بقلم: فايز سارة
لا تبدو فكرة احتمالات الحرب الخارجية بعيدة بالنسبة لسوريا، خاصة أن البلاد تعيش أجواء حرب داخلية منذ عام ونصف، لم تهدأ فيها أدوات الحرب من الجنود والمدافع والدبابات والطائرات، ولم تتوقف حركتها في مختلف الأنحاء السورية، وقد أصابت بدمارها مدنا وقرى وبلدات، قتلت وجرحت آلافا، ودمرت بنيات تحتية وممتلكات عامة وخاصة، بما فيها بيوت ومصادر عيش مئات آلاف العائلات، وشردت نحو ثلاثة ملايين نسمة داخل البلاد وخارجها.
وسط تلك النتائج من الحرب في الداخل السوري، تبدو احتمالات الحرب الخارجية كبيرة بل متصاعدة، نتيجة انعكاسات ما يحصل في سوريا على المحيطين الإقليمي والدولي، حيث تتوالى التأثيرات في تصاعدها الإقليمي كما هو الحال بين سوريا وتركيا، وبين سوريا والأردن، فيما تزداد العلاقات حساسية بين سوريا ولبنان، وتتكثف في الوقت ذاته جهود دولية لحشد تأييد لقرارات من مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع الذي يعني استخدام القوة، بما فيها التدخل العسكري المباشر لمعالجة الأزمة في سوريا، فيما تجري دعوات من جانب بعض الدول لتدخل عسكري دولي خارج مجلس الأمن الدولي نتيجة الموقفين الروسي والصيني في مجلس الأمن.
وإذا كان التدخل العسكري الدولي عبر مجلس الأمن الدولي أو من خارجه، يمكن أن يجلب حربا على سوريا نتيجة سياسات النظام واعتماده الحل الأمني العسكري في معالجة الأوضاع السورية، وما تسبب فيه من نتائج كارثية، سوف يقع على المجتمع الدولي تحمل البعض من تبعاتها، فإن بعضا من نتائج ما جرى في سوريا وتداعياته على دول الجوار يمكن أن يدفع إلى حرب مع تركيا وربما مع الأردن، نتيجة ما يتحملانه من تبعات، أقلها تحمل كل منهما عبئا كبيرا في قضية النازحين السوريين، إضافة لما شهدته حدود البلدين البرية مع سوريا من تماسات أمنية وعسكرية وحشود توحي باحتمال نشوب صراع مسلح.
وعلى الرغم من تقارب الوضعين الأردني والتركي في العلاقة مع سوريا فيما يتصل باحتمال الحرب، فإن الوضع التركي أكثر حساسية واحتمالا للانفجار، ذلك أن الأتراك اتخذوا موقفا معارضا بقوة للسياسة السورية حيال الأزمة، وأعلنوا تأييدهم للثورة، وفتحوا أبواب تركيا أمام المعارضة، بما في ذلك الجيش الحر، بينما شددت السلطات السورية على اتهام تركيا بإدخال الأسلحة وعناصر مسلحة وأصولية من جنسيات مختلفة عبر أراضيها إلى سوريا، وقامت من جانبها بتنشيط علاقاتها مع المعارضة التركية، وقد تحدثت مصادر تركية عن دور سوري في إحياء وتعزيز نشاطات حزب العمال الكردستاني (PKK) والجيش الأرمني السري (اسالا)، وكلاهما حركة تمرد عسكري في تركيا، ولها علاقات قديمة وقوية مع السلطات السورية، كما أشارت المصادر التركية إلى تدخلات سورية في صفوف الأقلية من المسلمين العلويين الأتراك لتحريضهم ضد الحكومة التركية وفي مواجهة اللاجئين السوريين في تركيا.
إن المعطيات الأخيرة، إذا أضيفت إلى سابقاتها بما كان من احتكاكات عسكرية سورية – تركية قبل وبعد سقوط الطائرة التركية من قبل الدفاعات السورية، إضافة إلى قيام الطرفين بحشد قوات منوعة واستنفار على جانبي الحدود، تؤكد أن احتمالات حرب تركية – سورية تلوح في الأفق القريب، وربما هي بحاجة فقط إلى إشارة ما تصل الأتراك للبدء في الحرب، وقد تأتي الإشارة من جانب حلفاء تركيا الأطلسيين، وقد تكون ناتج تقديرهم ومعلومات تراكمت لديهم، أن الجيش السوري أعجز من أن يقابلهم بعد أن استهلك قوته في حربه الداخلية، وفي ظل واحدة من الإشارتين قد تندلع الحرب على الحدود التركية – السورية.