قوى القهر والاضطهاد والاستلاب لهذا الاحتلال الأسوأ في التاريخ ترسخ كل يوم معادلة طردية بين شيخوخة المحتل وشباب المقاوم.
احتمالات انتفاضة ثالثة تتقدمها الشرائح العمرية الشابة تحديداً ستستهدي بدروس الماضي من حيث تطوير النجاحات وتفادي الإخفاقات.
تزايد مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من توطيد المقاومة وتحولها لظاهرة يومية بعيدة المدى، على أكثر من مستوى واحد ينذر بالأخطار الجدية.
وضع الاحتلال الشباب الفلسطيني أمام خيار المقاومة الوحيد الصانع للكرامة الإنسانية والرجولة إزاء انسداد آفاق التعليم والعمل والإبداع والتنمية الفردية والاجتماعية.
تجتذب أنشطة المقاومة الشعبية الفئات الشابة من شرائح عمرية بين 19 و30 سنة، أي الذين لم يشهدوا الانتفاضة الأولى لسنة 1987 ولا الانتفاضة الثانية سنة 2000.
كلما أمعن الاحتلال في استباحة الدم والتصفيات الميدانية والتنكيل والاقتحام والهدم والحصار، تصاعدت المقاومة واتساع نطاقها وانخراط أجيال شابة في المواجهة مع جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.
* * *
تترسخ كل يوم معادلة فلسطين الطردية بين إمعان الاحتلال الإسرائيلي في استباحة الدم الفلسطيني والتصفيات الميدانية وممارسات التنكيل والاقتحام والهدم والحصار، وبين تصاعد أعمال المقاومة الشعبية الفلسطينية واتساع نطاقها وانخراط أجيال شابة في أشكال متنوعة من المواجهة مع جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.
وينقل الإعلام الإسرائيلي تقارير متعاقبة عن تزايد مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من توطيد هذه المعادلة وتحولها تدريجياً إلى ظاهرة يومية وبعيدة المدى في آن معاً، وذلك على أكثر من مستوى واحد ينذر بالأخطار الجدية.
ففي مستوى أول تتميز أنشطة المقاومة الشعبية الفلسطينية الراهنة بأنها تجتذب الفئات الشابة من شرائح عمرية تتراوح بين 19 و30 سنة، أي أولئك الذين لم يعاصروا الانتفاضة الأولى لسنة 1987 ولا الانتفاضة الثانية سنة 2000.
وبالتالي فإن أساليبهم النضالية تستجمع أفضل ما أورثت الانتفاضتان سواء على أصعدة سلمية أم أخرى مسلحة، فضلاً عن طرائق تشكيل الشبكات الميدانية التي تعززت مع وسائل التواصل الاجتماعي المتقدمة.
ويمكن الافتراض بالتالي أن احتمالات انتفاضة ثالثة تتقدمها هذه الشرائح العمرية تحديداً سوف تستهدي بدروس الماضي من حيث تطوير النجاحات وتفادي الإخفاقات.
وفي مستوى ثانٍ لا يقل أهمية وإثارة لذعر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، نجحت أعمال هذه المقاومة الشابة في الإسقاط المنهجي لخرافات تشطير فلسطين التاريخية المحتلة إلى خطوط وأقسام.
فبات الحديث عن الخط الأخضر أقرب إلى اصطلاح لفظي لا معنى له على أرض الواقع بعد التحام مواجهات اللد وحيفا والنقب مع صدامات القدس وجنين ونابلس، وما فرضته اتفاقيات أوسلو من تقسيمات (أ) و(ب) و(ج) لم تبطله انتهاكات الاحتلال والتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي فقط، بل تكفلت مثابرة المقاومين الفلسطينيين في مسحه تباعاً عن الخرائط وعلى الخطوط والأقسام كافة.
في مستوى ثالث، لا يلوح أن هذه الفئات الفلسطينية الشابة خضعت، أو هي تخضع حالياً، للكثير من الكوابح التنظيمية والحزبية التي يمكن أن تنجم عن انتمائها إلى هذه أو تلك من كتلة المنظمات والفصائل والحركات والأحزاب الفلسطينية التقليدية، مما أكسبها ويكسبها مرونة عالية في القرار وتلقائية أكبر في الفعل.
وعلى عكس ما قد يبدو للوهلة الأولى، فإن هذه السمة تفزع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي تملك رصيداً متراكماً من الخبرة في التعامل مع أشكال التنظيم السياسي والفصائلي الفلسطيني المعروفة، وغياب مثل ذلك الرصيد بالنسبة إلى حراك الشباب الفلسطيني المقاوم لا يمنحه أسبقية على الاحتلال فقط، بل يزوده أيضاً بقسط حيوي من الاستقلالية الذاتية وروح المبادرة.
ويبقى مستوى رابع لا يمكن لأي احتلال إلا أن يسهم مباشرة في تغذيته ومضاعفة عواقبه، وهو وضع الفلسطيني الشاب أمام خيار المقاومة بوصفه الوحيد الصانع للكرامة الإنسانية وحس الرجولة، إزاء انسداد آفاق التعليم والعمل والإبداع والتنمية الفردية والوطنية والاجتماعية.
فكيف إذا كانت قوى القهر والاضطهاد والاستلاب من طراز احتلال إسرائيلي هو الأسوأ على مدار التاريخ، وكيف إذا صارت تترسخ كل يوم معادلة طردية بين شيخوخة المحتل وشباب المقاوم.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك:
قلق إسرائيلي من تعاظم خلايا المقاومة المحلية في الضفة الغربية