رغم الأوضاع الأمنية والقمع العنيف الذي يواجه به معارضو حكم الرئيس السوري بشار الأسد، يصر نشطاء على مواجهة الإعلام السوري بآخر مضاد في تجربة هي الأولى من نوعها منذ عقود.
ولعل هذا ما دفع بعض السوريين في مناطق عدة من البلد إلى انشاء صحف ومجلات وإذاعات محلية، بإمكانات متواضعة في ظل التضييق الأمني.
ففي ريف دمشق أصدرت جريدة “عنب بلدي” في عددها الخامس عشر، “رغم الخطورة الأمنية التي يواجهها العاملون في الجريدة والتي تصل حد القتل، حيث تصنف السلطات الأمنية النشاطات الإعلامية للمعارضة، بمثابة جريمة تتعدى التظاهر بحد ذاته”.
وتحاول الصحيفة تغطية الأحداث الجارية في سوريا وتوثيقها من وجهة نظر الثورة، متضمنة تحاليل ومقالات رأي لمعارضين بارزين في بعض الأحيان.
إلى ذلك، أكد رئيس تحرير الجريدة الأسبوعية، أنها تواجه صعوبة كبيرة في طبعها، وتوزيعها في ظل الظروف الأمنية والتضييق على المعارضين. وأوضح أن عدد نسخ الجريدة تبلغ حوالي 600 نسخة توزع في منطقة داريا ومناطق أخرى بريف دمشق، وقد تصل بعض الأعداد إلى قلب العاصمة حسب زعمه.
كما أكد أن تمويل الجريدة يأتي بجهد شخصي من القائمين عليها، دون أن تكون لهم أهداف حزبية أو سياسية غير السعي للإطاحة بنظام الأسد. وفي الزبداني توزع مجلة “أوكسجين” التي تطبع بأدوات مكتبية ومطابع بسيطة، لتنتقض النظام السوري وأجهزته الأمنية. كما تعيش مختلف المدن السورية تجارب مشابهة، تطورت إلى إنشاء إذاعات تبث عبر الانترنت من داخل البلاد.
وصرح أحد القائمين على إذاعة صوت الحرية التي تبث من داخل سوريا عبر الانترنت، أن بثهم يتضمن نشرات أخبار وملخصات أسبوعية لأحداث بلادهم، وأغاني للثورة وبعض البرامج الحوارية البسيطة.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب السوري إياد شربجي، “إن الثورة فتحت آفاقاً جديدة للإعلام السوري الميت سريرياً منذ نصف قرن” معتبراً أن سيطرة النظام على وسائل الإعلام وتغييب الحقائق عما يجري على الأرض خلال قمعه الثورة، أبرز الحاجة لوجود إعلام بديل يقوم بمهمة إيصال الحقائق للعالم.
وأضاف أن النشطاء بدأوا بنشر الفيديوهات ثم الصفحات الإخبارية على فيسبوك. وأن الخبرة التي تراكمت خلال أشهر واضطلاعهم على وسائل وأدوات الصحافة من خلال الانترنت والكتب المتخصصة، دفعتهم لممارسة العمل الصحفي باحترافية أكبر وبدأت تخرج الصحف والإذاعات وحتى التلفزيونات.
ونوه إلى أن القائمين على هذه الأعمال جلّهم من النشطاء، ممن لم يدرسوا الصحافة كتخصص علمي، لكنهم استطاعوا سريعاً حرق المراحل. وأشار إلى أنه بعد تشكيل الهيئة الإدارية المنتخبة لرابطة الصحافيين السوريين المستقلة التي يشغل عضوا فيها، أحدثوا لجنة متخصصة بهذا النوع من الإعلام أسموها الإعلام البديل، وأنها ستقوم بالتواصل مع العاملين على هذه المشاريع وضمهم إلى الرابطة وتزويدهم بالخبرات والأدوات اللازمة لتطوير عملهم.