سوق كوشنر التي تبيع الأوهام بالمليارات
- الآمر بتصفية خاشقجي بالمنشار لا يستبعد منه أن يشتري أوهام كوشنر بالمليارات، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني أولاً.
- الرهان الأمريكي على نجاح كوشنر في استنزاف مليارات الرياض وأبوظبي يستغل تكالبهما على إفشال جهود قطر في تنمية غزة.
* * *
يباشر جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، جولة ثانية تشمل زيارة سلطنة عمان والبحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وذلك لإطلاع المسؤولين في هذه الدول على الشق الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية التي باتت تُعرف باسم «صفقة القرن».
وإلى جانب كوشنر وجيسون غرينبلات مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، يضم الوفد بريان هوكس ممثل وزارة الخارجية الخاصّ للشؤون الإيرانية، وهذا يسبغ على الجولة صفة أعرض تتجاوز غرضها الاقتصادي المعلن وتشمل بالتالي جهود واشنطن للتعبئة الإقليمية ضد طهران.
اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب
ورغم أنّ البيت الأبيض يواصل التكتم حول المكونات الاقتصادية لخطة السلام التي طال انتظارها، فإن المقدار الأدنى من المنطق يقود إلى خلاصة بسيطة مفادها:
– استحالة فصل الاقتصاد عن السياسة من جانب أول،
– وما إذا كانت الدول المعنية مستعدة أصلاً لتمويل متطلبات الخطة الاقتصادية حين تكون أرضيتها السياسية غير واضحة أو مجهولة من جانب آخر.
ولا يحتاج المراقبون إلى هذا أو ذاك من تسريبات الخطة المنتظرة لكي يرجحوا أنها تميل تماماً إلى صفّ دولة الاحتلال الإسرائيلي في ثلاثة ملفات حاسمة على الأقل، تخص وضعية مدينة القدس وحل الدولتين وحق العودة.
ومع ذلك فإنه ليس مستبعداً أن يباشر جاريد جولته متسلحاً بمقاربة الرئيس الأمريكي نفسه حول «حَلْب» السعودية والإمارات بصفة خاصة، وإجبارهما على التعهد بتمويل سلسلة من المشاريع التي يعتبر مهندسو «صفقة القرن» أنها كفيلة بتسريع العملية السياسية واستئناف المفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية والتوصل إلى تسوية نهائية للصراع.
اقرأ/ي أيضا: فى مواجهة التهويد العنصرى للقضاء على الحضارة الفلسطينية
لقد باتت معروفة تفاصيل بعض تلك المشاريع، وفي عدادها إنشاء «منطقة حرة» في سيناء المصرية تقع على الحدود بين قطاع غزة ومدينة العريش المصرية، وإقامة محطة لتوليد الكهرباء اعتماداً على الطاقة الشمسية، وإطلاق مناطق صناعية مختلفة تتكفل بتشغيل آلاف العاطلين عن العمل، فضلاً عن الوعد بإعادة تفعيل ميناء غزة ومطارها الدولي.
في عبارة أخرى يقوم الشطر الاقتصادي من «صفقة القرن» على تجزئة الحق الفلسطيني الواحد والموحد إلى جزء سياسي خاص بالضفة الغربية يتضمن طي صفحة «قضايا الحل النهائي» والاكتفاء بكيان منزوع السلاح لا تنطبق عليه أيّ من صفات الدولة المستقلة، وجزء اقتصادي خاص بقطاع غزة قوامه إلهاء الفلسطينيين بالأشغال والوظائف ومغانم الاستثمارات مقابل إخماد روح الصمود والمقاومة.
وبهذا المعنى فإن قسطاً من الرهان الأمريكي على نجاح كوشنر في مهمة استنزاف المليارات من الرياض وأبو ظبي إنما ينطلق من استغلال تكالب العاصمتين على إفشال الجهود التي تبذلها دولة قطر في سبيل تنمية القطاع اقتصادياً ومعاشياً وتخفيف المصاعب الهائلة التي يعيشها أهل غزة جراء الحصار الإسرائيلي.
اقرأ/ي أيضا: عباس وخطاب الهزيمة.. تجريب المجرّب وموقف القبيلة
ومن المفارقات الكبرى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو أكبر المتحمسين لهذه المشاريع، وفي طليعة مساندي كوشنر وخططه في المنطقة بأسرها، رغم أن ما رشح من تفاصيل «صفقة القرن» يسير على نقيض تام مع مبادرة الملك عبد الله الشهيرة التي طُرحت في قمّة بيروت العربية لسنة 2002.
لكن الأزمنة تبدلت بالطبع، والآمر بتصفية صحافي معارض باستخدام المنشار ليس كثيراً عليه أن يشتري أوهام كوشنر بالمليارات، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني أولاً.
المصدر: القدس العربي – لندن
عذراً التعليقات مغلقة