سوريا: هل يحل فتح المعابر الحدودية مشكلة النظام؟!
- معظم المسؤولين الإسرائيليين أثنوا على الأسد ونظامه، وأبدوا دعماً صريحاً لبقائه في السلطة.
- قدرة العراق ولبنان على مد النظام بـ«شرعية» خارجية منعدمة رغم سيطرته على معظم المناطق.
- ستمارس روسيا ضغوطا دولية لتجديد الاعتراف بالنظام لكن التطورات لا تسير وفق هذا السيناريو!
- لا ترى روسيا تأهيل النظام متحققاً إلا بإطلاق إعادة الإعمار وهنا تحتاج التمويل الغربي.
- الحل السياسي لدى موسكو ودمشق باستمرار نظام الأسد وعقوبات دولية لا يشجع الغرب على الاستثمار.
* * *
بقلم: عبد الوهاب بدرخان
قبل أسبوع، أُعيد فتح معبر نصيب – جابر الحدودي بين سوريا والأردن، كذلك منفذ القنيطرة بين سوريا ومنطقة الجولان الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وفي اليوم نفسه التقى وزيرا الخارجية العراقي والسوري في دمشق، وأشار الأخير إلى فتح وشيك لمعبر بوكمال بين البلدين.
وليست هناك معلومات عن المعابر مع تركيا التي تشكّل المنفذ الوحيد لسكان الشمال إلى الخارج. أما بالنسبة إلى لبنان، فإن الحدود مع سوريا لم تغلق في أي وقت، ولا يزال متنفّسا وحيدا لسكان مناطق سيطرة نظام دمشق في الوسط والجنوب والساحل.
لكلٍّ من الدول الخمس المحيطة بسوريا ومعابرها الحدودية وضع خاص، ترتب على أساس موقفها من الأزمة الممتدة منذ ثمانية أعوام.
وقد لعب تحالف النظامين السوري والإيراني دوراً في تفعيل النفوذ السياسي لإيران في العراق ولبنان، ما حال دون اتخاذهما موقفاً مناوئاً لنظام بشار الأسد.
لكن قدرتهما على مده بـ«شرعية» خارجية تبدو محدودة بل منعدمة منذ استعادته السيطرة على معظم المناطق باستثناء الشمال السوري، وبروز حاجته إلى قبول دولي.
ومع أن الأردن حافظ على حدٍ أدنى من العلاقة والتواصل الاستخباري مع هذا النظام، فإنه رفض إرسال وزير إلى دمشق للاتفاق على إجراءات فتح المعبر، رغم إلحاح الجانب السوري. أي أن عمّان لا تعتبر هذه الخطوة تطبيعاً سياسياً مع النظام.
وفي حال الجولان فإن عودة القوات الدولية لحفظ السلام ووجود وحدات من الشرطة الروسية على الحدود استوجبا إعادة فتحها، بالإضافة أيضاً إلى إتاحة التواصل بين عائلات من الطائفة الدرزية موزّعة بين الداخل السوري والجولان.
لكن يجدر التذكير بأن معظم المسؤولين الإسرائيليين أثنوا على الأسد ونظامه، وأبدوا دعماً صريحاً لبقائه في السلطة.
لا مشكلة بين بغداد ودمشق تمنع إعادة فتح أحد المعابر الثلاثة بين البلدَين، وهو معبر بوكمال، فالاثنان الآخران أغلق الأميركيون أحدهما بعدما حاولت ميليشيات إيرانية استخدامه للعبور إلى دمشق، وتسيطر القوات الكردية على الثاني في الشمال الشرقي.
لكن الأميركيين يشترطون رقابة صارمة على بوكمال لئلا يكون منفذاً لفتح «ممر طهران – بيروت». وبالتالي يتطلب فتحه التزاماً من الجانب العراقي بعدم اقتراب الإيرانيين من الحدود، فضلاً عن التزام روسي من الجانب السوري.
لكن عقدة العقد تكمن في المعابر مع تركيا، وهي موزّعة بين الأكراد شرقاً وتركيا نفسها في الوسط والغرب، ومع أن روسيا تعتبر أن سوتشي الأخير مع تركيا لا يحول دون استعادة النظام محافظة إدلب، فإنها تؤجّل الحديث عن المعابر الحدودية.
من الواضح أن النظام اعتقد من جهة أن استعادته السيطرة تفرض أمراً واقعاً على الدول كافة لاستئناف التعامل معه. من جهة أخرى، وفي أسوأ الأحوال، ستتكفل روسيا بممارسة ضغوط دولية لتجديد الاعتراف بالنظام، غير أن التطورات الراهنة لا تبدو سائرة وفقاً لهذا السيناريو!
فالتقارب الروسي – الأميركي لم يتم، والمسألة الأوكرانية لا تزال محبطة لأي تقارب روسي – أوروبي، لكن موسكو – التي تريد إنهاء الحرب في سوريا- لا ترى هذا الهدف محققاً إلا بإطلاق ورشة إعادة الإعمار، وهي تحتاج في هذا المجال إلى التمويل الغربي.
ودول الغرب ربطت التمويل بالحل السياسي، لكن الحل الذي تتصوره موسكو ودمشق -بوجود الأسد ومنظومته الأمنية- فضلاً عن العقوبات الدولية، لا يشجع أية دولة على الاستثمار في سوريا.
* عبد الوهاب بدرخان كاتب وصحفي لبناني
المصدر: «العرب» القطرية