماضي، فيما تبدو عازمة على تنويع إمداداتها وتضع موارد إسرائيل النامية نصب عينيها.
وتستورد تركيا الغاز الطبيعي بواسطة خطوط أنابيب من روسيا وأذربيجان وإيران. كما تشتري الغاز الطبيعي المسال من جهات بينها قطر ونيجيريا والجزائر والولايات المتحدة. وقال خبير الطاقة نجدت بامير من “جامعة قبرص الدولية”، إن “عبور خط أنابيب غاز في جنوب تركيا يعد منطقياً من الناحية النظرية”.
واستهلكت تركيا 48 مليار متر مكعّب من الغاز عام 2020. ووصلت هذه الكمية إلى 60 ملياراً في 2021، ويقدّر بأن تبلغ ما بين 62 و63 مليار متر مكعب من الغاز هذا العام، بحسب بامير. وأكد “نحتاج إلى موارد غاز بديلة وتصب الاتفاقيات الجديدة في مصلحة تركيا، ما دامت الظروف ناضجة، بما في ذلك التمويل”.
وعاد الخيار التركي إلى الواجهة، خصوصاً بعدما تجاهلت الولايات المتحدة خط أنابيب في شرق المتوسط يهدف لنقل الغاز الطبيعي من المياه الإسرائيلية إلى أوروبا عبر قبرص واليونان واستثنى هذا المشروع تركيا.
وترى تركيا مشروع الغاز مع إسرائيل أكثر عملية من خط أنابيب شرق المتوسط رغم التحديات. وقال مسؤول تركي لفرانس برس “ليس مشروعاً يبدأ اليوم وينتهي غداً”. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته “إنه صعب، ولكنه منطقي وعملي، خصوصاً بالمقارنة مع (مشروع) شرق المتوسط الذي تقوده اليونان”.
وفي حين ما زالت المسائل الاقتصادية الأساسية المرتبطة بخط الأنابيب بين تركيا وإسرائيل تثير تساؤلات، يشير بعض الخبراء إلى أن الغاز الطبيعي المسال خيار مرغوب أكثر وأقل تكلفة.
وقال شتاين “بعيداً عن السياسة وقضية قبرص، تعد محطات الغاز الطبيعي المسال البرية منطقية أكثر من الناحية المالية وأقل تعقيداً من الناحية السياسية”.
المصدر: فرانس برس
موضوعات تهمك: